مصطفى الفن
لامني بعض الأصدقاء لأني كتبت في وقت سابق على هذا الحائط إننا أصبحنا نترحم على زمن العمدة السابق للدار البيضاء محمد ساجد مقارنة بهذا الزمن الأغبر الذي دخلته المدينة مع العمدة الحالي الطيب عبد العزيز العمري.
واستند اللائمون في لومهم إلى دليل مادي دامغ وهو وجود خطاب ملكي في 2013 انتقد بحدة وقتها كل مسؤولي الدار البيضاء والكيفية التي يسير بها الشأن المحلي بأوسخ مدينة في المغرب.
ولأن منسوب الحدة كان عاليا في هذا الخطاب، فقد شرع بعض الديناصورات ممن اغتنوا اغتناء فاحشا في تحسس رؤوسهم خوفا من أن يجدوا أنغسهم داخل السجون.
ومع ذلك، أعود من جديد لأقول مرة أخرى: رحم الله زمن ساجد لأن المواطن البيضاوي على الأقل كان يشعر حينها أن هناك عمدة من لحم وشحم يمشي وسط الأحياء ويتفقد الأوراش قبل أن يستيقظ الناس.
نعم في عهد ساجد كنت تشعر أن للمدينة مخاطبا ومسؤولا قادرا على الدفاع عن نفسه وعن حصيلته حتى وإن كانت هذه الحصيلة لا ترقى إلى انتظاراتنا.
لكن رغم الإكراهات التي كانت تواجه ساجد،
ورغم عدم توفره على أغلبية مريحة،
ورغم العراقيل التي كانت تنصب وراء ظهره بليل،
ورغم وجود مستشارين بسمعة سيئة كانوا يخيرونه علنا بين “الاستفادة الحرام” من السيارات وبونات “المازوط” وبين اقتحام منصة الدورة وإفشالها..
بل ورغم خلافه الدائم مع الوالي حلاب الذي كان هو بدوره جزءا من المشكل لأن “سعادته” كان يرى أن حلول مشاكل الدار البيضاء ينبغي أن تأتي من الرباط لا أن تخرج من عين المكان.
نعم رغم كل هذا وغيره كثير من إكراهات السماء والأرض، فقد كان ساجد يجد لنفسه هامشا للمناورة والحركة لاقتراح حلول والتفكير في أخرى من عين الإبرة وسط دخان كثيف من التشويش وأعمال البلطجة.
وإذا كان الوالي حلاب لا يقوم من مكتبه إلا إذا جاءه “هاتف” من أم الوزارات أو من المستشارة الملكية الراحلة زليخة نصري، فإن ساجد لم يكن من هذه الطينة من المسؤولين الذين ينتظرون أن تنزل عليهم الحلول من السماء.
نعم قد نختلف مع الرجل وقد نحصي العديد من الاختلالات التي ارتبطت بعهده، لكن لا يمكن إلا تعترف له بمقومات عمدة لمدينة كبيرة مثل الدار البيضاء.
أكثر من هذا، لم يكن ساجد ينتظر أن تشتغل الهواتف حول تلك المشاريع الملكية بالمدينة لكي يتحرك، بل كان السيد يستبق هذه الهواتف ليتصل هو شخصيا بالجهات المعنية بهذه المشاريع قصد الدفع بعجلة الإنجاز إلى الأمام.
اليوم، وبعد رحيل ساجد، خلف من بعده خلف، وعمدة جديد لا يعرفه أحد، أضاعوا كل شيء “إلا الصلاة” لأنهم أسندوا تدبير شؤون العاصمة الاقتصادية للمغرب إلى بضعة أساتذة ومعلمين بسطاء يستغيدون من تعويضات سخية ولا يبررونها على الميدان.
وطبيعي جدا ألا يبررونها لأنهم يراكمون المسؤوليتات الكثيرة المؤدية حتما إلى الكثير من الامتيازات والقليل من العمل.
أوليس “أكلا للسحت” أن تستفيد يا صديقي من تعدد التعويضات السخية عن أعمال وهمية في الحزب والجهة ومجلس المدينة والتعمير والمقاطعة والبرلمان، فيما الحقيقة أنك متفرغ لأشياء أخرى ولهواياتك الجديدة في الصيد والعزف على آلة العود ؟
ولم يقف الإمر عند هذا الحد، بل إن العمدة الجديد ومن معه أسندوا القسم الاقتصادي لأكبر مدينة مغربية إلى شخص بصفر مؤهلات ولا يفهم المسكين أي شيء في أي شيء ولازال يعتقد أن الملك الحالي للمغرب هو الحسن الثاني.
وأنا لا أبالغ هنا. بل أإن هذا الاقتناع أتقاسمه مع العديد من الأصوات التي تدبر تسيير شؤون المدينة من فريق العمدة نفسه.
وليس هذا فحسب، بل إن بعض الأصوات الغاضبة داخل العدالة والتنمية بالدار البيضاء لم تعد تخغي تذمرها واستياءها العميق من الغياب التام لأي بصمة ولو صغيرة للعمدة الحالي عبد العزيز العمري ونوابه.
وفعلا، ما الذي فعله العمدة العمري وفريق عمله طيلة سنتين من هذه الولاية الجماعية؟
لا شيء ثم لا شيء بشهادة قياديين محليين من حزبه واجهوه في اجتماعات داخلية رسمية بهذه الحقيقة المرة.
صحيح أن السي عبد العزيز العمري إنسان طيب ولطيف وعلى خلق عظيم وليس لصا لكن ينبغي أن نعترف ان وضعه على رأس مدينة كالدار البيصاء كان “خطيئة” ارتكبت بحسن نية، بل ربما ثمة إجماع على أن هذا الرجل الطيب لم يعد صالحا حتى لمهامه في الحزب.
بقي فقط أن أقول إن “الطيبوبة” قد تكون مطلوبة لكنها لا تصنع فريق عمل ناجحا.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…