خالد أوباعمر

لم يعد هناك اي شك في ان تشكيل الحكومة قد تم حتى قبل ان يستأنف رئيس الحكومة المكلف سعد الدين العثماني مفاوضاته السياسية مع الأحزاب الممثلة في البرلمان وذلك باستحضار الإشارة الملكية التي بعث بها الملك الى الاطراف المعنية عندم استقبل العثماني وقال له “مازال باغي يخدم مع العدالة والتنمية كحزب وطني”. من هذا الزعيم السياسي في المغرب الذي يستطيع السباحة ضد التيار بعد هذه الإشارة الملكية؟ هل بقي مجال للاشتراطات السياسية بعد ان عبر ملك البلاد عن رغبته في استمرار العمل مع حزب العدالة والتنمية الذي وصفه بالوطني؟
في تقديري الشخصي فإن الحكومة التي تأخر ميلادها ستكون جاهزة في غضون عشرة أيام وسيتم تعيين أعضائها في غضون الخمسة ايام المتبقية من أجل 15 يوما التي منحها الملك للعثماني وفي يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل المقبل سيكون افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان ومن غير المستبعد ان يكون التنصيب البرلماني للحكومة في الجمعة الثالثة على أبعد تقدير.
وبخصوص تركيبة الحكومة المزمع الإعلان عنها ستكون فيها مما لاشك في ذلك مفاجآت كبيرة أهمها إمكانية مشاركة حزب الاستقلال فيها لا سيما إذا افلحت المساعي التي يقودها عدد من الاستقلاليبن وعلى رأسهم نزار بركة في إقناع شباط بالتنازل على الترشح للأمانة العامة للحزب للولاية الثانية بعد إعطائه الضمانات الكافية بأنه محصن رفقة المحيطين به في الحزب من اي استهداف خارجي…
و من غير المستبعد جدا على ضوء عدد من المؤشرات السياسية التي طفت مؤخرا على السطح اهمها تهنئة إلياس العماري لسعد الدين العثماني مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة ان يقع تحول جدري في موقف حزب الاصالة والمعاصرة من المشاركة في الحكومة لاسيما وإن رئيس الحكومة المكلف أعاد مفاوضات تشكيل الحكومة إلى الصفر عندما صرح بأنه سيستأنف مفاوضات تشكيل الحكومة بناء على نتائج الانتخابات وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك منهجية جديدة في التعامل مع الفرقاء السياسيين من طرف حزب العدالة والتنمية ولا يمكن فهم هذا التحول المهم في الموقف المعبر عنه رسميا في جانبه البروتوكولي بل يمكن استيعابه في عمقه وهدفه الإستراتيجي باستحضار التصريح الإيجابي من البام لعضو الأمانة العامة للبيجيدي حامي الدين الذي يصنف في خانة الأعداء الشرسين للمشروع البامجي.

إذا لم يكن هناك ميل للعثماني في اتجاه تشكيل حكومة موسعة فتشكيل حكومة على أساس نتائج الانتخابات يبقى هو الاقرب الى المنطق وهذا ما يفرض ضرورة التخلي عن أخنوش والعنصر وساجد حتى يفهم الرأي العام ان بلوكاج تشكيل حكومة بنكيران لم يكن مقصودا كهدف استراتيجي وأن ما روج له حول وقوف جهات نافدة في الدولة وراء ذلك مجرد مزاعم لا اساس لها من الصحة.
تشكيل الحكومة على أساس نتائج الانتخابات يظل هو الأقرب إلى المنطق مادام أن الاعتبارات الأيديولوجية في تشكيل الحكومات في المغرب لا تعدو أن تكون مجرد فرية سياسية لا تنطلي على الرأي العام الذي زاد منسوب اهتمامه بالسياسة وبدأ يعي جيدا قواعد اللعبة السياسية ومحدداتها.
في المغرب تظل السياسة منفصلة عن الاديلوجيا ومفاوضات العثماني لتشكيل الحكومة فرصة مواتية للتخلص من “الصدأ السياسي” لان تحالف البام والبيجيدي والاستقلال يمنح أغلبية مريحة وفي نفس الوقت يتيح إمكانية تشكيل حكومة قادرة على العمل بالنظر إلى الكفاءات التي تتوفر عليها هذه الاحزاب بغض النظر على الاعتبارات الاديلوجية مادام ان الحكومة لا تشتغل في معزل عن المؤسسة الملكية في ظل نظام سياسي يعطي صلاحيات واسعة للملك ويجعل منه الممثل الأسمى للدولة بنص الدستور ومادام أن الديمقراطية الناشئة في المغرب لا زالت تبنى على اساس التوافقات المحكومة بالتوازنات.
وماذا عن حزب التقدم والاشتراكية؟
المنطق السياسي السليم يفرض على حزب التقدم والاشتراكية ان يتموقع في المعارضة إن كان قادة هذا الحزب يفهمون معنى اعتماد رئيس الحكومة المكلف سعد الدين العثماني لنتائج الانتخابات التشريعية ليوم 7 اكتوبر كأساس في بدء مشاوراته السياسية لتشكيل الحكومة…
على حزب التقدم والاستراكية أن يعي بأن مرحلة بنكيران قد طويت وأن التعاقد السياسي الشفوي السابق لقيادة الحزبين بأن يكونا معا إما في المعارضة أو في الأغلبية كان تعاقدا محكوما بسياق سياسي مختلف عن السياق الحالي.
النتائج الهزيلة التي حصل عليها هذا الحزب في استحقاق السابع من أكتوبر تلزمه بالتموقع في المعارضة وإعادة بناء أداته التنظيمية عوض البحث عن مواقع غير مستحقة في الحكومة التي استأنف السيد العثماني مشاورات تشكيلها على أساس نتائج الانتخابات لأن منطق الترضيات السياسية في توزيع الحقائب الوزارية دون الاخد بعين الاعتبار إرادة الناخبين لم يعد مقبولا.

 

التعليقات على الحكومة مشكلة.. وهذا ما تقتضيه مشاركة “البام” والاستقلال فيها مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…