مصطفى الفن
الجميع تحدث عن “الهزيمة النكراء” التي لحقت بتيار الاستوزار داخل لجنة الأنظمة والمساطر بالعدالة والتنمية.
صحافيون وغير صحافيين، مناضلون وغير مناضلين، مهتمون وغير مهتمين، سياسيون وغير سياسيين، ناشطون بالفايسبوك وغير ناشطين..
كل هؤلاء تحدثوا عما جرى بالتفصيل الممل داخل هذه اللجنة التي صارت أشهر من نار على علم فقط لأن أعضاءها كانوا يناقشون المستقبل السياسي لزعيم وطني “سرق” ربما قلوب فئات كثيرة من المغاربة في الوقت الذي سرق سياسيون آخرون المغرب والمغاربة معا.
و”لا يعقل”، كما يقال في الاتحاد الاشتراكي، أن يتحدث الجميع عن هذه القضية إلا أنا.
فمن غير اللائق أن أخرج لوحدي عن هذا “الإجماع” ولا أكتب ولو بضعة أسطر حول عمل لجنة حزبية اتخذت قرارين كان لهما مفعول بهذا الوقع: “القارعة ما القارعة”.
وبالفعل، فقد كان قرار فتح باب إمكانية “التمديد” لبنكيران بمثابة زلزال حقيقي ليس فقط داخل “تيار الاستوزار” بالحزب، بل داخل تيارات أخرى لم تعد تتحمل منسوب “الطهر والمعقول” الذي ضخه الرجل في مؤسسات الدولة.
نعم، إنها ربما “الجريمة” الوحيدة التي ارتكبها بنكيران وقومه في “البيجيدي”: “إنهم يتطهرون”.
عدا ذلك لم أر من عموم هؤلاء الوافدين الجدد على السلطة و”الحكم” أي فساد كبير أو سلوكات سياسية أو دينية تمس باستقرار البلد أو برموز البلد أو بوالد وما ولد.
وأنا أبحث عما لم يخرج إلى العلن من هذا الاجتماع العاصف للجنة الأنظمة والمساطر فلم أجد أي شيء يستحق أن يذكر سوى مضامين مداخلة صفق لها الجميع عدا الوزراء الذين حضروا لأول مرة إلى لجنة مغمورة.
نعم الكل “صفق” بمن فيهم رئيس اللجنة بوبكر الهادي أبو القاسم، الذي قال لصاحبة هذه المداخلة بعد أن “نسي” أن الرميد هو الذي جاء به إلى الحزب: “تبارك الله عليك”.
ولأن هذا المشهد لم يخل من مفارقة ساخرة فقد ضحك الحاضرون وهم يرون كيف أن رئيس لجنة افتتح لقاء بكلمة قال فيها إنه سيكون محايدا في تسيير وإدارة هذا اللقاء فإذا به يخلف وعده وينضم إلى “المصوتين” على التمديد لبنكيران.
أما صاحبة هذه المداخلة التي سرقت الأضواء في لقاء لجنة الأنظمة والمساطر فليست إلا شابة اسمها اعتماد الزاهيدي التي نسيت كل خلافاتها مع بنكيران وراحت تنظم فيه قصائد المديح حتى كادت أن تضعه في خانة “الأنبياء والمرسلين”.
صحيح أني بالغت هنا، لكن فعلت ذلك بقصد أو ربما ب”سوء نية” فقط لأقربكم أكثر مما جاء في مداخلة اعتماد.
فماذا قالت ابنة تمارة وهي تنسف هذه “الإشاعة” التي تتحدث عن الاصطدام بالدولة في حالة التمديد لبنكيران؟
لقد قالت هذه الشابة إن بنكيران هو الذي صالح الحزب مع الدولة وهو الذي كان له الدور الحاسم في عدم الاصطدام معها.
وقالت أيضا إن بنكيران هو من منع على أعضاء الحزب أن يرددوا “عبارة الدولة العميقة” لأن الرجل لا يؤمن بوجود شيء اسمه الدولة العميقة، بل يؤمن بأن البلاد لها رئيس واحد هو جلالة الملك.
ولم تقف اعتماد عند هذا الحد، بل أضافت أيضا: ثم إن بنكيران هو الذي قال عنه رئيس الأحزاب الشعبية في البرلمان الأوربي: المغرب محظوظ لأن فيه شخصية مثل بنكيران.
أكثر من هذا، فقد تابعت اعتماد حديثها لتقول: نحن لا نعرف عن بنكيران إلا أنه ملكي أكثر من الملك وأنه شخصية استثنائية تنضاف إلى العديد من الرجال العظام في هذا الوطن.
أما مسك الختام فهو قول اعتماد وهي تعدد مناقب الزعيم: إن الشوارع المغربية لم تخل من الناس في التاريخ القريب للمغرب إلا في مناسبتين:
المناسبة الأولى كانت بسبب المسلسل المكسيكي “كوادالوبي”، فيما المناسبة الثانية كانت بسبب وصول بنكيران إلى الحكومة وجلسات الشهرية في البرلمان.
وفعلا، أحيانا قد ينتابك إحساس بهذا الذي كان ممكنا أن يقع لولا بنكيران وإسلامه الوسطي المعتدل: كان ممكنا أن يكون الآن معظم وزراء العدالة والتنمية ومعهم مئات شباب الحزب موزعين على السجون المغربية لأنهم لم يعتدلوا إلا بعد أن شيبوا بنكيران، الذي حافظ دائما على اعتداله حتى عندما تشدد إخوانه في أكثر من محطة احتكاك مع الدولة.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…