خالد أوباعمر
في الوقت الذي كان ينتظر فيه الحقوقيين إطلاق سراح الصحفي حميد المهدوي دون شرط أو قيد قرر السجان الذي حرك الإعتقال من وراء الستار استعمال القضاء كأداة طيعة لإدانة هذا الأخير بثلاثة أشهر سجنا نافذة وفق مقتضيات القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر!
التهم التي وجهت للصحفي حميد المهدوي ولقيت استنكارا من طرف الجسم الحقوقي الوطني أضحكت فينا العالم الحر وجعلت الدولة المخزنية عارية مكشوفة أمام المنتظم الحقوقي الدولي الذي سارعت أهم مكوناته الحقوقية إلى استهجان ورفض متابعة الصحفي حميد المهدوي في حالة اعتقال تعسفي!
في بلاد يتغول فيها التحكم الذي استأسد على مفاصل الدولة الإستراتيجية، وتغيب فيها ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة بعد أن تحول الفساد إلى أسلوب حكم، ولا يتمتع فيها القضاء بالاستقلالية التامة، فإن الحكم على المهدوي بالحبس النافذ لمدة ثلاثة أشهر، لم يكن مفاجئا لي، والمهداوي نفسه يفهم خلفيات اعتقاله وأسبابها الحقيقية التي لا تخرج عن نطاق تكسير إرادته كصحفي عقد العزم على مواجهة الفساد ورفع سقف الانتقاد من الحكومة إلى مراكز القرار الإستراتيجي.
عندما كان حميد المهدوي يرفع فوق الأكتاف ويتم الهتاف باسمه في مسيرة الرباط التضامنية مع معتقلي حراك الريف ويجيب على أسئلة المندسين في حلقيات صغيرة كتبت تدوينة في جداري الفايسبوكي لتنبيه الصديق حميد المهدوي لخلفية ذلك لأن غرض من كانوا يرفعونه فوق الأكتاف ويحاولون إيقاعه في الهفوة من خلال اسئلتهم المستفزة حول الملكية وعلاقتها بالشعب كان هو تضخيمه واظهاره في تقاريرهم الخاصة بمظهر الصحفي الذي أصبحت الجماهير تحمله على اكتافها وتهتف باسمه في الشارع العام من أجل استصدار قرار فوقي بكسر أجنحته. الجهات التي هندست وخططت لاعتقال الصحفي حميد مهدوي ومتابعته قضائيا بفصول القانون الجنائي وقانون الصحافة والنشر والحكم عليه ابتدائيا بثلاثة أشهر سجنا نافذة كانت مدركة أن المهدوي سيتوجه إلى مدينة الحسيمة وكانت على يقين أن الرجل سيتحرك ميدانيا في إطار مزاولته لمهنته كصحفي وأنه سيلتقي بالمواطنين هناك مما يعني أن قرار اعتقال المهدوي كان جاهزا وما يؤكد ذلك أن الرواية التي قدمها الشاهد الذي كان يرافق الصحفي المهدوي في سيارته كانت مناقضة تماما للرواية التي تضمنها بلاغ وكيل الملك الذي بني بدوره على إخبارية للشرطة القضائية تفيد بأن المهدوي يصيح في الشارع العام ويحرض المواطنين على التظاهر!
غبي من يصدق أن اعتقال المهدوي والحكم عليه بالسجن النافذ كان بسبب التهم التي وجهت إليه لأن هناك تنظيمات سياسية وحقوقية ومدنية أصدرت بلاغات وقدمت تصريحات إعلامية في قنوات فضائية تدعوا من خلالهما المواطنين إلى المشاركة المكثفة في تظاهرة 20 يوليوز ولا جهة قضائية اتهمتها بدفع المواطنين الى العصيان او تحريضهم على المشاركة في تظاهرة ممنوعة بقرار لوزير الداخلية مسنود بقرار سياسي لأحزاب الأغلبية الحكومية.
المهدوي حوكم بثلاثة أشهر سجنا نافذة لأن اشرطة الفيديو التي يسجلها ويبثها في موقع بديل وفي اليوتوب أصبحت أصبحت مزعجة لجهات داخل الدولة لم تعد تطيق حديثه المتكرر عن الملك وفق صلاحياته الدستورية المخولة له بموجب الفصل 42 من الدستور، وهي نفسها الجهات التي لم تعد ترغب في سماع اسم صلاح الدين الخاي الذي يعيد المهدوي التذكير بقضيته في كل حلقة من حلقاته التي أصبحت تحقق نسب مشاهدة عالية، لأن قضية صلاح الدين الخاي تدين مسؤولين أمنيين كبار في جريمة قتل راح ضحيتها أحد رجال الأعمال ويتعلق الأمر بوالي للأمن ومسؤول للديستي احيلا على التقاعد.
عندما كان المهدوي يناقش بنكيران والرميد وشباط ومنيب ولشكر وبن عبد الله وصلاح الدين مزوار لا أحد كان يتضايق منه داخل مربع السلطة لكن عندما أصبح يوجه الخطاب للملك باعتباره رئيسا للدولة والفاعل المهيمن فيها وعندما أصبح يناقش أجهزة الدولة ويسلط الضوء على القضايا الحقوقية التي تورطت فيها تلك الأجهزة لم تعد السلطوية تحتمل ذلك لأنها لا زالت مشبعة بثقافة تقليدانية تعتبر ان الملكية والجيش والأجهزة الأمنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه!!
الجهات التي تحاكم الصحفي حميد المهدوي لا ترغب في سماعه يقول في تسجيلاته المصورة بأن الرميد وبنكيران أرحم من أخنوش ومن وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية لأنها تعودت على تحويل الصحفيين إلى أبواق لترديد أسطواناتها وترويج بضاعتها الإعلامية المظللة والمزيفة لوعي الشعب الذي فتح له المهدوي نافذة ضوء من خلال أشرطة الفيديو الفاضحة للسلطوية ولأخطبوط الفساد الذي تغول في كل مراكز الدولة الإستراتيجية.
الجهات التي تنزعج من الصحافة التي اختارت لنفسها خطا تحريريا يضع القضايا الحقوقية على رأس أولوياتها الإعلامية هي نفسها التي تنزعج من الأحزاب السياسية التي تطالب بالملكية البرلمانية التي يسود فيها الملك ولا يحكم وتطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة!
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…