عند الحديث عن الاتحاد الاشتراكي وما يعرفه اليوم، على المستوى السياسي والتنظيمي (أي الحزبي الداخلي) فعلينا الوقوف قليلا عند محطات كثيرة طبعت تاريخه، حيث يجب استحضار التطور الذي عرفه مسار الاتحاد منذ خروجه من حزب الاستقلال، وتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية 1959 مرورا بالمؤتمر الاستثنائي 1975 وتبني الفكر الاشتراكي وتأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى سنة 1983، المرحلة التي كان فيها الصراع محتدما بين اللجنة الادارية الوطنية للاتحاد وخروج ما عرف بـ”رفاق الشهداء” في اللجنة الإدارية التي انفصلت عن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، لتشكل في ماي 1983 حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.
8 ماي ما الذي حصل؟
لنفهم ما الذي حصل سنستحضر هنا بيان أعضاء من اللجنة الإدارية وممثلي الأقاليم و الشبيبة الاتحادية و باقي اللجان المكونة للجنة المركزية، وقبله سنعرج على محطات مهمة بدون الغوص فيها، أبرزها:
3 يونيو 1977: الانتخابات التشريعية، التي حصل فيها الحزب رسميا على 12 مقعدا، والتي طبعتها حملة تزوير كبيرة.
6 يونيو 1977: المكتب السياسي للحزب يعقد ندوة صحفية بالرباط حول وقائع الانتخابات التشريعية وفضائح التزوير.
19 يونيو 1977: انعقاد اجتماع اللجنة المركزية للحزب، التي تدارست عدة نقاط من بينها، التأكيد على الاختيار الاشتراكي الديمقراطي، وتحديد الأساس القاعدي لأي برنامج حد أدنى للعمل المشترك، وتحليل نتائج الانتخابات وإبراز مردودها السياسي التاريخي العام.
25 نونبر 1978: تأسيس المركزية العمالية، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بعد سنوات من التحضير على يد اللجنة العمالية الحزبية.
8/09/10 دجنبر 1978: المؤتمر الوطني الثالث للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وإصدار بيان سياسي يطالب بتأميم الدولة، وإقامة ملكية برلمانية ديمقراطية، فتم حجز جريدة الحزب.
10/11 أبريل 1979: إضرابات الموظفين في قطاعي الصحة والتعليم.
ماي 1980: الاتحاد الاشتراكي يدعو إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور بشأن تمديد الولاية البرلمانية.
20 يونيو 1981: الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تدعو إلى إضراب عام، ومظاهرات عنيفة في الدار البيضاء وعدد من المدن المغربية، ومنع جريدتي المحرر وليبراسيون، واعتقال قادة المركزية النقابية، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
9 شتنبر 1981: اعتقال عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي ومحمد الحبابي، بعد بلاغ للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بتاريخ 5 شتنبر حول قضية الاستفتاء في الصحراء.
11 شتنبر 1981: محاكمة أعضاء المكتب السياسي، والحكم على بوعبيد واليازغي والحبابي بسنة سجنا نافذة، وبسنتين موقوفة التنفيذ على محمد المنصور ومحمد الحبيب الفرقاني.
7 أكتوبر 1981: تقدم نواب الاتحاد الاشتراكي في البرلمان برسائل فردية يعلنون فيها أن ولايتهم في البرلمان انتهت في 8 أكتوبر 1981.
13 أكتوبر 1981: عودة النواب الاتحاديين إلى البرلمان بصفة فردية، بعد خطاب الملك، الذي اتهمهم بالخيانة العظمى، بينما كانت القيادة الحزبية آنذاك في معتقل ميسور.
19 أكتوبر 1981: المكتب السياسي يعلن أن عودة النواب بصفتهم الرسمية لا تعني إطلاقا عودة الاتحاد أو فريق المعارضة الاتحادية، وأن تنفيذ قرار الانسحاب أعطى مفعوله السياسي.
8 ماي 1983: بيان اللجنة المركزية حول قرار المشاركة في الانتخابات الجماعية.
8 ماي 1983: بيان اللجنة الإدارية حول قرار المشاركة الذي خرج به أعضاء من المكتب السياسي ومن اللجنة المركزية. وهذا نصه:
“استدعى المكتب السياسي يوم السبت 07 مايو 1983 اللجنة الإدارية الوطنية للانعقاد مستثنيا عددا كبيرا من أعضاءها كما أن بعض الأعضاء قد قاطع هذا الاجتماع، وفي اليوم الموالي 8 ماي 1983 قام باستدعاء لاجتماع اللجنة المركزية و بنفس الأسلوب مرة أخرى في غيبة من الأعضاء الحقيقيين لهذه اللجنة: من أعضاء اللجنة الإدارية وممثلي الأقاليم و الشبيبة الاتحادية و باقي اللجان المكونة لها (أي اللجنة المركزية). و ما أن علم أعضاء اللجنة المركزية الحقيقيون بهذا “الاستدعاء” حتى قدموا من كافة الأقاليم إلى مقر الحزب الكائن باكدال الرباط لحضور هذا الاجتماع”. “غير أن عددا مهما من أعضاء اللجنة الإدارية الوطنية و ممثلي التنظيمات الحزبية الإقليمية الشرعية حينما تقدموا الى باب المقر الحزبي منعوا من الدخول إليه من طرف عصابة من المرتزقة كانت مسلحة بالعصي و تحت مسؤولية ما يسمى بالمكتب السياسي، و رغم إلحاح أعضاء اللجنة الإدارية على الدخول إلى المقر الحزبي و تفاديا للسقوط في أي استفزاز او تشاجر مع العصابة المذكورة بقي هؤلاء الأعضاء مع باقي ممثلي الأقاليم الشرعيين واقفين بهدوء وإناء – بباب المقر من التاسعة إلى غاية الساعة العاشرة و النصف عندما قدما ما يسمى برئيس المعارضة الاتحادية رفقة مسؤول عن الأمن الإقليمي و قوات من الشرطة وفي مقدمتهم جميعا والي الرباط و سلا. ” بيان 8 ماي للجنة الادارية.
يظهر لنا هنا كيف كان الصراع داخل الاتحاد بين خط سياسي كان يريد أن يهيمن بكل الوسائل، وبين باقي مناضلي الاتحاد الاشتراكي، وهنا كان الانشقاق، أو كما يسموه رفاق احد بنجلون بـ”الحسم”، واذا عدنا الى الاتحاد الاشتراكي وما يعرفه من تجاذبات منذ المؤتمر الأخير الذي عرف صعود ادريس لشكر، وبروز تيار الزايدي “الانفتاح والديمقراطية”، مرورا بالانتخابات التشريعية وعدد المقاعد الذي حصل عليها الاتحاد الاشتراكي، والرغبة في الدخول في الحكومة وما رافقه من “بلوكاج”، الذي لم يمنع من بحث القيادة الحالية عن كل الطرق للدخول إلى التحالف الحكومي، وما أسفر عنه من نقاش داخلي، وغضب قيادات في الاتحاد على ادريس، وصولا إلى الاعداد للمؤتمر العاشر.
فماذا يحصل للاتحاد الآن؟
أصدر القياديون الاتحاديون العشرة الغاضبون على ادريس لشكر بلاغا غير مسبوق، اتهموا فيه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ب”مراسلة وزارة الداخلية للحلول محل الأجهزة المنتخبة للحزب وتعيين أفراد محلها”.
وسطر البلاغ الصادر عن اجتماع الخميس 20 أبريل، والذي وقعه:محمد الدرويش وعبد الكبير طبيح وسفيان خيرات وكمال الديساوي وعبد الوهاب بلفقيه ووفاء حجي وحسناء ابو زيد ومحمد العلمي وعبد الله لعروجي ومصطفى المتوكل، أربعة نقط هي:
1 – لقد دخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشكل غير مسبوق في جميع مؤتمراته السابقة في نفق اصبح يهدد كل مقومات الحضور السياسي والتنظيمي الطبيعي للحزب مما يؤكد على ان الاستمرار في انتاج نفس الاليات ونفس العقلية التدبيرية للحزب بعد المؤتمر الوطني المقبل سيكون عنوانا لإنهاء كل الامال في اعادة انبعاثه من جديد .
2 – يسجلون بكل اسف و حسرة لجوء الاخ الكاتب الاول لأساليب غريبة ومرفوضة في تدبير الاختلاف من قبيل مراسلة وزارة الداخلية للحلول محل الاجهزة المنتخبة للحزب وتعيين افراد محلها كما حدث في جهة كلميم واد نون و منع المناضلين من الاجتماع في مقرات الحزب كما حدث في الرباط …
3- يسجلون استمرار شل الكاتب الاول لأجهزة الحزب و على رأسها المكتب السياسي باعتباره المختص قانونا في تدبير القضايا السياسية و التنظيمية للحزب و التهييء للمؤتمر .
4- يعتبرون ما تناولته احدى وسائل الاعلام من تصريح منسوب لعضو في المكتب السياسي للاتحاد والحكومة بخصوص دفاعه عن سياسة رفع الدعم عن بعض المواد الاساسية يتعارض مع برنامج الحزب و توجهاته.
وبعد مراسلة أعضاء من اللجنة الإدارية الوطنية للاتحاد الاشتراكي للحبيب المالكي بصفته رئيسا لها عبر محام وبواسطة مفوض قضائي، من اجل نشر لائحة اسماء أعضاء اللجنة. راسل العشرة أعضاء للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي الموقعون لبيان “الانتفاضة” ضد طريقة الإعداد للمؤتمر الوطني العاشر لحزب الاتحاد، (راسلوا) ادريس لشكر الكاتب الأول للحزب مطالبين إياه بالكف عن خرق بصفة واضحة الضوابط القانونية، المنصوص عليها في القانون الأساس والداخلي للحزب، والأعراف التي دأب عليها الحزب، للتحضير لجميع مؤتمراته الوطنية، حسب البيان/المراسلة.
وبعد الاخذ والرد حاول عبد الواحد الراضي الكاتب السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية القيام بوساطة بين لشكر وأعضاء المكتب السياسي العشرة المعارضين له، لكنه فشل في الوصول إلى مصالحة تطوي صفحة الخلافات بين “الإخوة الأعداء” والدخول إلى المؤتمر العاشر دون مشاكل.
فبعد اقتراح الراضي لاجتماع تمهيدي بانتداب ثلاث اسماء من مجموعة العشرة، وبعدما اتصل عبد الواحد الراضي بادريس لشكر في الموضوع، أجابه هذا الأخير بأنه لن يكون بإمكانه الاجتماع معهم خلال أسبوع وطلب تأجيل الاجتماع إلى الأسبوع الذي يليه الشيء الذي فطن إليه معارضوه، فتأجيل الاجتماع مقصود إلى حين انتهاء فترة وضع الترشيحات (ما بين 27 أبريل المنصرم و2 ماي )، لكي لا يضع أي واحد أو واحدة من مجموعة الـ10 ترشيحه (ا)، وهو ما تفطنت له المجموعة، مبلغة عبد الواحد الراضي رفضها استئناف أي حوار مع ادريس لشكر.
لشكر ينتخب “شعبه”
تقديم الترشيحات للجنة التأهيل في الاتحاد الاشتراكي لمنصب الكاتب الأول، برئاسة الحبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية، وحضور عبد الكريم بنعتيق رئيس لجنة التنظيم، ومصطفى عجاب رئيس لجنة التنظيم، ومحمد محب رئيس لجنة اللوجيستيك، من أجل النظر في ملفات الترشيح، فأعلنت اللجنة أن إدريس لشكر هو المرشح الوحيد لمنصب الكاتب الأول المزمع انتخابه في المؤتمر الوطني العاشر للحزب، الذي ينتظر انعقاده أيام 19-20 و21 ماي الجاري.
تسلسل الأحداث يجع متتبع الشن السياسي ينتظر بترقب، مستقبل الاتحاد الاشتراكي في القادم من الأيام خصوصا أثناء وبعد المؤتمر القادم، وما سيسفر عنه من قيادة جديدة ومن قرارات، فهل انتخب ادريس لشكر “شعبه” في المؤتمر الأخير؟ وهل سيكون المؤتمر الأخير مجرد حصاد نتائج لمسلسل ابتدأ منذ المؤتمر السابق؟ أم أن الاتحاديين سيخلقون المفاجئة و”سينتفضون” ضد لشكر كما حدث في السابق؟
عمدة مدينة الرباط تتفاعل مع فضيحة “تلقي الرشوة” في امتحانات الكفاءة المهنية
وجهت فتيحة المودني، رئيسة المجلس الجماعي للعاصمة، مراسلة إلى فاروق مهداوي، المستشار الجماع…