خلصت الندوة الموضوعاتية الجهوية المتمحورة حول “الجهوية المتقدمة ورهانات التنمية الترابية المندمجة: جهة الداخلة-وادي الذهب نموذجا”، والتي انعقدت بمدينة الداخلة يوم الخميس 26 يناير 2023، عبر جلساتها الثلاث إلى تثمين المكتسبات التي حققها المغرب على مستوى تفعيل الورش الجهوي، حيث عبر المشاركون عن “تقديرهم لكل اللبنات التي تم وضعها لإكمال هذا البناء”.
ويرى المشاركون في هذه الندوة التي نظمها مجلس المستشارين بشراكة مع مجلس جهة الداخلة-وادي الذهب، أن اللبنات التي تم وضعها تتمثل في إصدار القوانين التنظيمية للجماعات الترابية والجهات، وإصدار المراسيم التطبيقية اللازمة لكي تقوم الجماعات الترابية بأعمالها على أحسن وجه، بالإضافة إلى تمكين الجهات من الوسائل اللازمة لتنفيذ مهامها على مختلف المستويات تحقيقا لمبدأ الإنصاف الترابي وتحقيق الإقلاع الاقتصادي، وأيضا من خلال اعتبار البرنامج التنموي خارطة طريق للنهوض بالتنمية الجهوية وتنفيذ المشاريع التنموية الجهوية المقرر لها.
وقد خلصت الندوة إلى عدد من التوصيات، رغبة في الدفع بهذا الورش إلى الأمام، نحو مزيد من الفعالية والنجاعة، أولها “الدعوة إلى تبني سياسة لا تمركز حقيقية وواسعة، لان حل مشاكل الجهة لا يمكن أن يتم إلا عبر الانكباب على تفعيل حقيقي لسياسة عدم التمركز، بالإضافة إلى ضرورة الانفتاح على خصوصيات الجهات وتثمين الرأسمال مع تصنيف الاكراهات التي ما زالت تعوق اتخاذ القرار على المستوى المحلي وتعاكس عملية تنفيذ الأعمال.
كما دعا المتدخلون إلى منح المجالس الجهوية قوة تنفيذية لتنفيذ السياسات العمومية في إطار عدم تمركز مساند ومآزر؛ وبلورة برامج تتوخى الرفع من جاذبية الاستثمار وتسويق العرض الاستثماري الذي توفره الجهات، ومنها جهة الداخلة وادي الذهب.
وطالب المتدخلون بتأهيل تمثيليات بعض الإدارات على المستوى الجهوي والمحلي حيث مازالت تعاني من غياب الموارد البشرية والتقنية وتفتقر للكفاءات والوسائل المساعدة، الشيء الذي لا يساعد على اتخاذ القرار المحلي بشروط الجودة والسرعة المطلوبة.
كما وجه المشاركون في الجلسات التي أقيمت، دعوة إلى تفعيل قنوات التنسيق بين جميع التمثيليات الإدارية المحلية ضمانا لإلتقائية وتكامل السياسات العمومية، والعمل على تنزيل توصيات النموذج التنموي في الجوانب المتعلقة بالجهوية وتجويد العمل الإداري اللاممركز باعتبارها مدخلا لتحقيق الجهوية المتقدمة التي يأملها الجميع.
وأكد المشاركون على أن النظر إلى اللاتمركز في بعده التدبيري العام، غير المتعلق فقط بتفويض التوقيع ولكن أيضا بتفويض الاختصاص وتحويل الإمكانات المناسبة لتنفيذ هذا الاختصاص انسجاما مع مبادئ التدبير الحديث ولا سيما منه مبدأ التفريع والتدبير الحر.
ومن جهة أخرى، التمس المشاركون في هذه الندوة التخفيف من خطاب المحاسبة لأنه يكون عامل لكبح قدرة المدبر الإداري المحلي على العمل والإبداع، ونزع الطابع المُسيس على العمل الإداري وتحريره من التجاذبات السياسوية الضيقة.
ودعا المتدخلون إلى تكثيف مثل هذه اللقاءات التوعوية التي يشرف عليها مجلس المستشارين لإذكاء الفكرة الجهوية ونشر ثقافة التدبير الجهوي، والتواصل مع المدبر المحلي لاستجلاء معيقات التدبير الحقيقية واستشراف حلول لها، والتعريف بالنماذج الناجحة والتجارب الرائدة في مجال اللاتمركز الإداري عبر التراب الوطني كي تعم الإفادة ويتحقق مبدأ التعاون الجهوي و تقاسم الخبرات والمعلومة.
هذا، وقد حفل النقاش بمجموعة من التوصيات الخاصة بجهة الداخلة وادي الذهب، أهمها ضرورة الانفتاح على خصوصية جهة الداخلة وادي الذهب وتثمين رأسمالها الغني في شقيه المادي واللامادي، وتحيين وثائق التعمير على مستوى جهة الداخلة-وادي الذهب وإعادة النظر في الطريقة التي تصاغ بها هذه الوثائق على اعتبار ان صيغتها الحالية تستغرق وقتا طويلا، الشيء الذي لا يستجيب إلى تطلعات المستثمرين.
وعلاقة بالتعمير، دعا المشاركون إلى التفكير على مستوى جماعة الداخلة-وادي الذهب بتصاميم جديدة مع تفعيل مبدأ الاستثناءات كي تتم الاستجابة للطلب المتزايد على السكن يوما بعد آخر، كما وجهوا دعوة إلى جمعية جهات المغرب إلى مد يد المساعدة إلى جهة الداخلة-وادي الذهب على مستوى تدبير بعض المشاريع الهامة مثل تحلية مياه البحر، كي يكون التدخل على مستوى جهة الداخلة-وادي الذهب أكثر فعالية.
وطالب المتدخلون بتثمين الثقافة الحسانية واللغة الحسانية كتراث وطني لا مادي جدير بالاهتمام، ووضع إستراتيجية جهوية جامعة لحماية وصون التراث بالجهة، وبلورة برنامج موحد لمختلف التظاهرات المراد تنظيمها بالداخلة ضمانا للتعريف بها، وتفعيل مقتضيات النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية باعتباره المدخل الأساسي للإقلاع الجهوي بالمنطقة.