عبد الله طلال
هل يذبل الياسمين، إذا الشعب يوما أراد الحياة؟!
*الربيع العربي لم ينته … وصفحته لم تطوى.. أنتم تعيشونها الأن، و تحيونها*: يجيب الرئيس الفرنسي، امانويل ماكرون، في خطابه أمام مجلس النواب التونسي.
أثناء زيارة رسمية لتونس الشقيقة يومي الأربعاء و الخميس المنصرمين، وعشية مغادرته، نزل الخبر الصاعقة من جرادة الجريحة .. وفاة الشاب عبد الرحمان زكاري، الذي تجاوز بالكاد ربيعه الثلاثين، بإحدى “الساندريات”، لتتجدد المأساة، بعد ما حصد “الفحم القاتل” الاخوين: جدوان والحسين، خلال الأسابيع المنصرمة.
وتتزايد حدة الاحتجاجات.. ؟!IMG_1512
بين ما يحدث في تونس و زيارة ماكرون، ووفاة/ مقتل “شهيد الفحم” بتعبير أهل جرادة.. سؤال وملاحظتان فخلاصة:
أسباب اندلاع الاحتجاجات؟
في جرادة، الناس يطالبون بحقهم في العيش الكريم.. في الشغل و التعليم و التطبيب .. في الكرامة .. في حقهم في الثروة الوطنية، التي تساءلت أعلى سلطة بالبلاد أين ذهبت..؟!
في تونس اندلعت يوم الاثنين ثامن يناير المنصرم، ضد الغلاء و إجراءات التقشف التي تضمنها قانون المالية لسنة 2018.
نسبة البطالة بالبلد تصل الى 15 بالمائة حسب “إحصائيات رسمية” و في جهات داخلية تتعدى الضعف، عدد العاطلين أكثر من 600 الف، أزيد من ثلثهم من حاملي الشهادات العليا..
من مدينة “طبرية” القريبة من العاصمة كانت الشرارة الأولى، حيث شهدت وفاة محتج.. أهالي المدينة، يطالبون بالتنمية و التحقيق في وفاة المحتج..؟
حسب تقارير إخبارية صحفية، فإن عدد المعتقلين فاق 780 معتقلا.
كلنا في التهميش و التفقير و البطالة..هم.. وفي الاحتجاجات والاعتقالات.. سواء.. ؟!
أما الملاحظتان، فيهمان طريقتا تعامل السلطات مع مطالب المحتجين:
في جرادة، رغم زيارة وفود وزارية / مخزنية.. لامتصاص الغضب.. فإن المشكل لم يتم حله بعد..؟ !
أمر يجعل السياسات العمومية برمتها محط تساؤل.. بل واتهام ..؟ !
ويضع مصداقية المسؤولين والمحاورين في الميزان..؟ !
نفس سلوك السلطات مع جثتي الأخوين “الدعيوي”، سيتم تكراره بالبلادة عينها، حيث محاولة إخراج جثة الشاب عبد الرحمان زكاري لدفنها سرا صبيحة الجمعة ..؟!
تهديد بالانتحار من فوق سطح مستودع الأموات، تلته مسيرة ضخمة وحاشدة مساء نفس اليوم وإضراب طيلة النهار، شل الحركة التجارية.. لترفع مسيرة أضخم يوم الأحد، شعار: “الموت ولا المذلة”.
بالمقابل تتهم السلطات عددا من المواطنين “بعرقلة عملها في إنقاد الفقيد.. وتقديم يد المساعدة لشخص في حالة خطر” ..؟ !
زعما.. زعما..
كم أنت ديمقراطية وحضارية وإنسانية، يا سلطاتنا الموقرة .. إلا من احترام الشعب طبعا ..؟ !
أما الملاحظة الثانية: في تونس تخللت المظاهرات أعمال عنف وسرقات.. في بلاد تعيش حالة طوارئ معلنة منذ سنتين.. وزارة الداخلية ستكشف عن معطيات ” بوجود معلومات من أجل القيام بعمليات إرهابية من لدن عناصر متطرفة… تسعى لاستغلال الاحتجاجات*.
أحزاب ونقابات .. منظمات وهيئات حقوقية .. نقابة الصحفيين وفعاليات مدنية .. عبروا عن موقفهم من التضييق على الحريات وقمع الاحتجاجات وتزايد موجة الإعتقالات.
في ظل حدة الاحتقان الشعبي – الاجتماعي والتوتر السياسي، تأتي زيارة الرئيس الفرنسي لتونس.
السلطات التونسية اختارت مجابهة التوتر الإجتماعي بالحوار :” سيتم إعطاء أمل حقيقي لهؤلاء الشباب عبر التحاور معهم، ويتم إيجاد اليات الحوار لتفعيل مطالبهم”. يقول رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
نخلص مما سلف إلى فشل كل الوصفات التي اعتمدتها “قوى الثورة المضادة ” سواءا في الداخل أو الخارج، للالتفاف على الاحتجاجات.. أكانت آليات سلمية مدنية توهم “بالتغيير من أجل أن لا يتغير شيء”.. أو عن طريق أساليب القمع وأبشع أصناف التنكيل، فلا يصح إلا الصحيح، ومن الصعب معاكسة منطق التاريخ..؟!
شهادة الرئيس الفرنسي من داخل البرلمان التونسي، تؤكد أن مرحلة سياسية جديدة تتأسس، ستنطلق الثورات الشعبية فيها بوهج أشد وإصرار أقوى على التغيير، فلا يمكن قتل طموحات الشعوب بالعنف وسياسات الاستضعاف والاستخفاف والتضليل.. أمر لن يؤدي إلا إلى المزيد من الاحتقان والاستعداد للمواجهة..؟!
إن جسدا يقلب جراحه كل يوم، ويبحث لها عن علاج، بطرق علمية ومنطقية وواقعية.. قابل للتشافي والتعافي.. على غرار جسد يتحايل على جراحه “بأوهام العلاج”.. ويداريها.. إلى أن تتعفن.. وقد تتحول ذات يوم إلى سرطان “لا قدر الله”.. لم يعد ينفع معه إلا البتر ..؟!
وتلكم قضية أخرى.

التعليقات على من تونس الشقيقة إلى جرادة الجريحة.. حكاية ربيع لم ينته بعد..؟! مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

لحظة تتويج تي بي مازيمبي بلقب دوري أبطال أفريقيا للسيدات تحت قيادة المدربة المغربية