الخطاب في واد والممارسة في واد آخر
محمد حفيظ
أدقق أكثر: خطاب الملك في واد، وممارسة النظام في واد آخر.
الملك ينتقد الأوضاع ويعترف بالاختلالات والأخطاء في تدبير الشأن العام، ويقر بالتهاون والتلاعب بمصالح المواطنين، ويتعهد بمعالجة هذه الأوضاع والعمل على إيجاد الأجوبة والحلول الملائمة للإشكالات والقضايا الملحة للمواطنين، ويتوعد بمرحلة حاسمة تربط المسؤولية بالمحاسبة، بل ويبشر بالزلزال السياسي…
والنظام يعتقل المواطنين الذين يخرجون إلى الشارع للمطالبة بتقويم الاختلالات وتصحيح الأخطاء، وقيام مسؤولي الإدارة والدولة بالمهام المنوطة بهم، وتوقيف التلاعب بمصالحهم، وابتكار الحلول لمشاكلهم وقضاياهم الملحة…
في الوقت الذي يدعو الملك إلى ضرورة “الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين”، و”الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية”، و”تحقيق العدالة الاجتماعية”، ويدعو إلى “تسمية الأمور بمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق…، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي”، لا يتردد النظام في الرد بما يخالف هذه “الإرادة” المعلنة، حين يَقمع ويَعتقل ويَسجُن ويحاكِم مواطنين خرجوا للتعبير عن مطالبهم الملحة والمطالبة بالاستجابة إلى حاجياتهم الضرورية، والحد من الفوارق بين الفئات والتفاوتات المجالية، حتى دون أن يسموا الأمور بمسمياتها أو يخرجوا عن الطرق المعتادة في التظاهر والاحتجاج…
عشنا بألم وما زلنا “حراك الريف” الذي تحول إلى أزمة هزت الدولة وكشفت ضعف الحكومة، وامتدت تداعياتها، حيث لم تفلح إلى حد الساعة مختلف المبادرات والوساطات في حلها أو معالجتها بأقل كلفة وبأخف الأضرار. وهذه الأيام نعيش “انتفاضة العطش” بزاكورة.
سكان زاكورة الذين يتعرضون هذه الأيام للقمع، وأبناؤهم الذين تم الزج بهم في السجن وأحيلوا إلى المحاكمات بتهم ثقيلة، لم يطالبوا لا بشغل ولا بمستشفيات ولا بتغطية صحية ولا بسكن يحفظ كرامتهم ولا بتعليم جيد ولا برفع التهميش عن مدينتهم…، وإنما خرجوا ليطالبوا فقط بقطرة ماء تصلح للشرب حتى لا يموتوا عطشا؛ خرجوا يطلبون فقط ماء صالحا للشرب لا يمكن للحياة أن تستمر بدونه. وعوض أن تتحمل الدولة مسؤولياتها وتستنهض همم إداراتها ومؤسساتها للقيام بواجباتها في توفير الماء لمواطنين مهددين بالعطش في مدينة هي أصلا ضحية تفاوت مجالي ظالم، نجدها ترد عليهم بالقمع والاعتقال والمحاكمات ولائحة التهم الطويلة والعريضة…
ماذا يعني أن يكون خطاب الملك في واد، وممارسة الدولة (التي يوجد الملك على رأسها) في واد آخر؟
ما الذي على الناس أن يصدقوه؛ الخطاب الذي يسمعونه أم الواقع الذي يعيشونه؟
ليتحمل الجميع المسؤولية في إنقاذ الوطن. فالحال ليس بخير.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…