تسود حالة من الغضب، وسط حزب العدالة ولتنمية، على إثر توقيع سعد الدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، للإعلان (الإتفاق) مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ما حصل وصفته مصادر داخل “البيجيدي” بـ”الزلزال” الذي ضرب حزباً بنا مشروعيته السياسية والمجتمعية من خلال “المرجعية الدينية ونصرة قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية”.
وانتفض مجموعة من أعضاء الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بعقد مؤتمر استثنائي، وفصل القيادة الحزبية عن الحكومة، حيث عبّر العديدون منهم عن غضبهم من توقيع العثماني على وثيقة الإعلان، معتبرين أنه أجهز على ما تبقى من شعبية البيجيدي التي تلقت ضربات كثيرة خلال الولاية الحالية.
ويبدو أن العثماني لم يوقع فقط على الإعلان (الاتفاق) مع إسرائيل، يوم أمس الثلاثاء، بل وقع على نهايته السياسية داخل الحزب، وأعطى مبرراً قوياً لمعارضيه داخل البيجيدي، بل حتى من ظلوا دائما إلى جانبه سواء داخل الشبيبة أو في الحزب، تقول المصادر أنهم وصفوا توقيع العثماني بـ”عدم الشجاعة في الرفض”، واعتبروا ما قام به تنازلاً على أحد الأعمدة الأساسية في مرجعية حزب العدالة والتنمية.
وبينما بلعت قيادة الحزب لسانها، وركن وزراء البيجيدي في الحكومة إلى الصمت، على عكس عادتهم، وحده عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة خرج يطالب بضرورة إعتماد مقاربة ثلاثية الأبعاد لتجاوز ماحصل، “أولا: مؤسساتية بفك الارتباط بالحكومة وتكليف نائب الأمين العام بتدبير الحزب و الاكتفاء بالمساندة النقدية بخصوص الأمور الوطنية مع التموقع في معارضة ومواجهة التطبيع والاختراق الصهيوني”، وثانياً يضيف أفتاتي، “بعد سياسي يروم تجنب سياسة المحاور الدولية والثبات على خط الدفاع على القضية الوطنية و مواجهة المشروع الصهيوني، وكذا مواجهة أي نكوص في شأن الانتقال الديمقراطي والتنزيل الفعلي للملكية البرلمانية”.
وتابع ذات المتحدث، في تصريح نشره موقع “أذار”، “بعد تنظيمي بتثبيت برنامج عمل قصير المدى في المجلس الوطني المقبل (عن بعد) و التهيئ لمجلس وطني بالحضور الفعلي للنظر في كيفية تصريف المآلات و الحسم في موضوع مؤتمر استثنائي أو انتظار المؤتمر الوطني…..
لكن على أسس الإعداد لمرحلة متوسطة المدى (تتجاوز موضوع الانتخابات المقبلة)”.
وتوالت التدوينات من بعض أعضاء شبيبة العدالة والتنمية أبرزها ماكتبه عضو مكتبها الوطني هشام بلامين، حيث جاء في تدوينته: “اتفاقيات برتوكولية وإعلان نوايا أكثر من أي شيء عملي آخر في أمسية التطبيع البارحة !، ما الداعي إذن لفرض حضور وتوقيع رئيس الحكومة “الاسلامي” الذي تعرف واشنطن وتل أبيب أن قرارات السياسة الخارجية والدفاع تحسم بوضوح خارج صلاحياته ؟ وتزاحمه الملكية التنفيذية في باقي الصلاحيات ! ناهيك عن التوازن البرتوكولي المهين الذي يٌجلس فيه رئيس للحكومة مع رئيس مجلس قومي للأمن ومستشار رئيس دولة، في حين كان بإمكان وزراء القطاعات المعنية التوقيع !!
الأمر واضح لعب على ساحة الرموز والتمثلات الجمعية لتلطيخ صورة حزب تفاعل مع بلاغ الديوان الملكي بإيجابية لأنه رأى فيه مصلحة وطنية و لم يزايد على الدولة ! ولكن تفهم وطنيته في أوقات كثيرة ضعفا، وتستغل منذ فترة التراجعات السياسية والحقوقية لإضعافه سياسيا وكأنه هو المسؤول عنها في مكان الدولة صاحبة القرار السيادي و الأمني، يصعب في كل الأحوال و في ظل ماشاهدناه فهم الأمور خارج حسابات مشارف نهاية الولاية الحكومية”.
وتابع ذات التحدث قائلا: “إستعادة المبادرة رهينة بفصل الحزب عن حكومة رئيسها لا يملك أن يقول للدولة “لا”، فالبلاد تحتاج من يقولها في أكثر اللحظات صعوبة، و العدالة والتنمية ليس طورشون لتحميله تبعات اختيارات الدولة وإكراهاتها بالجلوس مع مجرمي الحرب الصهاينة، الكرامة والمصداقية هي كل ما يملك وباراكا”.
من جهته قال حسن حمورو عضو المجلس الوطني للحزب في تدوينة له: “بالنسبة لمناضلي العدالة والتنمية.. من حقهم التعبير عن رفضهم لتوقيع أمينهم العام بصفته رئيسا للحكومة على الاعلان المشترك الذي يمكن أن يكون مرجعا لعملية تجريف وليس تطبيع فقط (حسب موازين القوى الداخلية اساسا) ومن حقهم/واجبهم أن يسارعوا إلى إنقاذ حزبهم من نهاية المسار الذي دخله منذ 25 مارس 2017 وليس بتوقيع الأمين العام..، لكن هذا الرفض لا يمكن التعبير عنه عبر الفيسبوك والواتساب فقط، وبالاتهامات المتبادلة أو المزايدات الفارغة.. قوانين الحزب توفر أليات أقوى للتعبير في اإطار احترام الأفراد والمؤسسات وفي إطار احترام المشروعية”.
ومن هذه الآليات، تابع حمرو قائلاً: تجميد عضوية الامين العام (كقرار احترازي) لمخالفته مبادئ الحزب، واحالته على هيأة التحكيم الوطنية، من طرف الأمانة العامة، المبادرة إلى إعفاء الأمين العام من طرف المجلس الوطني، وفق الشكليات المنصوص عليها، المبادرة إلى إعفاء الأمانة العامة من طرف المجلس الوطني وفق الشكليات المنصوص عليها، طلب عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للتداول في المستجدات، طلب عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للدعوة للمؤتمر الاستثنائي”.
مضيفاً، “في تقديري خارج هذه المبادرات، سنكون أمام ردود فعل ناتجة عن صدمة وإرتباك ليس إلا، الحزب في وضع سيء، ليس لأنه المسؤول المباشر عما حدث، ولكن لأنه لم يُظهر ما يكفي من الاستقلالية ومن مقومات الصمود والمقاومة.. وعلى كل حال هذه المقومات بدّدها الحزب شيئا فشيئا منذ 25 مارس 2017!”.
وكتب في نفس السياق عبد المنعم البيدوري، عضو المجلس الجماعي لمدينة المحمدية، عن حزب العدالة والتنمية: “مقولة “الإنصات والإنجاز” التي اجترها حزب العدالة والتنمية للجواب على كل الاشكالات السياسية والفكرية للهروب الى الأمام ، والتي مكنته مؤقتا من الافلات من حرج العديد من القضايا لكنه ما يلبث ان يصطدم بها!.. هذه ليست اول قضية يتهرّب الحزب من نقاشها وتطوير الحوار بشأنها من الديقمراطية الى الحريات الفردية الى التطبيع، كانت القيادة تكتفي باستجداء المبررات من مثل السياق الدولي وغيره للمضي قدما دون رؤية ولا بصيرة.. لا يمكن الاستمرار دون تنظير وتطوير للرؤى والتصورات، فالحيل الفقهية لا تنفع في قيادة الاوطان!”.
ونشر البرلماني محسن موفيدي، تدوينة مقتضبة، باللغة الفرنسية قال فيها: “فنّ قولِ لا”، تعليقاً على توقيع العثماني على الإعلان (الاتفاق).
لكن الغريب هو أن الموقع الرسمي للحزب لم يشر نهائياً إلى الحدث الذي شهده المغرب أمس الثلاثاء، في إشارة، الغرض منها بعث رسالة مفادها أن الحزب لا علاقة له بالاتفاق بالرغم من أن أمينه العام العثماني هو رئيس الحكومة الذي وقع الإعلان (الاتفاق).
ملف “إيسكوبار الصحراء”.. النيابة العامة تردّ على طلبات الدفاع بخصوص استدعاء أحمد أحمد ومسؤولين في البرلمان
في أول ردّ لها على طلبات دفاع المتهمين في ملف مابات يعرف بأسكوبار الصحراء، المعتقل على خلف…