رأي..وجها العملة

غسان وائل 

في نفس اليوم، فرض خبران نفسيهما على نقاشات الفضاء الافتراضي وما يتبعه من اجترار في الحانات والمقاهي، كما تفرض بعوضة جائعة طنينها المزعج على ضحية شاردة.
الخبران يخصان وجهين لعملة واحدة. الأول يخص لقاء جمع بين كبير زعماء نقابة الصحافة وثلة من الصحفيين بالبيضاء، أما الثاني فيخص طلب اللجوء السياسي لزملاء آخرين في الخارج.
ربما هي صدفة أذكت الجدال الداخلي الذي يتخبط فيه الجسد الإعلامي، لكنها تذكرنا بواقع حال حرفة المتاعب.
الأول جاء كإطفائي ليحاول إخماد حريق الجدل القائم حول الدعم المباشر للصحفيين، وكأن النقابي الجليل زار البيضاء ليبرر انخراطه في سياسة حكومية أقرب إلى الرشوة وثقافة الريع من شيء آخر، وليستجيب لناقوس الخطر الذي دُق فوق رؤوس الساهرين على سيرورة ما يسمى الاستثناء المغربي والتغيير داخل الاستقرار.
في نفس يوم زيارة المناضل الصنديد، عضو الحزب العتيد، أخبرتنا وكالة أنباء أجنبية حرفية بقرار هجرة زملاء لنا خارج الوطن، خوفا على سلامتهم الجسدية ودفاعا عن حريتهم، ثم هروبا مما يعتقدونه عن صواب أو خطأ بطش مؤسسات الدولة بهم، مما يعتبر ناقوسا خطر آخر لم يصل إلى آذان الإطفائيين ذوي الاختصاص.
الخبران هما وجهان لعملة واحدة لحرفة تتهالك رويدا رويدا، وتنحدر نحو موتها البطيء.
رجاء أيها النقابي المُخَلّص عد إلى عاصمتك، وخد معك إكرامياتك الملغومة إبان هذه الحملة الانتخابية السابقة لأوانها.
رجاء دعونا نواجه فقرنا وهشاشتنا مع أرباب عملنا، لا داعي لبطولات “التنين الصغير” الذي بدل أن يطفئ النار يزيد من اتقادها، دعونا -على الأقل-نعيش أمل واقع أفضل تُحفظ فيه كرامتنا.
رجاء أيها النازحون إلى الخارج، عودوا إلى بيوتكم، فلا داعي أن تدمنوا تجرع مرارة كأس الخيبة وتهرمون من أجل لحظة تاريخية. رجاء لا تدخلونا متاهات ودوامات نحن في غنى عنها.
أقول قولي هذا، ولا أعرف تماما، إن كان صائبا أم مجرد خربشات ساخط.
ربما حان وقت نهاية إيقاف التعامل بالعملة ذات الوجهين. ربما ليس بعد، وربما سيظل وجهاها شاهدا إثبات على ما آلت إليه مهنة الصحافة.