سجلت حركة “معا” ملاحظة سلبية حول انتخابات 8 شتنبر بالمغرب، تتمثل بحسبها في أنها شكلت “مرتعا خصبا لاستعمال المال، وتجسيدا في كل المستويات لتزاوج المال والسلطة، وعدم قدرة أحزاب المعارضة على إنجاز أدوارها بالشكل المطلوب”.
ومن بوادر الممارسة السياسية داخل المجالس المنتخبة، تقول الحركة في موقف لها حول مشروع قانون المالية؛ “ضعف مستوى المساءلة السياسية وهيمنة الخطاب التقريري للوزراء وفرق الأغلبية، مما يؤشر على وضع سياسي غير صحي يروج لخطاب أحادي الجانب ويترك هامشا صغيرا للمعارضة داخل المؤسسات وينقلها خارجها”.
وأفادت “معا” بأنها رصدت عددا من الملاحظات بخصوص مشروع القانون المالي، أولاها “يحمل طابعا إيجابيا باعتبار الميزانية المرصودة للاستثمار العمومي، مما يؤشر إلى انتهاج سياسة مالية توسعية خالفت الدعوات إلى انتهاج سياسة تقشفية، ثانيها يتعلق بفتح ورش التغطية الاجتماعية المعممة خلال السنة القادمة في أفق استكمال البرنامج المرحلي سنة 2025، ثم ثالثها الإجراءات الاجتماعية للرفع من ميزانيتي قطاعي التعليم والصحة بـ9 ملايير درهم برسم السنة المقبلة”.
وتساءل المصدر ذاته عن الجدوى الاقتصادية من الإجراءات المضمنة في مشروع القانون المالي وتأثيرها على مستوى النمو الاقتصادي، وعن إمكانية تنزيلها مع مستوى نمو متوقع يصل إلى 3.2% والذي بالكاد سيعيد الاقتصاد الوطني إلى مستوى سنة 2019 ما قبل الجائحة.
وربطت الحركة مشروع قانون المالية مع البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية التي تحدثت عن نمو مستديم وقوي، وعن شروط الإقلاع الاقتصادي التي رهنها تقرير النموذج التنموي الجديد بنمو يصل 6%، وتخطي فخ النمو المتوسط الذي يكبل الاقتصاد الوطني والذي لم يتجاوز معدل 3.5% خلال العشرية الأخيرة.
فرص الشغل
يقدم مشروع المالية رقم 125 ألف منصب شغل سيتم خلقه خلال السنة القادمة، وهو رقم يطرح تساؤلين مهمين، بالنسبة لـ”معا”، كيف يمكن خلق هذا الرقم بنسبة النمو المعلنة أي أن كل نقطة نمو تخلق أزيد من 39 ألف منصب شغل، علما أن المعدل الحالي لا يتعدى 25 ألف منصب شغل لكل نقطة نمو؟ ثم كيف يمكن تحقيق رقم مليون منصب شغل الذي أعلن عنه في البرنامج الحكومي خلال 5 سنوات أي بمعدل 200 ألف منصب، الذي يفوق الرقم المعلن عنه ب 75 ألف منصب، وذلك رغم الجهد الاستثماري الاستثنائي غير المسبوق خلال هذه السنة؟
وبالإضافة إلى الأرقام المعلنة، تضيف الحركة، تستمر الحكومة في سياسية التوظيف الجهوي دونما تأطير قانوني مناسب بخلق 17 ألف منصب في قطاع التعليم يتم تمويلها من نفقات المعدات، مما يتناقض، بحسبها، مع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، ويؤجل الحسم في ملف يتخذ شكل كرة ثلج تتضخم في قطاع حيوي يخوض رهان الإصلاح بتنزيل مضامين القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين.
التضخم
بنى مشروع المالية توقعاته على أساس معدل تضخم يصل إلى 1.2%، وهو معدل مرتفع عن السنوات الماضية بسبب ارتفاع الأسعار في أسواق المواد الأولية العالمية.

في هذا السياق، أكدت “معا” أن هذه النسبة المتحكم فيها ترجع بالأساس إلى اعتماد المغرب سياسة دعم أسعار غاز البوتان التي ارتفعت بأكثر من 300%، وبلغ مستوى نفقات المقاصة المرتبطة به 2.2% من مجموع النفقات العمومية، متسائلة عن المستفيدين من هذا الدعم وعن نسبة الاستهلاك المنزلي من مجموع الوطني الذي يعد من أكبر الاستهلاكات على الرغم من كون المغرب يستورد كل حاجياته من الغاز.

وعلى الرغم من الجهد الإنفاقي في دعم الغاز، تورد الحركة، إلا أن الإجراءات المنصوص عليها في مشروع القانون تبقى “محتشمة بخصوص دعم القدرة الشرائية للمواطنين”، في ظل  تصاعد أصوات الاحتجاجات بخصوص الزيادات الأخيرة التي شهدتها مجموعة من المواد الأساسية كالقمح والزيوت النباتية والمواد الأولية.

وقالت: “كنا ننتظر من الحكومة تقديم مقترحات لمراجعة الضريبة على القيمة المضافة وحقوق الجمارك والضريبة الداخلية على الاستهلاك لمواجهة تبعات التضخم المستورد وحماية القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة وتخفيف كلفة الإنتاج للمقاولات المغربية والرفع من تنافسيتها”، داعية إلى سياسة استباقية توقعية للارتفاع المستمر للأسعار في أسواق المواد الأولية، والتي تؤشر التوقعات على استمرار موجة التضخم في الانتشار كإحدى تبعات ارتفاع الطلب واسترجاع النشاط الاقتصادي لمستوياته السابقة وارتفاع تكاليف النقل واللوجستيك والعودة التدريجية لوحدات الإنتاج.

الضرائب:
طالبت “معا” بتصحيح نواقص الضريبة المحلية لتجاوز التعقيدات والصعوبات المرصودة في تشريعاتها، من خلال إقرار نظام خاص جديد يمكن من جعل الضريبة المحلية رافعة حقيقية للتنمية الجهوية، مع تعديل الإطار القانوني للضرائب المحلية (قانون رقم 47-06) من أجل تجميع الضرائب المحلية والوطنية، وإلغاء مجموعة من الضرائب ذات الأثر المحدود في تمويل الجماعات المحلية، واستبدالها بضريبتين ترتبط الأولى بالسكن، والثانية بالأنشطة الاقتصادية.
كما طالبت بإلغاء “الضريبة المهنية” المحتسبة على الاستثمارات، وتعويضها بـ”المساهمة على القيمة المضافة الترابية”، ونشر بيانات حسابات للجماعات المحلية، مع ضرورة اللجوء المنتظم للمدققين المحساباتيين للتصديق على التقارير.
القطاع الخاص 
سجلت “معا” افتقار المشروع إلى إجراءات تحفيزية لمواجهة المشاكل الهيكلية لقطاع الأعمال والاستثمار الخصوصي، موضحة أن “لعل أحد أكبر المعيقات للقطاع المغربي التي تم التغاضي عن اتخاذ إجراءات فيها كلفة اللوجستيك التي تمثل ما يعادل 20% من الناتج الداخلي الخام، وهو رقم مرتفع عن المعدل المعياري الذي يتراوح بين 12 و15%، مما يفقدنا ما بين 0.5 إلى 0.7% نقطة في النمو الاقتصادي”.
ودعت إلى مراجعة أسعار العقار الموجه للبنيات الصناعية والذي يماثل نظيره في دول إسبانيا والبرتغال مع الفارق الكبير في مستويات الكفاءات البشرية بين المغرب والبلدين الإيبيريين، ثم تنضاف مصاريف العبور بين ضفتي مضيق جبل طارق وارتفاع كلفات الشحن والتخزين في الموانئ المغربية إلى المؤشرات السلبية.
وفي نفس الإطار، يؤكد المصدر ذاته أن مشكل التنزيل الفعلي لمقتضيات القانون 13.09 المرتبط بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية للتيار العالي والمتوسط، يقتصر الإنتاج الحالي على الوحدات التي تستعمل التيار العالي، بينما توضع عراقيل لوجيستيكية على الوحدات التي تحتاج لتيار متوسط التوتر وهذا ما يحد من تنافسيتها الدولية نظرا لكلفة الطاقة المرتفعة في المغرب.
التعليقات على حركة “معا” تقدم ملاحظاتها حول مشروع قانون المالية وتقول: “الانتخابات شكلت تجسيدا لتزاوج المال والسلطة وأثرت على دور المعارضة” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

القمة العربية.. عزيز أخنوش يتباحث بالمنامة مع الرئيس العراقي

تباحث رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء بالمنامة، مع الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال …