أحمد الريسوني
تابعت أمس واليوم هذه الحملة الموتورة ضد الدكتور لحسن الداودي، الوزير، أو ربما الوزير السابق، في الحكومة الحالية. وقبل أن أعلق على هذه الحملة أحكي لكم شيئا تذكرته بهذه المناسبة.
فقبل أكثر من عشرين سنة زارني الأخ الداودي في أول دخول له إلى منزلي. جلسنا في غرفة الضيوف، وناديت على ولدي ليسلم عليه. دخل الولد وهو متهيب “حشمان”، ولما وصل عند الداودي ليسلم عليه أخذه وضمه بشدة بين ذراعيه ثم رفعه وطرحه فوق الفراش، ثم قال له: غادي نلعب معك البوكس، هيا… فضحكت وضحك الولد بعد أن سُـرِّي عنه، وساد الانشراح والألفة بدل الخجل والوجل!
هكذا هو لحسن الداودي، رجل مرح، فطري وشفاف، وصادق مع نفسه ومع الناس. وهذه خصال تقريبا لم تعد توجد اليوم إلا في الأطفال الصغار، البرآء من التصنع والالتواء. فهو لم يفسده لا النفاق الاجتماعي، ولا شقيقه الأكبر: النفاق السياسي.
فلذلك استجاب لنداء ضميره ومنطقه وخرج ليتضامن مع إخوانه العمال، بل ليندمج فيهم. نسي أو تجاهل أنه يسبح ضد تيار الوقت، وضد التصنع، وضد البروتوكول، وضد الفيسبوك ومن والاه. نسي الداودي أو تجاهل أنه سياسي، وقيادي حزبي، ووزير يُـحسب له ويُـنصب له… ونسي أن هذه الصفات لها قيود وآصار وأغلال وحسابات ومناورات، نسي كل ذلك أو تجاهله، لأن “الطبع يغلب التطبع” عند أمثاله، وقليلٌ ما هم.
الغريب أن بعض الشعارات و”القيم الكونية” التي كانت تملأ أسواقنا، وأرضنا وسماءنا، اختفت تماما من الأسواق! فأين ذهب الحق في الاختلاف؟ وأين ذهبت حرية الضمير؟ وأين ذهبت حرية التعبير؟
أخي العزيز السي لحسن رعاك الله: إذا أردت أن تعيد الكرة مرة أخرى، فأخبرني لأكون معك مؤازرا لك، رغم أني مع المقاطعة وفيها منذ سنوات.