قال يوسف العمراني، المكلف بمهمة بالديوان الملكي، اليوم الاحد، بميونيخ، إن الأمن البشري ظل على الدوام في صلب انشغالات المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس، حيث يحتل العنصر البشري مكانة أساسية في جميع استراتيجيات التنمية التي تم تنفيذها.
وقال العمراني، الذي كان يتحدث خلال مائدة مستديرة في اطار مؤتمر ميونيخ للامن (16-18 فبراير) برئاسة ديفيد ميليباند، كاتب الدولة البريطاني للشؤون الخارجية وشؤون الكمنولث سابقا، بحضور على الخصوص رئيس رواندا، بول كاغامي، وعدد من كبار المسؤولين في المنظمات الدولية المعنية بقضايا التنمية البشرية والأمن، إن “المغرب جعل بشكل مبكر من مكافحة الهشاشة والفقر أولوية من خلال إطلاق الملك محمد السادس في أوائل 2005، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تهدف إلى تأمين شروط حياة كريمة لجميع الفئات الاجتماعية”.
وأوضح العمراني أن هذه المبادرة تشكل “ركيزة المشروع المجتمعي المغربي، المبني في حد ذاته على أسس الديمقراطية السياسية والنجاعة الاقتصادية والتماسك الاجتماعي”، مشيرا إلى أن الامر يتعلق ب”مبادرة طموحة” والتي، وبالإضافة إلى النهوض بالعنصر البشري، تنطلق من هذه الرؤية الشمولية للدولة الحديثة، التي تقوم على قيم التضامن والعدالة الاجتماعية، ولكنها تندرج ايضا في اطار الإصلاحات الأساسية و المشاريع المهيكلة التي انخرطت فيها المملكة .
وأبرز أن العولمة وتطور طبيعة النزاعات والتهديدات العابرة للحدود الوطنية والثورة التكنولوجية تجعل الحدود أكثر تعرضا لمخاطر متعددة يمكن أن تكون عواقبها كارثية على امن الأفراد، مشيرا الى انه من بين التهديدات المشتركة ، هناك المخاطر المرتبطة بتغير المناخ وأثرها على الأمن البشري و الغذائي للأفراد، ولكن أيضا على استقرار الدول، والتي تتسبب في التصحر والنزاعات وتدفق الهجرة. وذكر العمراني في هذا الصدد باهتمام المغرب بالقضايا المناخية ومكانتها في السياسات والاستراتيجيات الإنمائية للبلد، والذي تجسد في تنظيم كوب 22 في نوفمبر 2016.
وقال ان كل هذه التهديدات لها عواقب مباشرة على امن الدول مشيرا الى ان “امن الدول والحفاظ على الوحدة الترابية وبناء دول ديمقراطية قوية، تعد شروطا اساسية لضمان الأمن الإنساني ومواجهة الاعتداءات الخارجية “.
وبعد أن لاحظ أن الأمن الإنساني والتنمية البشرية لا يمكن التفكير فيهما بمعزل عن الآخر، من حيث أنهما يعزز كل منهما الآخر ولديهما نفس الهدف المتمثل في تحرير الأفراد من الحاجة والفقر وانعدام الأمن، قال العمراني إن تعزيز التنمية المندمجة ذات البعد الإنساني يجب أن يقوم على ديناميات داخلية تكميلية أخرى، تتمثل في تعزيز المشهد السياسي الذي من شأنه أن يسهم في إقامة إطار ذي مصداقية ومشروعية، يتم فيه التعبير عن تطلعات المواطنين بشكل ديمقراطي، في احترام لدولة القانون، ولكن أيضا إيجاد نماذج جديدة للتنمية تخلق النمو ومناصب الشغل لمكافحة الفقر وعدم تكافؤ الفرص والاقصاء الاجتماعي .
وأضاف العمراني أن الأمن البشري يشمل مجالات أخرى خاصة للوقاية ومكافحة الإرهاب تتطلب مقاربة متعددة القطاعات، مشيرا إلى أن “تفكيك الخطابات الجهادية والوقاية من التطرف أمران أساسيان لتحصين السكان، وخاصة الشباب، ضد نزعات التطرف من خلال تعزيز الإسلام المتسامح والمعتدل، تماشيا مع ثقافتنا الألفية، المنفتحة على العالم، واحترام التنوع الثقافي والديني “.
وشدد العمراني في هذا السياق على أن “التزام المغرب بإصلاح المجال الديني تحت قيادة الملك يشكل عنصرا أساسيا في مكافحة مختلف أشكال التطرف، بالإضافة إلى المقاربة الشمولية ومتعددة الأبعاد التي تذهب من تربية الفرد إلى نشأته الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع “.
ويعد مؤتمر ميونيخ للأمن منتدى سنويا حول السياسة الأمنية الدولية. وهو يجمع مئات من كبار المسؤولين من أكثر من 70 بلدا في جميع أنحاء العالم للنقاش حول التحديات الأمنية الحالية والمستقبلية.