محمد سموني

لم يلق فيلم “بورن أوت” خاتمة ثلاثية البيضاء لنور الدين الخماري، الترحيب الذي كان منتظرا من الجمهور، مقارنة مع فيلميه الأولين “كازا نيغرا” و”زيرو”، لكنه وإن فشل في استقطاب الجمهور ولم يعمر كثيرا في القاعات، لكنه سينمائيا، – وهو ما لم يلاحظه الكثيرون-، نجح الخماري في تركيب فيلم بقصص مختلفة لكنها موحدة سينمائيا في فيلم “بورن أوت”، وهو ما لم ينجح فيه بشكل كامل في فيلمه الأول، من ثلاثية البيضاء، “كازا نيغرا”، وبشكل أقل في فيلم “زيرو”، وهنا أتكلم بالضبط على حبك قصة الفيلم من بدايتها إلى نهايتها، عبر الصورة، بشكل يجعل من القصة تذهب إلى مداها عبر متن فيلمي يجعل من نهاية الفيلم غير متوقعة ولها معنى داخل المتن الحكائي.

في فيلمي “كازا نيغرا” و”زيرو” تشعر من المخرج في الفصل الثالث من الفيلم يترنح لإيجاد نهاية للمتن الفيلمي، بشكل متسرع وغير مبني، قصة بطلي الفيلم مع الحصان في فيلم “زيرو” وما فيها من تشويش “كافكاوي” غير مفكر فيه، وأيضا بطل “زيرو” وبطولته الزائدة في نهاية الفيلم الذي يلغي باقي الشخوص وقصة الفيلم الأساسية…، لكن مع “بورن أوت” تجد الخماري متمكنا من قصة الفيلم من بدايته إلى نهايته، سيناريو محبوك بشكل جيد يولي أهمية للتفاصيل بشكل أكبر، مما منحنا فيلما أهميته في التفاصيل، وفي الأدوار الثانوية التي أبان ممثليها عن أداء له أهميته، حتى أصبح دور أم ماسح الأحذية “السعدية لديب”، وعشيقها “محمد الخياري” مشغل ماسحي الأحذية، أكبر بكثير من دور الممثل الأساسي “أنس الباز” الذي ظهر “محترقا في “أداء” دور المحترق حقا “بورن أوت”.

قبل أزيد من سنتين، وأثناء إعداد الخماري لفيلمه الأخير “بورن أوت” جمعنا لقاء حواري، اعترف به بشكل مباشر وبدون أي تردد أو عقد، بأخطائه في فيلمي “كازا نيغرا” و”زيرو”، وقال بالحرف “فعلا هناك مشكل في الفيلمين على مستوى 3éme Acte، وحاولت أن أتجاوز ذلك في الفيلم المقبل “بورن أوت”، فهل فعلا تجاوز الخماري، هذا المشكل نعم وبشكل ناجح هذه المرة، في اعتقادي، يروي الخماري قصة من ليل الدار البيضاء بحرفية على مستوى الكتابة السينمائية، لا يوجد الكثير من الكلام ولا الكليشيهات، على عكس ما رأى البعض، نجح في أن يمرر لغة سينمائية، لنصل إلى نتيجة فيلم بمقومات سينمائية مقبولة جدا، ولا يمتلك الكثير من المخرجين، حتى الخماري في أفلامه الأولى، أن يضبط إيقاعها بشكل سلس كما فعل في فيلم “بورن أوت”.

مفهوم أن لا يستقبل الجمهور المغربي، فيلما يحمل مقومات ولغة سينمائية تبتعد عن الخطاب المباشر، ولو أن الخماري سقط في نفس الأمر، مع قصة السياسي (إدريس الروخ) وطالبة الطب (سارة بيرلز) التي اتجهت لامتهان الدعارة لتغطية مصاريفها، لكن غير المفهوم هو غياب الفيلم عن المهرجانات السينمائية وحتى عند حضوره يغيب عن منصة التتويج سواء داخل المغرب أو خارجه، وحتى النقد السينمائي في المغرب، على قلته، اتجه في بعض المقالات، إلى “جلد” فيلم “بورن أوت” واعتباره من أسوء أفلام الخماري في ثلاثية البيضاء، وهو نقد “عبثي” غير مفهوم بدوره. نعم الخماري نجح كمخرج في إنجاز فيلم متماسك في خاتمة ثلاثيته، لكن كمنتج لم ينجح الخماري في ترويج الفيلم والذهاب به إلى المهرجانات الكبرى، وهذا ربما جزء من إشكال الجمع بين وظائف الكتابة والإخراج والإنتاج السينمائي..

التعليقات على ثلاثية البيضاء للخماري.. لماذا لم يأخذ “بورن أوت” حقه كفيلم سينمائي؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

مندوبية الحليمي ترصد تحسنا في مؤشر ثقة الأسر خلال الفصل الثاني من سنة 2024

أظهرت نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط، أ…