خليل غريب الذي يصنع من المتلاشيات أعمال فنّية عميقة يعرض بالرباط

افتتح، مساء أمس الثلاثاء بفضاء صندوق الإيداع والتدبير بالرباط، معرض تكريمي للفنان التشكيلي خليل غريب، المبدع الذي ينفخ الحياة والقوة التعبيرية في المواد المتلاشية والملفوظة.
ويعد خليل غريب سادس فنان تحتفي به مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير من خلال معرض يوجز مسارا فنيا مغايرا لكنه أساسي في المشهد الفني المغربي.
ويضم هذا المعرض مجموعة واسعة من أعمال هذا الفنان، الذي يشتغل على تحويل المادة الملفوظة والمتلاشية، أساسا من الورق والكرتون، إلى عمل يستفز المشاهد بدعوته إلى التأمل في “هشاشته الوجودية” كما تقول المديرة العامة للمؤسسة دينا الناصري في تقديمها لكتاب صدر بمناسبة المعرض.
تكتب دينا الناصري: “إن خليل غريب يختص بسمة إبداعية تجعله من طليعة الفنانين المغاربة، ذلك أنه لا يخاطبنا مجاملا شهيتنا المشروعة لما هو جميل في تمثل الواقع، بل يكشفنا أمام ذواتنا، كما نحن، في هشاشتنا الأولى وتواضع وجودنا في العالم”.
وبتكريمه لخليل غريب، فإن المعرض، الذي يتواصل الى 27 غشت المقبل، يحتفي بفنان أدار ظهره دائما للبعد التجاري للفن، الذي اعتبره دائما مجرد “لعب” يلبي حاجة طفولية تسكنه، فظل يرفض بيع لوحاته انسجاما مع رؤيته للفن والحياة التي يعيشها بحد أدنى من المتطلبات المادية.
مائتا لوحة متعددة الأشكال والأبعاد تجسد خمسين عاما من الإبداع، بلمسات تجريدية أحيانا وتصويرية أحيانا أخرى. تعكس كنه تجربة واكبها عن كثب وبإعجاب الروائي والتشكيلي الراحل إدمون عمران المالح الذي رأى أن أعمال غريب آثار تعرض الحياة في بعدها الإنساني، الحياة الطافحة، المتواضعة، القريبة من الجير، من التراب ومن المادة الكامنة في النفايات، الخراب والملفوظات.
وقد صدر الكتاب بشراكة بين مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مقدما بانوراما مصورة ونقدية لتجربة خليل الغريب بروح تنسجم مع قمة (كوب 22) التي ستنعقد بمراكش في شهر نونبر 2016، ذلك أن هذا الفنان، ابن مدينة أصيلة، راهن منذ البداية بحس أخلاقي بيئي فطري على تحويل مواد متلاشية وملفوظة إلى أعمال إبداعية.
ويشدد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، ادريس اليازمي، على هذا البعد البيئي في أعمال خليل غريب الذي يجوب أزقة مدينته وشواطئها ليجمع مختلف المواد التي يصادفها صانعا منها إبداعات أصيلة. إنها مواد تحكي قصة الانسان ومحيطه وتعايشهما المعقد. (و م ع)