لاقت دعوة “تعليق مقاطعة مادة الحليب” التي وقعت عليها 40 شخصية، أغلبهم محسوبين على الصف اليساري، سخطا عارما من قبل “شعب” الفايسبوك، الذي اعتبرها دعوة تحابي “نية” الرئيس المدير العام لـ “دانون أنترناسيونال” في التخفيض من أسعار الحليب والمواد المشتقة منه، وصلت إلى حد إحراج بعض الموقعين من أعضاء فيدرالية اليسار، مثل كريم التازي ومحمد حفيظ، الذين طلبت منهم نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد سحب توقيعاتهم، وقالت منيب في تصريحها لموقع “الأول” “موقفنا في فيدرالية اليسار واضح، نحن مقاطعون ومضربون إلى أن يحصل الانفراج السياسي، ومدخله إطلاق سراح المعتقلين المحكومين والمتابعين على خلفية حراكي الريف وجرادة”، وأضافت منيب، “كيف لنا أن ندعو أو نوافق على تعليق مقاطعة الشعب المغربي ونحن لم ندع أصلا لهذه المقاطعة ؟ بل هي وعي مجتمعي وشعبي لرفض الاحتكار والفساد والزواج بين المال والسياسة”.
من جانبه استغرب عبد الرحيم تافنوت، أحد الموقعين على عريضة تعليق مقاطعة مادة الحليب، الردود التي اعتبرها عنيفة، على رأي مجموعة من الناس، لهم الحق في التفكير وأن يكون لهم رأي مختلف، موضحا أنه حتى في زمن المقاطعة لم يكن جميع المغاربة مقاطعون للشركات المستهدفة.
وجوابا منه عن سؤال لماذا النداء بتعليق المقاطعة لشركة دون غيرها من الشركات المستهدفة والتي تعتبر شركة أجنبية مقابل شركتين مغربيتين، أوضح تافنوت أن “ذلك جاء لاعتبار أن هذه الشركة تواصلت مع المغاربة عبر مديرها العام وأعلن عن حسن النية، وفي علم التفاوض يجب أن نستحضر العقل، وأن نمنح كذلك بدورنا مهلة ربما تكون 5 أسابيع أو 10 أسابيع لإعلان حسن النية من أجل تفعيل وعده بمراجعة الأسعار”، أما بخصوص توقيت إطلاق دعوة توقيف المقاطعة، والذي اعتبرته نبيلة منيب في تصريح لها لموقع “الأول” “تشويشا على مسيرة 8 يوليوز”، أوضح تافنوت أن هذا الأمر “يمكن أن يناقش ويمكن اعتبار أن دعوة توقيف المقاطعة قد تقوم بالتغطية على معركة الحراك”، لكن يضيف تافنوت “يمكن أن تَصُبّ واحدة في الأخرى، فالمغاربة عندما اتجهوا للمقاطعة لم يكن ذلك بهدف إقفال شركة معينة وتسريح عمالها بل كان من أجل تحقيق الكرامة والاحتجاج على غلاء الأسعار”.
لطيفة البوحسيني، الناشطة الحقوقية، كتبت في تدوينة لها ردا على السخط الذي لاقاه نداء وقف المقاطعة، “انخرطت في “النداء لأن الأمر يتعلق بتعليق (أي إيقاف لمدة محدودة) وليس بتوقيف …والفرق بينهما كبير”.
وأضافت البوحسيني “انخرطت في النداء بهدف بعث الروح في النقاش حول المقاطعة، خصوصا وقد لاحظت أنه ومنذ مدة لم يعد هناك أدنى حديث عنها، حتى وإن كانت قد استمرت على أرض الواقع..”، مضيفة “لقد اعتبرت منذ البداية، أن من حسنات المقاطعة هي أنها فرصة لكي ندخل في نقاش واسع حول القضايا التي تشغلنا وفي القلب منها قضايا زواج المال والسلطة وتمركز السلط والتراجعات بخصوص الحريات العامة التي تمس الحركات الاجتماعية المطالبة بعدد من الحقوق التي تنتهك بالضبط بسبب الفساد واقتصاد الريع وتمركز السلط”.
وفي نفس السياق أوضح سامي المودني، الصحفي، أنه تفاجأ بحجم ردود الفعل الصادرة ضد نداء توقيع المعارضة، موضحا “توصلت بالبيان من طرف مناضل يساري أقاسمه عددا كبيرا من الأفكار وأكن له كل الاحترام والتقدير. اطلعت عليه بسرعة عبر الواتساب ووجدت أن ما يتضمنه البيان المذكور من أفكار لا يتعارض مع موقفي من المقاطعة مبدئيا”. مضيفا “لم أنتبه جيدا إلى أن ما ورد في البيان يستند إلى نية الشركة في خفض الأسعار وليس إلى قرار رسمي من طرفها، وهو الأمر الذي نبهني إليه زملاء أقدرهم وأعزهم”.
وأضاف المودني في توضيحه المنشور على الفايسبوك “وقع خلط لدى من بعض الأصدقاء والزملاء بين توقيعي الشخصي وموقعي كرئيس لجمعية مدنية ومهنية في مجال الإعلام تضم خيرة الأطر الإعلامية الشابة”. موضحا انه “تفاديا لهذا الخلط، وتفاعلا أيضا مع بعض المواقف السياسية المعبر عليها من طرف فاعلين أقاسمهم القناعات، فإنني أعلن سحب توقيعي من البيان المذكور.