قال مصطفى الرزرازي “الأستاذ و الخبير الدولي في الدراسات الاستراتيجية و تدبير الأزمات” تعليقا على ما جاء في تقرير “بان كيمون”، الذي تم تقديمه إلى أعضاء مجلس الأمن صباح اليوم، “يبدو أن التقرير جاء هذا العام هادئا بشكل عام، و إن تخللته ثغرات خاصة فيما يتعلق مسألة حقوق الإنسان، ثم في الجزء المتعلق بالتعاطي مع الملف الإنساني بمخيمات تيندوف. لكن يبقى التقرير من الناحية الإجرائية مقبولا، لكن لا يرقى لما يجب أن تقره الأمم المتحدة”.
وأضاف الرزرازي في اتصال مع موقع “الاول” الملاحظة الأخرى هي أن تقرير الأمين العام ظهر مضطربا من الناحية اللغوية، وانتقاء الكلمات، وهو ما يثير نقاشا آخر في طبيعة القاموس المطلوب احترامه من طرف الأمانة العامة للأمم المتحدة.
سياسيا، التقرير على الرغم من كل ثغراته، يضع نهاية للتأويلات الخاطئة لخصوم الوحدة الترابية بخصوص مفهوم تقرير المصير، و ذلك من خلال إدماج ضرورة الاتفاق على مفهوم و شكل تقرير المصير بين أطراف النزاع، و هو نفس المطلب الذي طالما دعا إليه المغرب بضرورة تجاوز الفهم المغلوط لتقرير المصير، بربطه بالاستفتاء أو بحل دوغمائي ينتهي بالعودة إلى أرض الوطن أو الاستقلال. بل هناك مدخل الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب و دافع عنه باستماتة، باعتباره شكلا من أشكال تقرير المصير.
وأكد “الخبير دولي في الدراسات الإستراتيجية و تدبير الأزمات”، نجد أيضا في التقرير كيف أن الأمين العام للأمم المتحدة يربط بين أهمية استمرار “المينورسو” في أداء مهامها بوظائفها التأسيسية خاصة وقف إطلاق النار، لكن دون العودة إلى مسألة الإعداد للاستفتاء الذي اقتنع المجتمع الدولي باستحالة تنظيمه لوجود معوقات تقنية و بشرية و قانونية، لكن يعود بشكل ضمني إلى انتقاد تلويحات بعض قادة البوليساريو بالعودة إلى السلاح، من خلال تحذيره من ” خطر عدم الاستمرار في ضمان وقف إطلاق النار، واستئناف الأعمال العدائية، مع خطر الانزلاق نحو تصعيد يؤدي إلى حرب شاملة” هي احتمالات ممكنة إذا ما اضطرت بعثة “المينورسو” للمغادرة ( في إشارة هنا إلى موقف المغربي السلبي من “المينورسو” التي تحاول أن تتجاوز في حالات كثيرة حدود مسئولياتها)، أو وجدت نفسها غير قادرة على تنفيذ مهامها التي فوضها لها مجلس الأمن “.
لكن يبقى من المهم القول أن انتقاد الأمين العام لتهديدات البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح و التهديد بالعنف، هي مسألة مهمة باعتبارها تتقاطع مع وجود إرادة قوية داخل اللجن التشريعية للأمم المتحدة بتجريم التهديد بالعنف و العودة إليه، خاصة في مناخ التهديدات الأمنية و الإرهابية العالمية .
وأضاف الرزرازي قائلا “في فقرات من التقرير يعود الأمين العام لأسباب التوتر بينه و بين المغرب على خلفية توصيفه للمغرب بالقوة المحتلة، وأبدى الأمين العام عن أسفه عن سوء الفهم الذي أدت إليه تصريحاته و أفعاله، و التي يؤكد الأمين العام أنها لم تكن تقصد مطلقا الانحياز إلى صف البوليساريو و لا إلى نيته إبداء أي عداء تجاه المغرب. لكن الأمين العام لم تكن له الجرأة في الاعتذار الصريح، بل ما يعاب على التقرير هو هيمنة النرجسية المبالغ فيها عند الأمين العام في التعاطي مع احتجاجات الشارع المغربي ضده. فهو يحاول إقناع نفسه بأن الثلاثة ملايين الذي خرجوا بالرباط، و المائة ألف و نصف من الذين خرجوا بالعيون، كأنهم كانوا يأتمرون لإرادة حكومية.
نفس النرجسية، و سقوط بان كيمون في شباك ” صناعة الدموع” ، جعلته يغض الطرف عن كل الوضع الإنساني المتردي بمخيمات تندوف، و كذا غض الطرف عن كل التقارير التي كشفت تلاعبات قيادة البوليساريو في لمساعدات الإنسانية.
ويختم الرزرازي تحليله للتقرير قائلا، ” المسألة الأخرى و التي تقتضي رعاية و حذرا خاصة في تقارير الأمين العام حول الصحراء، هي عدم الحديث عن إرادة الأغلبية الصحراوية الموجودة داخل الأقاليم الصحراوية. فنجد الأمين يختزل المكون الصحراوي في المحتجزين داخل المخيمات-بغير إرادتهم-.
الجانب المسطري في تقرير الأمين العام يقتضي منا أيضا الحذر بشأن عدم احترامه لآليات العمل الدولي في ملفي حقوق الإنسان، و المساعدات الإنسانية و اللاجئين. إذ الأولى يجب أن تحول إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ثم الثانية للمفوضية السامية للاجئين. أما دور الأمين العام في هذا الملف فهو عادة يبقى مقيدا بمساطر الأمم المتحدة، لكن الأمين العام يختزل عمل الآليات، و يضرب بها عرض الحائط على حساب ما رآه خلال رحلة سريعة، استعراضية، و فيها كثير من الخدعة و الفولكلورية، و ليست رحلة استكشافية كما يدعي أو باعتماده على تقارير مبعوثيه اللذين ينحصر اختصاصهما فيما حدده مجلس الأمن من مهام فنية ترتبط بالإشراف على المينورسو في مهامه المرتبطة بمراقبة وقف إطلاق النار أو بتسهيل العملية السياسية بالنسبة للمبعوث الشخصي.

التعليقات على الرزرازي: نرجسية “بان كيمون” جعلته يغض الطرف عن الوضع الإنساني المتردي بتندوف مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

أخنوش: نريد تحقيق العدالة المجالية عبر تطوير البنيات الأساسية التي أرساها الملك والصحوة الصناعية في المغرب تزعج البعض