نوفل البعمري

منذ 6 سنوات خرجت أغلبية المدن المغربية للشارع مطالبة بالإنهاء مع حالة الاحتقان السياسي التي دخلت فيها بلادنا بعيد الانتخابات التشريعية ل 2007 التي شكلت رجة سياسية ونقطة احتجاج شعبي على مسار العملية السياسية ببلادنا؛ وأدت إلى فقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة وفي الانتخابات… وازدادت حدة هذا الشعور مع محاولات الهيمنة السياسية على الحياة الحزبية من خلال الرغبة في استنساخ النموذج التونسي والمصري؛ عبر ببناء حزب كبير؛ قوي على يمين الدولة يكون درعها ويدها لبسط اليد على الحياة الحزبية؛ لينفجر الوضع وتكون الاحتجاجات في مختلف ربوع البلاد احتجاجا على هذا المشروع وعلى حالة الاحتقان السياسي وابتلاع الاحزاب الصغرى التي كانت متموقعة على يمين يمين الدولة؛ حيث تمحورت مطالب الشارع في القيام بإصلاح سياسي و مؤسساتي عميقين؛ شملتا تعديل الدستور والإعلان عن مؤسسات الحكامة كآلية مؤسساتية في البناء الديموقراطي ببلادنا؛ وقد كانت الأجواء العامة وحالة الغليان التي عرفها الشارع غير مساعدة على إجراء تعديل دستوري يجيب على مختلف الاشكالات التي قد تطرح من خلال بعض الفراغات التي ظلت تعتمل بعض نصوصه ومواده وهو ما شهدناه في حالة البلوكاج التي عشناها لنصف سنة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة؛ حيث أنه يمكن القول إن حالة ضغط الشارع لم تسمح بإجراء تعديل دستوري يجيب على مختلف الاختلالات والاشكالات التي قد يطرحها تنزيله على ارض الواقع بسبب السياق المشحون الذي وضع فيه.
و اذا كان حراك 2011 قد حقق جزءا كبيرا من أهدافه؛ خاصة من خلال تعزيز موقع السلطة التنفيذية والتشريعية في البناء المؤسساتي لبلادنا؛ وأجاب عن اسئلة الشارع ومطالبه في الإنهاء مع مشروع الهيمنة وتحول مختلف الاحزاب الى حجمها وقيامها بدورها الطبيعي دون أن تكون درعا للدولة؛ فإن هذا الإصلاح ظل مفتقدا لبعد أساسي منه؛ وهو ترجمة الاصلاح السياسي الى اصلاح اجتماعي؛ هذا الإصلاح الأخير يظل حاجة ضرورية ملحة ببلادنا اليوم؛ تعبر عنه حالة الاحتجاجات المتسارعة بمختلف المدن المغربية؛ تنتقل شرارتها بسرعة من هنا لهناك رغبة في تحسين ظروف العيش؛ وقيام نظام اجتماعي عادل يقوض من حالات الاختلال في ميزان التوازن الاجتماعي سواء الترابي منه أو الفئوي؛ واذا كان هناك تقاطع جوهري بين هذا الحراك وحراك 2011 على مستوى قيادته من قبل “قيادات” ووجوه بعيدة عن مختلف المؤسسات الحزبية والنقابية والمدنية؛ فإنه يختلف من حيث طبيعته ومن حيث الاجابة التي قدمها كل حراك؛ على اعتبار أن حراك 20 فبراير كان واضحا على مستوى المشروع السياسي الذي يطمح اليه؛ فإن الحراك الحالي الاجتماعي لم يستطع الاعلان عن طبيعة النظام الاجتماعي الذي ينشده هذا الحراك ربما لأنه في بداياته وفي طريق التبلور والتشكل؛ لكنه على العموم وفي مختلف المدن التي انطلق منها ” الحسيمة/العيون…” يسائل النظام الاجتماعي الحالي الذي ظل سائدا لسنوات؛ ويدق ناقوس الخطر على مستوى غياب توزيع عادل للثروة وعلى احتياج الاجيال الجديدة من الشباب المغربي إلى العيش بكرامة وتحقيق حد أدنى من الرفاه الإجتماعي.
و اذا كان الاصلاح الدستوري قد تم في سياق الضغط مما ترك بعض الفراغات؛ فإننا اليوم نحتاج للقيام باصلاح اجتماعي عميق في الدولة والمجتمع؛ يجيب على الاسئلة العميقة للمحتجين قبل أن نصل لمرحلة الضغط والقيام به تحته؛ وتظل الحكومة مسؤولة مسؤولية كبيرة الى جانب المجلس الاقتصادي والاجتماعي في القيام بفتح الورش الاجتماعي مع مختلف المعنيين والفئات الاجتماعية.

التعليقات على حراك الريف.. من الإصلاح السياسي إلى الإصلاح الإجتماعي مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…