حكايات باريسية (2)

 تكتبها لـ”الأول” من باريس: فتيحة أعرور

قليل من الألم لا يضر..

 باريس اليوم جميلة مثل عاداتها، ولو أنني أحب المطر والسماء عندما تكون متلفعة بكسائها الرمادي، أجد الشمس اليوم مختلفة وهي ترسل أشعتها الحانية على لجين “السين” المنساب بهدوء ولا مبالاة بمكر العالم. زرقة السماء فوق القرميد الأحمر للبيوت الخاملة يضفي على يوم الأحد رونقا خاصا.

أحب المطر وتجهم السماء خارج أحكام التحليل النفسي الجاهزة. ليس في الأمر اكتئابا أو ارتكانا أبديا إلى العزلة، بل على العكس من ذلك تماما، المطر مخاض ووعد بولادة جديدة ومختلفة. فبعده يأتي الربيع وكل الألوان الجذابة… تأتي الحياة في كامل زينتها، أكثر جمالا وصخبا وعطرا وحنوا.

قليل من الألم لا يضر، كثيره قد يقود إلى الجنون أو الموت البطيء، والمحظوظ كل الحظ من قاده ألمه إلى الحكمة… وأنا لا أخفي أن ألمي في الماضي كان كثيرا يتقاذفني وسط أمواج عاتية لم أكن أقوى فيها على مجاراة التيار، لذلك قررت أن أكون ربان سفينتي وأقودها إلى بر الأمان… إلى جزيرة بعيدة ومعزولة… بعيدة جدا حيث أخلو إلى نفسي، أعزيها وأقويها…

إن السبيل الوحيد إلى الخلاص هو تلك القوة المبهرة الكامنة فينا وعدا ذلك هو مجرد انتحار !.

محسن …جرحنا الغائر

تلقيت نبأ وفاة الشاب محسن بالحسيمة بتلك الطريقة البشعة. بقيت مشدوهة أمام شاشة الحاسوب. لا أدري كم من الوقت قضيت أغالب فيه حسرتي ودموعي. ألهذا الحد صار الوطن يسترخص أبناءه؟ ألهذا الحد مات الكبرياء فينا ونحن نراهم يسحقون بني جلدتنا ويحولون أجسادهم المنهكة إلى لحم مفروم؟ ماذا لو حدث ذلك هنا في باريس أو في أي بقعة أرض أخرى؟ حتما سيكون الغضب شديدا وستنقلب الدنيا رأسا على عقب، فالتاريخ يشهد بذلك.

تبا لنا وتبا لجبننا… تبا لكل هؤلاء اللصوص الذين حولوا الوطن إلى ضيعة وتفننوا في استغلالنا وتعذيبنا وإذلالنا. إنهم يحاولون قتل الكبرياء فينا. يزرعون الكراهية والتوجس في ما بيننا حتى صرنا لا نأتمن لبعضنا البعض ولا نثق سوى في اللصوص، سارقينا الذين قرروا اليوم أن يجعلوا من الوطن مجزرة كبيرة للحم البشري المفروم.

ما أرخصكم وما أحقركم أيها اللصوص !

شهريار المغربي خلف القضبان

تمنيت أن يقوم أصحاب الطائرة التضامنية مع المغني “سعد المجرد” بمبادرة مماثلة إلى مدينة الحسيمة. أن يدينوا هم أيضا لصوص الوطن ويطالبوا بالديمقراطية والكرامة والحرية. فالحداثة لا تستقيم مع الخطاب “الميزوجيني” المغلف بماركات الأزياء والإيقاعات العالمية، وحصر حرية الجسد في عري النساء وجلسات “الوناسة”. فقبل تحرير الجسد يأتي تحرير العقل والكرامة أولا !.

أحببت دائما الفنان “البشير عبده”. أحب صوته وكلمات أغانيه الرومانسية، لكن لم هذا الغصن ليس من تلك الشجرة؟ من أين جاء “سعد” بكل هذا العنف والاحتقار للنساء الذي يتردد بلا كلل في كلمات أغانيه؟ سعد يتحدث كما لو كان مركزا للكون. وكأن نساء العالم مجرد محضيات وجواري في قصره، وجدن على الأرض فقط لإرضاء نزواته.

يخفيني كثيرا هؤلاء الفنانون ذوو الأرواح الفارغة. إنهم أكبر خطر يهدد المجتمع وقيمه. نظرة بسيطة على كلمات الأسطوانات في الأسواق والمدن العتيقة تكفي لتشخيص سوء حالنا. كراهية اليهود، كراهية ذوي البشرة السوداء، كراهية النساء، البيدوفيليا المبطنة وهلم جرا…

الفن الرديء يهدم في طرفة عين ما بُني على مدى عقود بتضحيات مكلفة… سجون ومعتقلات ومنافي… ليأتي فنان غرٌّ أصبح تأثيره على الناس أكثر من تأثير القانون ومن شرعية الحاكم نفسه ويمحو كل شيء بجرة قلما…

حتما الوطن ليس بخير !

 

التعليقات على عنف المجرد على النساء.. جرح محسن.. فما أحقركم أيها اللصوص مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…