منعم أوحتي
دائما من وحي المَعِيش اليومي، في علاقة الصدمة الواعية بأسئلة الأطفال، الأسئلة التي تنحتُ بقوة من البراءة و الدهاء غير المقيد، أكثر من الحسابات الضيقة للضمير الجمعي، أستقي تجربة لموضوع في غاية الحساسية، من واقع الطفولة للتقاسمِ، قصد التفكير و التمحيص الهادئ، خارج أي تقوقع لا علمي على الذات، من كل مشارب صداقاتي و التي تخترق كل أطياف التفكير والاعتقاد، و التي أعتز بتفاعلها الدائم، خصوصا من يُناقِشون العُمْق و ليس السفاسف.
لا زال راسخا بذهني، و أنا طفل، أتتبع بزُهُوٍّ و رغبةِ في التَّمَثُّلِ، النجاحات الخارقة لأخي الأكبر بسنتين، في صبانا، حيث كان متفوقا في كل المواد الدراسية، بقاموس أطفال المدارس الابتدائية 10/10، لكن في نهاية مرحلة الامتحانات، نُفاَجَأُ دائما باستعصاء واضح لدى أخي، في الحصول حتى على درجة المتوسط في مادة القرآن !!، و لا زلت أتذكر ملاحظة أحد المُدَرِّسين المُحَبَّبِ عندهم هذا الطفل / أخي، على كُرَّاسِ امتحاناته : ” إحْفَظِ القرآن هداك الله يا بني !”.
فلنفتح إذن زاوية التحليل الهادئ، حول تدريس مادة القرآن في الأسلاك الابتدائية الدنيا عند الأطفال، لا بد أن موضوعا بهذا التعقيد يحتاج إلى تعاطٍ مختصٍ، بالأساس استنادا لبيداغوجيا مناهج التدريس العلمية و كذا سيكولوجية الطفل :
أعتقد في نظري، أن إجبار الأطفال على حِفْظِ نُصُوصٍ غير مُعْتادَةٍ، صعبةِ الإدراكِ، مستَعْصِيةِ اللغة، يُعَدُّ عامِلَ قَهْرٍ من خلالِ أيِّ منظومة تعليم تَهْدِفُ الرُّقِي بأبنائنا، و عليه ألتمس ألفَ عُذْرٍ لذلك الطفل، و ليس لأنه أخي (مُزاحاً). أليس من الأحْرى أن تُدَرَّسَ للأطفال قصص سلسة اللغة، و صورها التعبيرية الجمالية أقرب لعالم الطفل، و لتتضمن القيم السامية المُستهدفة، ألا يمكن الاجتهاد في اتجاه تحويل بعض القصص القرآنية في قوالب سردية و حتى شعرية لتقريب الصورة إلى مُتَخَيَّلِ الطفل.
قد يقول القائل من وسط الأطياف، أن هذا ما وجدنا عليه آباءنا و أجدادنا، فلنتأمّلْ بهدوء دائما حفظ القرآن خارج المدرسة النظامية، أو ما يُصطلحُ عليه “السّلكة عند الفقيه”، و حكايات اللوح و السمخ، أعتقِدُ أن المَحْكِيَّ في هذا السياق، و كيف يتذاكى الصبية للتهرُّب من حصص الحِفْظِ الببغائي، دون إدراك كُنْهِ الأمور والقِيَمِ الكامنة في النصوص، يمكن أن يكون مادة خصبة لدراسة علم الاجتماع، خصوصا إذا رُبِطَ الاستظهار بالتعنيف، فما بالك إذا تحول هذا الصبي مستقبلا، خارج أي تأطير إلى أداة منفلتة للإفتاء المحلي الأعمى، دون امتلاك ناصية العقل و النص.
الرسالة الأساسية من ملاحظة كراس امتحان أخي : “إحفظ القرآن هداك الله يا بني”، و للتذكير، فهو الآن أستاذ مبرز في علوم اللغة و شاعر و مترجم، أننا يجب أن نعيد النظر في مناهج تدريسنا بهذا الخصوص عند الأطفال، بل حتى كتبنا المدرسية من المفروض أن تكون بجمالية متناهية تُلائم العوالِمَ الحالِمَة لأطفالنا.
فليعذرني أخي العزيز رشيد على إقحامه المتعمد، لضرورة النص، فكما قال الإمام علي : “القرآن حمال أوجه”، فالقراءات تتعدد إلا أن نبل القيم الإنسانية هي الفيصل و هدوء التعاطي مع اختلاف الرأي مدخل أساسي.
لقجع وبوريطة يؤكدان “التزام” وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية
أبرز ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين في الخارج، وف…