خالد اوباعمر
تفصلنا أياما معدودة عن الإحتفال بذكرى عيد العرش الذي يعرض فيه الجالس على العرش حصيلة ما أنجز خلال سنة كاملة في شتى المجالات ويرسم فيه الخطوط العريضة للأولويات التي يتعين على كل الفاعلين في الدولة الانخراط في انجازها خلال المرحلة المقبلة كل حسب الاختصاصات الموكولة إليه دستوريا وقانونيا.
وبما أن المناسبة شرط كما يقول الفقهاء فإن الملك باعتباره رئيس الدولة وممثلها الأسمى بنص الدستور معقودة عليه امالا كبيرة للتجاوب بشكل إيجابي مع انتظارات ورهانات المجتمع ومن أهمها في تقديري المتواضع الانتظارات السياسية والاجتماعية والحقوقية والأمنية.
مناسبة عيد العرش لهذه السنة يمكن توظيفها او استثمارها في اتجاه إعادة الثقة في علاقة الدولة بكل مؤسساتها مع المجتمع بكل فئاته الاجتماعية وذلك باستحضار تداعيات حراك الريف الذي شكل بدون منازع المطب الأكبر خلال هذه السنة التي سجلت فيها للأسف الشديد اختلالات سياسية واجتماعية وحقوقية كبرى نتيجة التدبير السيئ للشأن العام والتعاطي الفج والسلبي مع الطلب الاجتماعي المتزايد خصوصا في شقه الحقوقي.
الملكية في المغرب هي صمام الأمان الوحيد الذي بإمكانه إعادة الثقة للمواطنين في مؤسسات الدولة الأمنية والسياسية والحقوقية والقضائية والتشريعية في ظل وجود اختلال كبير وغير مسبوق على هذا المستوى بفعل تراكم أخطاء كل الفاعلين لأن مصلحة الوطن أكبر من الجميع وفوق الجميع ولأن السلطة السياسية في كل الدول التي تنشد التغيير وجدت لكي تكون في خدمة الشعب، والمغاربة رغم كل جراحهم وآلامهم برهنوا على أصالتهم وطيبوبتهم وتشبتهم بوحدة صفهم الوطني وبتوابتهم الدستورية التي لا ينبغي أن تكون موضوع توظيف من أي جهة كانت بحسابات صغيرة وضيفة.
لنكن صرحاء، اليوم هناك طلب مجتمعي متزايد على ضرورة تدخل المؤسسة الملكية لتنفيس الاحتقان الاجتماعي في الريف وفي غيره من المناطق المغربية المهمشة، لانها الوحيدة التي تستطيع في ظل النظام الدستوري الحالي بالنظر لرمزيتها وصلاحياتها الدستورية الواسعة، ضمان وحدة وأمن واستقرار الوطن، وتأمين حقوق المواطنين وحرياتهم المكفولة لهم بموجب المواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة، وصيانة الخيار الديمقراطي للبلاد من كل محاولات العبث به.
ما شهدته منطقة الريف التي تبقى لها حساسيتها التاريخية وخصوصيتها الثقافية كان له تأثير كبير على مفاصل وبنيات الدولة وهذه حقيقة ينبغي الاعتراف بها بكل شجاعة عوض تبخيسها لأنه بسبب سوء تدبير الحركة الاحتجاجية المطلبية السلمية في الريف وبسبب تغليب المقاربة الأمنية في التعاطي مع مطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية عادلة ومشروعة بحكم التهميش الملموس الذي تعاني منه أقاليم هذه المنطقة التي صنفتها هيئة الانصاف والمصالحة ضمن الأقاليم الإحدى عشر التي تضررت من ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعين جبر ضررها الجماعي في إطار فلسفة المصالحة التي صفق لها العالم.
لكل هذه الاعتبارات فإن مناسبة عيد العرش تشكل فرصة ثمينة لتصحيح ما يمكن تصحيحه من اختلالات على مستوى كل البنيات السياسية والأمنية والحقوقية والاقتصادية لإعادة الثقة إلى نفوس الشعب الذي بدأ يشعر بوجود فجوة كبيرة في علاقته بمؤسسات الدولة التي ينبغي أن تظل قوية ومتماسكة وبعيدة كل البعد عن صراع المصالح الذي يمكن أن يتسبب في إضعافها وهذا ما لا نرضاه لبلادنا التي ضحت اجيال سابقة من أجل وحدتها وأمنها واستقرارها.
إن الجالس على العرش بما يملكه من مشروعية وصلاحيات واسعة قادر مما لا شك في ذلك على تصحيح الاختلالات وتقويم الاعوجاجات وحفظ سمعة البلاد ومكانتها الحقوقية التي تضررت كثيرا بسبب ارتكاب أخطاء مجانية ما كان لها أن ترتكب لو حضرت الحكمة وغاب الانفعال الذي أنتج سلوكيات عبثية غير مسبوقة في الشق الحقوقي.
مناسبة عيد العرش تشكل فرصة مواتية لوضع النقاط على الحروف والتأكيد على أهمية ربط المسؤولية بالمحاسبة. كما أنها مناسبة سانحة لطي ملف الحراك وإعادة الثقة لساكنة الريف في مؤسسة الدولة وذلك من خلال اصدار عفو ملكي شامل على كل المعتقلين الذين اتهموا حكوميا بالمساس بأمن الدولة وبخدمة أجندات انفصالية استنادا لتقارير تبين فيما بعد أنها لم تكن صحيحة ولا مسؤولة!!
دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم.. ألمانيا تدك شباك البوسنة بسباعية نظيفة
حسم المنتخب الألماني صدارة المجموعة الثالثة ضمن المستوى الاول لمسابقة دوري الأمم الأوروبية…