مصطفى الفن
تحولت السفارات والتمثيليات الديبلوماسية التابعة لقطر في مختلف القارات الخمس إلى خلية نحل تشتغل ليل نهار لعلها تقلل من خسائر هذا “الحصار الظالم” الذي تقوده، ضدها، دولة بلاد الحرمين الشريفين، منذ الخامس من يونيو المنصرم، بمبررات لم تقنع أحدا إلى حد الآن.
ولاحظنا كيف أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أصبح يشبه الرحالة المغربي ابن بطوطة الذي طاف حول معظم جهات الكرة الأرضية.
فالسيد ابن عبد الرحمن آل ثاتي لم يعد ينزل في مطار دولة إلا ليطير إلى أخرى معنية بهذه النيران التي اندلعت فجرا بالبيت الخليجي دون اعتبار لهذه الروابط المشتركة: الدين والتاريخ والجغرافيا.
وهكذا أجرى هذا المسؤول القطري لقاءات واتصالات كثيرة مع وزراء ومسؤولين وديبلوماسيين وزعماء وازنين في قرابة 30 دولة تدارس معهم هذه الهزة السياسية التي ضربت بلاد “قناة الجزيرة” أو “علبة الكبريت” بتعبير الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
ولم يكتف المسؤولون القطريون بهذه اللقاءات والاتصالات التقليدية الرسمية مع نظرائهم في مختلف العواصم العالمية للدفاع عن “قضيتهم العادلة” في مواجهة جار لم يتقبل أن تصبح قطر بهذا الثقل الدولي.
نعم لم يكتف القطريون بهذا. بل إنهم اشتغلوا أيضا على وسائل الإعلام المؤثرة والصحف المستقلة في أكثر من دولة قصد استمالتها إلى صفهم أو دفعها، على الأقل، إلى التزام الحياد وعدم مهاجمة الدوحة.
وهنا في المغرب، رفع السفير القطري عبد الله بن فلاح الدوسري سقف حملته التواصلية عاليا لتسويق مواقف بلاده وسط الصحافة المغربية.
وهكذا علم عبد ربه أن السفير القطري التقى مؤخرا ثلاثة مدراء نشر ومدير تحرير في أربع صحف يومية مغربية وازنة محسوبة على الصحافة المستقلة وجهات وأجنحة داخل الدولة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن السفير القطري التقى أيضا مالك موقع إلكتروني بمرجعية إسلامية وكاتبا قياديا من العدالة والتنمية، معروفا بقربه من عبد الإله بنكيران.
وكان لافتا للانتباه أن السفير القطري استثنى من حملته التواصلية الصحف الحزبية المغربية التقليدية.
وهذا أمر متفهم لأن هذه الصحف ظلت محصنة بحكم “العلاقات التجارية والمهنية” التي تربطها بالسعودية.
ولم تخرج هذه اللقاءات بين السفير القطري والصحافيين المغاربة عن تبادل وجهات النظر حول حصار قطر وشرح موقف الدوحة مما يحدث داخل مجلس التعاون الخليجي.
وإذا كان بعض هؤلاء الذين التقاهم الديبلوماسي القطري استحسنوا مثل هذه اللقاءات التواصلية معه، فإن هناك من أبدى بعض التحفظ ورأى أن مثل هذه اللقاءات قد تشوش على موقف عاهل البلاد الذي أمسك العصا من الوسط في هذا الملف الحساس.
ومن الطبيعي أن تثار مثل هذه التحفظات لأن السفارة السعودية بالرباط دخلت على الخط في هذه القضية وعبرت عن غضبها من تحركات السفير القطري خاصة عندما نزلت مقالات داعمة للدوحة في هذه الصحف المغربية التي شملتها الحملة التواصلية القطرية.
وفعلا، لم يبق الغضب سجين جدران مقر السفارة السعودية بالرباط، بل إن الغضب وصل في شكل تقارير إلى الخارجية السعودية وكبار مسؤولي هذا البلد الذي تربطه بالمغرب علاقات استثنائية.
وأنا أتحدث هنا عن هذه الروح القتالية التي يشتغل بها السفير القطري هنا بالمغرب للدفاع عن بلده، تذكرت قصة سفير مغربي عينه الملك محمد السادس ليكون عينه التي لا تنام في دولة عظمى ولها أهمية خاصة بالنسبة إلى المغرب.
فماذا فعل هذا السفير طيلة أكثر من ثلاث سنوات؟
لا شيء.
نعم لا شيء سوى أن سعادته كان بالفعل لا ينام، والسبب أنه كان منشغلا ب”قضايا” أخرى غير قضايا بلده.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…