فضح محمد حصاد، وزير الداخلية، ما كان خفيا وأحرج رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بعد أن كشف أمام البرلمانيين أن القمع الدموي الذي كان ضحيته الأساتذة المتدربون تقرر باتفاق شارك فيه جميع أعضاء الحكومة، بمن فيه رئيسهم.
لنتذكر أن رئيس الحكومة أقسم بأغلظ الأيمان بأنه لم يكن على علم بتلك
الأحداث الدامية.
سؤال: مَنْ مِنَ الاثنين يكذب؟
إذا كان بنكيران يقول الحقيقة، فعليه أن يكذب “وزير داخليته”. لكن هل
يستطيع فعلا أن يقوم بهذا علما بأن هذا الوزير ينتمي إلى النادي المعروف باسم “وزراء السيادة”، الذين لا يستطيع أحد محاسبتهم عدا الملك ومستشاريه؟
إنه نادٍ يتألف من 8 وزراء، ويشكل، بالتالي، حكومة داخل الحكومة.
نادٍ يسيطر على القطاعات الاستراتيجية، ما يجعله يضطلع بصلاحيات حقيقية.
لنكررها مرة ثانية، رغم أن حزب العدالة والتنمية وصل إلى الحكومة، فإنه
لم يستطع البتة الوصول إلى السلطة التي ظلت متمركزة بين يدي الملك
ومستشاريه.
لقد ضُبط بنكيران متلبسا بالكذب. هذه ضربة جديدة لمصداقيته ومصداقية حزبه.
وما كان لهذا الأمر أن يثير استياء أصحاب السلطة الحقيقية. يبدو أنهم
يريدون الإيقاع ببنكيران، رويدا رويدا، عبر جعله يتحمل تبعات مختلف
الانزلاقات.
يتمثل هدف استراتيجية من هذا القبيل في إيصال بنكيران وأصدقائه إلى
الانتخابات التشريعية المقبلة في حالٍ سيئة جدا خائري القوى، فاقدي
المصداقية.
يبدو بنكيران وكأنه فطن إلى المناورة. فقد قام بجهود حثيثة لاستمالة
شباط الذي اتهمه سابقا بأنه داعشي وعميل للموساد الإسرائيلي.
من جهته، تلوذ المؤسسة الملكية بصمت طويل، رغم وجود مطالبَ من كل الجهات بتدخل ملكي سواء في قضية الأساتذة المتدربين أو ضد تجاوزات وزير العدل والحريات، المنتمي لحزب العدالة والتنمية.
يبدو أن الملك يترك بنكيران ومساعديه يعلقون، أكثر فأكثر، في المستنقعات النتنة للسلطة.
يريد بنكيران، بتفادي الدخول في صراع مع “وزير داخليته” وقبول ابتلاع
“ثعبان” جديد، أن يكمل ولايته على رأس الحكومة إلى حين حلول موعد
الانتخابات التشريعية المقبلة.
يتعين على بنكيران، في هذه الحال، أن ينتظر ابتلاع ثعابين أخرى أكثر حجما وأكثر ضخامة.