اختتم مجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، الدورة الأولى من السنة التشريعية 2023-2024 للولاية التشريعية الحادية عشرة (2021-2026).
وقال رئيس المجلس، النعم ميارة، خلال الجلسة الختامية، إن هذه الدورة، “التي تحظى دستوريا بشرف افتتاحها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قد اتسمت، في ظل التوجيهات النيرة الواردة في الخطاب الملكي السامي، بنفس اجتماعي واضح، حيث حصر جلالته الأوراش الاجتماعية ذات الأولوية، مؤكدا أهمية استحضار عمق وأصالة القيم المغربية، لاسيما في الشدائد والمحن”.
وأعرب ميارة عن اعتزاز مجلس المستشارين بالتوجيهات الملكية السامية التي دعت إلى الاستمرار في الاعتناء بأوضاع ساكنة المناطق المتضررة من زلزال الحوز وإعادة إعمارها، والتي حددت أيضا الإطار العام لمراجعة مدونة الأسرة، من منطلق كون هذه الأخيرة حجر الزاوية والخلية الأساسية للمجتمع، علاوة على زف بشرى الشروع في صرف الدعم الاجتماعي المباشر للأسر والفئات الهشة.
كما أكد أن الشأن الاجتماعي يعد الجزء الأهم من الهوية المتجلية للمجلس الذي يحظى دستوريا بالأسبقية في دراسة مشاريع القوانين التي تمس في العمق القضايا الاجتماعية، مبرزا أن الخطاب الملكي السامي ألقى على عاتق المؤسسة البرلمانية ككل مسؤولية كبرى في التحلي بالحرص واليقظة في مرافقة هذا الورش الاجتماعي الضخم بكل ما يستدعيه من تدابير تشريعية ومبادرات رقابية وتقييمية تساعد الحكومة على القيام بدورها في ترسيخ وتوطيد أسس الدولة الاجتماعية.
من جهة أخرى، قال ميارة إن اختتام هذه الدورة يأتي بعد ظرف زمني قصير من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي يوم 17 يناير الماضي، مؤكدا أن المضامين السامية لهذه الرسالة جاءت لتبرز أهم محطات وملامح التجربة البرلمانية المغربية والمساهمة الفاعلة للبرلمان في المسار الإصلاحي والتنموي الذي عرفته المملكة منذ الاستقلال إلى اليوم، وسلطت الضوء، من جانب آخر، على التحديات التي لاتزال تواجه البرلمان والتي تستلزم مضاعفة الجهود للارتقاء بالديمقراطية التمثيلية المؤسساتية.
وقال إن مجلس المستشارين لم يتأخر في التفاعل مع مضامين الرسالة الملكية السامية، حيث بادر إلى الشروع في اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بتحقيق الغايات الملكية الفضلى، لا سيما ما يتصل بإقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية، مشيرا إلى أن المجلس منكب على دراسة القضايا والإشكالات المرتبطة بتحديد مواضيع هذه المدونة، ومرجعياتها المحورية، والطريقة المثلى لاعتمادها، وذلك في إطار التنسيق الواجب مع مجلس النواب.
كما أبرز رئيس مجلس المستشارين أن فترة سريان هذه الدورة اتسمت أيضا باستمرار الضغوط الناتجة عن ظرفية دولية ووطنية صعبة ترخي بظلالها الثقيلة على المشاريع والمخططات الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، وعلى رأسها تفاقم ظاهرة الجفاف والإجهاد المائي المؤرق، وتقلبات أسعار المواد الأولية، والعواقب الوخيمة لحالة عدم الاستقرار الدولي.
وأكد أن المملكة، وبالرغم من ذلك، تواصل بعزم وثبات تقدمها على درب المشروع التنموي الطموح الذي يرعاه جلالة الملك، ولا سيما لجهة تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وتقوية مناعة وصمود الاقتصاد الوطني، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية للبلد، خاصة في القطاعات الواعدة ذات الصلة بالطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا الجديدة والصناعة الدوائية وغيرها.
وخلص ميارة إلى التأكيد على أن “الدبلوماسية المغربية، المتسمة بالمهارة والرزانة والحكمة وبعد النظر، ما فتئت تؤتي أكلها في ترسيخ مكانة المغرب كشريك سياسي واقتصادي قوي وموثوق، وتجلب المزيد من الدعم والمواقف المؤيدة للوحدة الترابية للمملكة، القائمة على الاعتراف بوجاهة مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لإيجاد حل دائم للنزاع المصطنع حول مغربية الأقاليم الجنوبية للمملكة”.