في سياق الصراع الدائر من أجل قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي سيشهد شهر يناير المقبل مؤتمره الوطني 11، كشفت حسناء أبو زيد اللتي أعلنت رسمياً عن ترشيحها لمنصب الكاتبة الأولى للحزب عن أرضية “أولية” تطرح من خلالها رؤيتها من أجل تجديد الحزب سياسياً وتنظيمياً، حيث حصرت ذلك في نقط محورية أهمها، من أجل أن يتحول الاتحاد إلى “تنظيم ديمقراطي حديث بذكاء متجدد”، وأن تكون “كرامة المناضلات والمناضلين أساس المواطنة الحزبية الحقة”، في “حزب اشتراكي ديمقراطي بهوية دينامية”.
وأوضحت أبو زيد في أرضيتها التي عنونتها المقدمة إلى الاتحاديات والاتحاديين بـ”الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: الوفاء للهوية و الانطلاق نحو المستقبل”، أن “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ليس فقط حزباً وفق التعريف النظري للحزب في علم السياسة ، يملأ مهام التأطير والتكوين السياسي وتعزيز الانخراط في الحياة الوطنية و يسعى إلى السلطة بعد أن أصبحت الحياة الحزبية واقعا في المغرب الطامح إلى إرساء الديمقراطية كقيمة إنسانية أولا و بعدها كقوانين و تطبيقات ، بل هو حالة فكرية، سياسية، وأخلاقية تستوطن الوعي الجمعي الوطني وتستحث عبره الضمير والالتزام و البذل من أجل بناء وطن المساواة والحرية والعدالة ، وهو أيضا منهج رصين في ممارسة الفعل السياسي والمجتمعي ، يسكن وجدان حاملي مشروعه ويطبع سلوكهم و نمط ممارستهم للفعل السياسي والحزبي والتنظيمي”.
وجاء في الأرضية التي إطلع عليها “الأول”: “إن الكبوات المتتالية والتراجعات المتسلسلة التي مست ذاته ، صورته ، خطابه ، وامتداده و قدرته على مواكبة التحولات التي عرفها المجتمع والدولة والذات الحزبية ؛ قد أصبحت واقعا ضاغطاً وتفاعليا يخنق بشكل جلي و عميق ليس فقط موقع حزبنا و أدائه بل موقع المجتمع السياسي برمته و أدائه ، غير أن هذا الواقع يضعنا أيضا في قلب مسؤوليتنا اتجاه وطننا و شعبنا وحزبنا، و يفرض علينا الانخراط الملتزم والفعال في محاولة فهم ما يحيط بنا من إرهاصات و تحولات”.
وقالت حسناء أبو زيد، إن “مسؤوليتنا اليوم كاتحاديات واتحاديين أن نتساءل شأننا في ذلك شأن المواطنات والمواطنين عن دور الأحزاب السياسية الجادة والفعل المدني الملتزم عموما في المشهد السياسي الحالي بمعطيات ما قبل جائحة كوفيد 19 وما نعيشه من داخلها و ما نتشوفه في المستقبل و أن نتفاعل مع واقع جديد مؤطر بأسئلة عديدة لعل أبرزها :
-لماذا تتوسع دائرة انحسار الثقة في نجاعة فعل الدولة ؟ و لماذا لم تُتَرجم المكتسبات الديمقراطية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية إلى مناعة جماعية ضد التراجعات فتُقَوي بذلك شعور الإنتماء و تواجه التحديات الموضوعية بحس تضامني وطني ؟
-هل يمكن أن تنهض دولة وترتقي إلى مصاف الدول القوية ديمقراطيا وتنمويا في غياب أحزاب واضحة ايديولوجيا ديمقراطية عصرية منظمة ومؤثرة و منفتحة ؟
– لماذا في الوقت الذي يتقوى فعل الدولة من أجل استعادة ثقة المواطن وتتحدث أنماط عملها ينكمش تأثير الفعل السياسي والمدني و يغرق في النمطية والكساد ؟
– لماذا في الوقت الذي يتكثف فيه الطلب الشعبي والمجتمعي على فعل سياسي وطني ملتزم وناضج ،يضمن تقديم مصلحة المواطن والوطن و توسيع دائرة التفكير والتقرير لاختيارات وطننا وشعبنا ،يعجز حزبنا عن تحقيق الاستجابة الفاعلة المستحضرة لطبيعة أزمة مجتمعنا السياسي والمكتسبات التي حققها بلدنا ؟
– لماذا في الآن نفسه الذي تصبح فيه القضايا المجتمعية التي تشكل صلب مشروع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كالحريات وفصل السلط واستيلاء المال على أدوات الفعل والتأثير أكثر مطلوبية يتخلف حزبنا عن موعد الالتحام بقضايا القوات الشعبية ؟
إنها أسئلة من بين أسئلة كثيرة قديمة / جديدة، مُرحلة عبر أزمنة وسياقات، تطرح نفسها بقوة، و تستحث طموحنا الجماعي للتفاعل العميق معها، ليس فقط في محطة مؤتمرنا بل ولما بعده”.
وتابعت: “إن قناعتي خالصة بأن الترشح لمسؤولية الكتابة الأولى في الظرف الصعب الذي يعيشه حزبنا ، هو واجب و تكليف ومسؤولية اتجاه تاريخ الحزب و إرث زعمائه و أرواح شهدائه ، ووعي بضرورة الحفاظ على وحدته و تماسكه و تضامن مناضلاته ومناضليه ، و انخراط في مد حزبي وشعبي ووطني رافض للانحرافات التي طالت صورته ، خطابه و وزنه الرمزي و السياسي والانتخابي ، و التزام أخلاقي ووجداني اتجاه قضايا الوطن و رهاناته”.
مضيفةً، “إنني أشعر بذات الوجع الذي سكن أرواح الصادقات والصادقين وهم يتابعون مسلسل التمثيل بالحزب الكبير، وكسر رمزيته التي كسرت ذات زمن شوكة الاستبداد والسلطوية، و نخر إباء صولاته و أمجاده التي طالما ألهمت الجماهير والقادة، إنني يعتصرني ذات الألم الذي يعتصر كل المناضلات والمناضلين والعاطفات والعاطفين وهم يتابعون نهش كرامة الحزب الرمز وقص أجنحته بمعاول الانتهازية واسترخاص موقعه وثقة المغاربة في مشروعه، بالفعل أو بالصمت”.
وأوضحت حسناء أبوزيد في أرضيتها، “إن قرار الترشح ينهل بالأساس من واجب اتجاه أمانة نضالات وتضحيات النساء الاتحاديات الرائدات قواعد و قيادات، و استلهام الدروس من صبرهن و عزيمتهن و إصرارهن على خوض المعارك السياسية من واجهات داخلية وخارجية متعددة و معقدة، و من دربتهن في الانتصار لقيم الديمقراطية والحداثة والمساواة و مقاومة السلطوية بكافة أشكالها و تنوع تمثلاتها، ذكورية وسياسية ومؤسساتية و ثقافية و قانونية.. إن قناعتي مستقاة من قناعة جماعية بكون خطاب الواقع مهما آلمنا كفيل بأن يجدد وفاءنا لهويتنا و يؤمن انطلاقتنا نحو المستقبل موحدين وموحدات ، متضامنين ومتضامنات و أن يفتح أفقاً جديداً لعلاقة متجددة بالمجتمع الذي طالما شكل الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضميره السياسي و أفقه المشرق”.
وقالت القيادية الاتحادية: “إنني أقترح أن نبني تحليلنا على منهجية المكاشفة و البحث عن الوضوح و التحليل العقلاني لوضعية حزبنا كذات أولا و آثارها على علاقتنا بالمجتمع و قدرتنا على بلورة تصورات الإصلاحات السياسية و المؤسساتية و المجتمعية و الثقافية، و أن نقدم تصورنا الأولي لبعض عناصر الرؤية السياسية التي يجب أن يواكبها تصور واضح لتطوير و تحديث الأداة الحزبية كمشروع تعاقدي و ارتأيت أن نتناوله وفق محوريين أساسيين:كرامة المناضلات والمناضلين أساس المواطنة الحزبية الحقة ،تنظيم ديمقراطي منفتح و حديث بذكاء متجدد و ميثاق أخلاقي جامع وملزم”.
وأكدت الأرضية التي بسطت أبو زيد من خلالها توجهها من أجل قيادة الاتحاد على أن “المطلوب منا اليوم كاتحاديين و اتحاديات هو الجواب عن سؤال كيف يجب أن نتفاعل مع المجتمع مباشرة و دون أن نجعل الدولة وسيطا في التفاعل معه؟و بعبارة أوضح هو كيف يجب أن نتحدث مباشرة مع المجتمع و فئاته و طبقاته و أجياله الجديدة و اللاحقة؟ و كيف نفهم تحولاته و أعطابه و تحدياته و آفاقه؟ دون أن نفوض للدولة هذه المهمة عبر تطويقها بمطالب دستورية و سياسية و اقتصادية و نتبنى معها نتائج التغيير الاجتماعي و نتحمل معها التكلفة السياسية عندما تكون النتائج غير جيدة؟”.
وأضافت، “إن ما نقترحه ليس تحللا من مطالبة الدولة بالإصلاح السياسي و الدستوري و الاقتصادي، فهذه مهمتها الصميمة و سنستمر في مطالبتها بذلك و تنبيهها إلى مكامن القصور و تشجيع جهودها في ذلك، و سنستمر في اعتبار أنفسنا مطوقين بمسؤولية تاريخية في الدفع بدمقرطة الدولة و المجتمع، ولكننا كذلك مطوقين بمسؤولية تاريخية في تشخيص تحولات المجتمع و أعطابه و أزماته و تحدياته و التفكير في حلول لمشكلاته لاسيما القيمية و تلك المرتبطة بتوازن الحق و الواجب، والبحث عن آفاق أرحب لها حتى لا تتحول إلى أزمات و أعطاب مزمنة و مستدامة تهدد بالإخلال بتوازن المجتمع و الدولة”.
وأوضحت الأرضية أنه “قد طبعت مشاهد وأحداثًا وسرديات انتخابات 8 شتنبر 2021، توثق الصراع المحتدم بين الأحزاب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة على استقدام المرشحين ذوي الاحترافية الانتخابية الضامنة للمقاعد كشرط رئيس وحاسم وأحيانا كشرط وحيد . و حسمت الاستشارة الانتخابية لصالح الأكثر قدرة على استقدام القوى الانتخابية المحترفة ، والأكثر قدرة على الاستثمار في الحملات التواصلية الرقمية ، كما قال المال الانتخابي كلمته بشكل فاصل ، فيما طُمست أصوات المرجعيات السياسية والفكرية و المبادئ الموجهة والقيم الناظمة للاختيارات السياسية موضوع الاستشارة الانتخابية”.
وقالت أبو زيد في أرضيتها، “إن أخطر نتيجة لما حدث لا تتمثل فقط في استئساد التكتلات المصالحية الفئوية الضيقة العابرة للتعبيرات السياسية بعد وصولها إلى السلطة و تحالفها مع الوفرة التمويلية من مال ومصالح و إمكانية ترجيحها لكفة المصالح الفئوية على مصالح الوطن ، بل تكمن خطورتها من جهة في إشاعة قيم الانتهازية والنفعية و تغليب المصالح الضيقة على المصالح الوطنية ، ومن جهة أخرى في إضعاف فكرة الأحزاب الجادة التي تستند على الشرعية الشعبية و التي بدورها لا يستقيم أن تستند إلا على تعاقد سياسي وفكري وأخلاقي لا على ارتباطات مصلحية، مالية ، ونفعية ، وما ينشأ عن ذلك من تفشي للانتهازية والفساد و الزبونية والتي تشكل كما يشهد بذلك تاريخ الدول وأدبيات السياسة الخطر الداهم الذي يهدد استقرار الدول ، قوتها و تطورها و رخاء المجتمعات و كرامة المواطنات والمواطنين”.
وتابعت، “إنني وإذ أبسط هذه المحاولة المتواضعة كوثيقة أولية، أطمح إلى إغنائها و تقويمها بفتح نقاشات و تفاعلات بشأنها بين صفوف الاتحاديات والاتحاديين ، أوجه نداء أخوياً صادقا لكل الأخوات والإخوان أؤكد فيه أننا كما كنا ولم نزل لا شيء يمكن أن يسمو على مصالح الوطن والمواطن في تصورنا للرؤية السياسية لحزبنا ولخطه السياسي ، و أن مسؤولية وأمانة الانتماء إلى مشروع سياسي وفكري بحجم الأفق الذي يمثله حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تفرض علينا تحديات حقيقية بشأن الحفاظ على وحدتنا و مقاومة أطروحات الإرتكاس والانكماش والضمور والتخلف عن المعركة الحقيقية و المتمثلة في أمانة إنقاذ حزبنا بالوفاء لهويته والانطلاق نحو المستقبل”.
قرعة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات (المغرب 2024).. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى إلى جانب كل من الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا
أسفرت قرعة كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2024)، التي جرت اليوم الجمعة بمركب محمد السادس …