صدرت الطبعة العربية لكتاب “أسلحة الحرية.. الجزائر حرب التحرير” للرائد في جيش التحرير سي منصور بوداود، مسؤول التسليح بالمالغ. الكتاب صادر عن دار النشر رافار.
يكشف السي منصور في كتابه أولى خيوط بداية تشكيل ورشات ووحدات تصنيع الأسلحة بالمغرب، إذ يؤكد أن مسألة الأسلحة أضحت تؤرق قادة الثورة على أعلى مستوى.
وأصبح من الضروري اقتناء كميات كافية للسماح لجنود جيش التحرير بمواصلة الحرب. فأول نواة لصناعة الأسلحة في المغرب لفائدة الثورة وتحت إشراف منصور بوداود كانت سنة 1956 وتوجت العملية بصناعة أول قنبلة لفائدة جيش التحرير وسميت بالقنبلة الإنجليزية .
البداية كانت من تيطوان بالمغرب حيث تم تجهيز الورشة بكل الوسائل الضرورية لتوسيع المكان بغرض إنتاج المزيد من القنابل.
المكان وضعه محمد الخطاب تحت تصرف الجنود وهو جزائري خدم الثورة ووضع جزءا من أملاكه تحت تصرفها وكان مقربا من الملك المغربي محمد الخامس.
الأممية الاشتراكية الرابعة زودتنا بتقنيين
وعن فضل الأممية الاشتراكية الرابعة في مساعدة الثورة، يقول بوداود في كاتبه، أرسلوا إلينا تقنيين من جنسيات ألمانية وإنجليزية وأرجنتينية ويونانية. وتم تشكيل مكتب دراسات في تحليل المعادن وأمور أخرى ذات طابع تقني.
وبالإضافة إلى التقنيين الأجانب، التحق جزائريون بالمغرب ضمن تلبية نداء الحكومة المؤقتة لمساعدة الثورة والتحقوا بورشات صناعة الأسلحة التي كانت موزعة عبر التراب المغربي.
ومن ضمن ما يسرده سي منصور وداود حول المساعدة الأجنبية للثورة الجزائرية في المغرب هو إمكانية تحويل آلات كبيرة لصناعة الأسلحة من دول كيوغسلافيا، التي جلبت إلى المغرب على أساس المشاركة في المعرض التجاري الدولي، ويتم تحويلها فيما بعد إلى ورشات تصنيع الأسلحة.
5 آلاف بندقية و200 قذيفة في المغرب
بلغة الأرقام، يتحدث السي منصور في كتابه، عن تمكن دائرته من صناعة 5 آلاف بندقية و100 ألف قطعة من الذخيرة و50 ألف قطعة خزان تم تحويلها إلى جيش الحدود قبل الاستقلال، حيث تم تعبئتها في صناديق وتم تحويلها إلى الجزائر.
علاوة على ذلك تم صنع نوع من الأنابيب المحشوة بالمواد المتفجرة الممزوجة ببودرة النبالم وتسمى “البنغالور”، واستعملت في تفجير الألغام التي زرعت على طول خطي شال وموريس.
طموح الثورة على تطوير قدرات إنتاج الأسلحة عبر المراكز الخمسة الموجودة فوق التراب المغربي، تجسدت ميدانيا مع صناعة قذائف الهاون، التي بلغ عددها 200 قذيفة لكن تكلفتها كانت كبيرة على الصعيد البشري إذ تم فقدان أحد كبار صناع الأسلحة وهو النقيب حمو ياتا، الذي استشهد خلال عملية تجربة في الورشة أمام أعين زميله عبد العزيز بوتفليقة. وبعد الحادث استشهد مراد في نفس الظروف تقريبا.
ومن بين الشحنات التي كانت تحول إلى الجزائر، يذكر الكاتب أن العقيد عثمان من الولاية الرابعة استلم واحدة من البواخر المعبأة بالأسلحة المصنعة في الورشات بالمغرب.
المخابرات الفرنسية حاولت اختراق مصالح التسليح
يكشف الكاتب عن محاولات للمخابرات الفرنسية اختراق مصلحة التسليح من أجل تكسير الثورة الجزائرية في أحد معاقلها المهمة المكلفة بتزويدها بالأسلحة وهي المغرب، إذ يسرد السي منصور بوداود، إحدى المحاولات الفاشلة للمخابرات الفرنسية، حيث اتصل ديبلوماسي مصري بالشيخ خير الدين وهو أحد قدماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وكان ممثلا لجبهة التحرير الوطني لدى السلطات المغربية، وأخبره أن شخصا يريد الاتصال بمسؤولي جيش التحرير الوطني بشأن صفقة سلاح وذخيرة.
وقبل اللقاء، احتاط الرائد سي منصور وأبلغ فرقة الكومنودس التابع لجيش التحرير الوطني، الذي وضع بدوره تحت منزل الديبلوماسي تحت الرقابة حيث شاهدوا رجلا دخل منزله وجاء مترجلا وبعد خروجه تابعته أعين رجال الثورة، لتقتفي أثره حيث التقى سيدة في مطعم قبل أن يدخل ثكنة فرنسية تقع في آخر الشارع.
وتم التأكد من أنه جاسوس وتم إبلاغ الشيخ خير الدين الذي غضب على منصور بوداود، الذي لم يلتحق بالموعد فشرح له الأمر، فدهش لما حصل.
وفي حادثة ثانية، يتحدث الكاتب عن اتصال من طرف الدكتور الخطيب الذي كان مسؤولا في الجيش المغربي، وعرض عليه لقاء شخص في فندق الماجستيك في الدار البيضاء بالمغرب، يدعي أن له عرض صفقة أسلحة وذخيرة مهما جدا. والتحق بوداود بالفندق مع جميع الاحتياطات الواجب اتخاذها في مثل هذه اللقاءات.
ويؤكد الكاتب أنه بمجرد ما التقى الفرنسي تأكد أنه من المخابرات الفرنسية، سواء من طريقة كلامه أم تقاسيم وجهه، وزادت قناعة السي منصور عندما بدأ الفرنسي يحرص على التعرف على أماكن تفريغ الأسلحة، مع تأكيده على توفيره كل الأنواع المطلوبة، حينها تأكد أنه جاسوس، فقال له سي منصور: “قل لمسؤوليك يبعثوا من هم أذكى منك”.
(عن “الشروق” الجزائرية)
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…