عبد المجيد الفرجي
ستبقى صورة مقتل بائع السمك محسن فكري المؤلم، “معتصرا” في شاحنة لجمعا لأزبال بمدينة الحسيمة المغربية، مساء الجمعة الماضي(28.10.2016)، وصمة عار على جبين الوطن، كيفما كانت الأسباب، وكيفما كان المسؤول عن الواقعة وإن ثبت أيضا مسؤولية الراحل نفسه رحمه الله…
ولأن الحق يؤخذ ولا يُعطى، فإن معرفة حقيقة ما حصل للشاب المغربي (الذي أيقظ فيبعض أفراد الشعب روح الوطن من جديد)، يجب أن تتحقق مع أقرب وقت، والضغط الجماهيري في هذه المناسبة واجب على كل مواطن بالطرق المشروعة التي ستمكن من معرف الحقيقة الكاملة، في إطار الحق في المعلومة من أجلإحقاق الحق ورد الاعتبار للهالك ومعه الشعب وكل الوطن… لكن حذاري من التغليط سواء كان رسميا أو انتهازيا أو من المتربصين بالوطن.
جميل جدا أن ينزل الناس إلى الشوارع للاحتجاج بطريقة سلمية، لكن الأجمل أن يقطع الشعب الطريق عن تجار القضية، وكل متهافت إليها من أجل تصفية حسابات سياسية ضيقة على حساب مصير البلاد والعباد.أو كل من يستغل الحادث لبعث شفرات سياسية لمن يهمه الأمر.
وهنا يحضرنيموقف عبد الإلاه بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي حث كافة أعضاء حزبه ومتعاطفيهبـ”عدم الاستجابة بأي شكل من الأشكال لأي احتجاج بخصوص هذا الحادث المأساوي” المذكور، كما ورد في “توجيه” مذيل بإمضاء بنكيران منشور في نصف الساعة الأخيرة من يوم السبت 29.10.2016 على الموقع الإلكتروني للحزب، وهو ما يبعث على كثير من الأسئلة، مثلا: هل الأمر يتعلق بإشارة سياسية من الرجل يبعثها إلى القصر، يرمي بها القول أنه قادر مرة ثانيةبعد مسيرات 20فبراير 2011، على ضبط الشارع المغربي على اعتبار أن حزبه له قاعدة جماهرية كبيرة من منخرطين ومتعاطفين كثر ساعدوه على تزعم الانتخابات التشريعية الماضية؟
قد يكون لتوجيه بنكيران أثره السياسي في تكوينه للحكومة المرتقبة، من حيث تسهيل تشكيلتها الحزبية. غير أن سيناريو تصاعد الاحتجاجا وانخراط حزب الاصالة والمعاصرة “بام” إعلاميا في القضية وفي الوقفات الاحتجاجية كما جاء في بيان للناطق الرسمي باسم الحزب حيث دعا”كل مناضلاته ومناضليه إلى مساندة أسرة الضحية والانخراط التام في كلأشكال النضال المشروعة”. فدعم “البام” وحشده لمناضليه للنزول إلى الشارع وتنامي الاحتجاجقد يشكل ضغطا على بنكيران وقد لا يبعد هذا الأمر احتمال سيناريو تشكيل حكومة وطنية وإن بدا ذلك مستبعدا جدا إلا أنه ليس مستحيلا، وسيكون المبرر طبعا هو مصلحة الوطن.
الوطن لنا لا لغيرنا… لذلك لا أظن أن أي عاقل مسؤول يحب نفسه سيقدم على قتلها، بمعنى آخر، إذا كان الوطن يسكنننا ولا نسكنه فقط، فإن استقراره من استقرارنا، ومن يصنع استقرار الوطن هو الشعب أولا وأخيرا…
وأول طريق الاستقرار في الوطن الحبيب تكون يا سادة بترسيخ دولة الحق والقانون وتكريس القيم الإنسانية العدل، المساواة، الكرامة، الحرية…
الاستقرارسلوك يومي يفرضه المواطن الذي يحترم نفسه بعيدا عن الحزبية الضيقة في معاملاته داخل المجتمع ولايطبع مع الفساد. أقصد المواطن الذي لا يستفيق من سباته إلا لحظة “الهزة الأرضية/ الإنسانية” ثم يعود إلى سابق عهده… ولا بأس على الذين استيقظوا للتو من نومهم العميق بعد أن أحيت تلك الصورة المؤلمة لجثة محسن ضميرهم الإنساني الذي أتمنى له (الضمير) صادقا طول العمر والصحة والعافية.
قد لا يستقيم المقام بهذه المناسبة الأليمة في توجيه اللوم وإعطاء الدروس للناس، وإن فعلت ذلك من حيث أدري أو لا أدري فلأني أحس شخصيا بالعار.. معذرة سأغير صيغة المخاطبمن أنتم إلى أنا. هكذا أذكرني قبل أن أذكركم، ومن وجد نفسه معنيا بما سلف ذكره، فليأخذ كلامي محمل جد، وليساهم في محاربة الفساد، الحكرة/ التحقير والظلم بعدم التطبيع مع ذلك انطلاقا من سلوكه الفرديوتعاملاته الاجتماعية، أن يكون صادقا مخلصا لوطنه من خلال العمل بأمانة كل من موقعه وموقفه وقدرته… واسمحوا لي على الإزعاج إذا ما ذكرت نفسي بصوت مرتفع.
*إعلامي مغربي مقيم في إيطاليا