كشفت الجمعية المغربية لحماية المال العام عن وجود شبهة جنايات تبديد واختلاس أموال عمومية وتلقي فائدة والغدر بخصوص التدبير العمومي بالمجلس الإقليمي لوزان، مطالبة في مراسلة إلى رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، بفتح تحقيق معمق بشأن هذا الملف.
وذكرت الجمعية ضمن شكايتها التي يتوفر “الأول” على نسخة منها، أن المعطيات والوقائع المستخلصة من التقرير المنجز من طرف المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية لسنة 2016، توقفت عند عدد من الاختلالات المتعلقة بصفقات عمومية عقدها المجلس الإقليمي بوزان بملايين الدراهم ويتجاوز مجموعها 8.
إبرام صفقات بملايين الدراهم خارج القانون
ومن بين أبرز هذه الاختلالات وفق شكاية حماة المال العام، إقصاء مقاولات بدون مبرر مقبول، مقابل منح صفقات لمقاولات لا تستوفي شروط ومعايير مرسوم الصفقات العمومية، كما هو الحال بالنسبة لصفقة تحمل رقم 2016/11 بمبلغ 575.520 درهم والتي نالتها مقاولة ”G.P” من أجل كراء الآليات والشاحنات، لكنها في واقع الأمر لا تصرح بأي أجير لدى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي رغم أن الشهادة المتضمنة للوسائل البشرية والتقنية المقدمة من طرف المقاولة نائلة الصفقة تفيد على أنها تتوفر على ما لايقل عن 16 أجيرا، وهو ما يعد مخالفة لمقتضيات المادة 24 من القانون المتعلق بالصفقات العمومية والتي تحدد الشروط المطلوبة في المتنافسين. نفس المقاولة وبالشروط ذاتها، نالت صفقة أخرى تحت رقم 2016/10 بمبلغ 773.400 درهم تتعلق بشراء مواد المقالع.
صفقة أخرى تحت رقم 16/24 بمبلغ 1.048.068 درهم والتي نالتها مقاولة “I” لأجل بناء مسجد بجماعة تروال ضمن مشروع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تضمنت العديد من الاختلالات التي يمكن إجمالها في أنها لا تصرح بأي أجير لدى هذه المؤسسة رغم أن المقاولة وحسب شهادة صادرة عنها تفيد بأنها تتوفر على ما لا يقل عن 20 أجيرا، وهو ما يشكل مخالفة صريحة للمادة 24 من مرسوم الصفقات العمومية، كما أن تدبير المشروع تم بطريقة عشوائية وذلك بعدم إشراك مكتب دراسات مختص في إعداد التفصيل التقديري لدفتر التحملات الخاص بالاعتماد على دراسة جيو تقنية، ذلك أن كل الدراسات التي قام بها المهندس “ع.د”، من دون أن يتلقى أي مقابل، تعتبر غير ذات جدوى وذلك باعتماده على أساسات كانت موجودة.
ومع إنطلاق الأشغال، تبين أن الأساسات الموجودة لا يمكن أن تتحمل أشغال بناء مسجد. وعليه فإنه تم إعداد ملحق رقم 01 بتاريخ 2016/12/12 من طرف المهندس الذي كلف بالتتبع والذي حدد فيه مبلغ الأشغل الإضافية في مبلغ 359.496 درهم، كما تم نقص بعض الكميات التي اعتقد مكتب الدراسات أنه مبالغ فيها ( الخرسانة والحديد) بمبلغ إجمالي قدره 325.000 درهم ليتم في الأخير الإعلان على أن مبلغ هذا الملحق هو 34.296 درهم فقط.
وتقول المراسلة إن مبلغ الأشغال الإضافية غير الواردة في الصفقة الأصلية مثل أكثر من %34.30 من المبلغ الأصلي للصفقة، أي أنها تفوق بكثير نسبة %10 المحددة في الفصل 86 من مرسوم الصفقات العمومية، مما يجعل الملحق المذكور مخالفا لمقتضيات هذا المرسوم.
وتوزعت باقي الاختلالات التي اعترت صفقات أخرى، بين غياب تصاميم الإنجاز المتعلقة بأشغال التهيئة وكذا التصاميم المتعلقة بالصرف الصحي، إضافة إلى غياب دفاتر ومحاضر تتبع الورش، ثم المساس بمبدأ المنافسة والشفافية.
أشخاص لا يعملون بالمجلس يستفيدون من خدمات الهاتف النقال بفواتير خيالية
وكشفت المراسلة التي تستند على تقرير صادر عن المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية لسنة 2016، أن مجموعة من الأشخاص لا تربطهم أية علاقة بالمجلس الإقليمي لوزان يستفيدون من خدمات الهاتف النقال، إذ وصل استهلاك الهاتف الثابت من طرف الكتابة العامة خلال سنة 2016، مبلغ 185.603.54 درهم، كما أن استهلاك بعض الموظفين التابعين للميزانية العامة وصل مبلغ 96.364.42 درهم خلال السنة نفسها، دون أن يتخذ المجلس لوزان إجراء لفسخ هذه العقود. وتمثل نسبة استهلاك الهاتف النقال من طرف أعضاء المجلس الحالي وكذا الموظفون التابعون لميزانية الإقليم حولي 13% من مجموع الاستهلاك، في حين تبلغ نسبة استهلاك الأشخاص غير التابعين لميزانية الإقليم حولي 87% وهو ما يشكل تبديدا لأموال عمومية.
دعم الجمعيات.. تجاوزات خطيرة
مراسلة المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام عرجت أيضا على ملف الدعم المخصص للجمعيات، مبرزة وجود تجاوزات بالجملة، في مقدمتها حالات التنافي، إذ تبين أن مجموعة من أعضاء المجلس الإقليمي لوزان هم أيضا أعضاء داخل جمعيات استفادت من دعم المجلس خلال سنة 2016، وهو ما يتعارض مع القانون الذي يمنع كل عضو من أعضاء مجلس الإقليم، تحت طائلة العزل، أن يربط مصالح خاصة مع الإقليم سواء تعلق الأمر بعقود الشركات أو التمويل أو الجمعيات التي هو عضو فيها.
كما أن هذا الدعم المقدم لبعض الجمعيات لم يمنح على أساس برنامج تعده الجمعية المستفيدة كما تنص على ذلك المادة 90 من القانون التنظيمي رقم 112.14 بل تم على أساس طلب مقدم من الجمعية مرفق بقانونها الأساسي فقط، ثم إن المجلس لا يعمل بالإمكانية التي تخولها المادة المذكورة بتتبع عند الاقتصاء استعمال الأموال الممنوحة من خلال تقرير تنجزه الجمعية المستفيدة من الدعم.
تبعا لكل ذلك، يطالب حماة المال العام رئيس النيابة العامة بإصدار تعليماته للشرطة القضائية المختصة بغية الاستماع لإفادات العربي المحرشي بصفته رئيسا للمجلس الإقليمي لوزان، وللمهندسين ومسؤولي المقاولات التي نالت الصفقات وسندات الطلب موضوع هذه الوقائع وبعض أعضاء المجلس، وكذا للمهندسين ومسؤولي مكاتب الدراسات والخبرة المسؤولين على الوقائع الواردة في المراسلة.
كما يطالبون بحجز جميع الوثائق ذات الصلة بوقائع الشكاية (الصفقات، سندات الطلب، فواتير محاضر ودفاتر الورش …) والاطلاع على الوثائق والتقارير المالية المتعلقة بالدعم الممنوح للجمعيات من طرف المجلس الإقليمي لوزان مع حجزها لفائدة البحث، ثم الاستماع لكل شخص قد يفيد في البحث طبقا للقانون، واتخاد كافة التدابير لضمان سير البحث التمهيدي طبقا للقانون، ومتابعة كل من ثبت تورطه في وقائع الشكاية.