عبد العزيز سلامي*
الأغلبية “لفظة أغلبية تفيد هنا الكثرة في العدد” في المجتمعات الغربية تَعاقدية، حتى لو لم تكن على وعي بقوانين المجتمع، تجد الجانب الاجتماعي مقسم بشكل ديمقراطي بين جميع الناس.
هنا يطرح السؤال : هل هو وعي أم تدبير؟ صراحة هو تدبير تقوم به أقلية، عالمة بأمور الدولة و بالتشريعات الاقتصادية و السياسية، و يدخل في هذا الطرف الإعلام باعتباره سلطة رابعة، حارسة على تطبيق القانون كما يجب، بدون تمييزات عنصرية أو طبقية أو سلطوية، من أي جهة و كيفما كانت، إذ لا يهم هذه السلطة الرابعة إلا الحق و الواجب وفق القانون المُشرَع في البلد.
هذا فيما يتعلق بلفظي الأغلبية و الأقلية في المجتمعلت الغربية الديمقراطية، أما فيما يتعلق بهما في جغرافية أخرى، و بالتحديد عربية، فيجب أن تكون لنا الشجاعة الكافية لأن نقبل بحقيقة مرة، و هي أن داخل الأغلبية أغلبيتان، و في الأقلية أقليتان. هل يعود الأمر لخصوصية نتميز بها ؟ هل الكائن الذي نمثله أدنى أو أعلى من الانسان الغربي؟ إنه إنعدام الوعي. أولا، الأغلبية أو ما أطلق عليهم بالعامة في مجتمعاتنا، لا دراية لهم بشؤون سياسية أو اقتصادية أو تشريعية إلا من باب المصلحة أو انعدامها، و قيمتهم في عددهم، لا في تمايزاتهم أو أصواتهم، وهم كذلك مختبر جميع التشريعات و القوانين، التي تكون دائما خارج مصلحتهم المباشرة. هذه هي الأغلبية الأولى، أما الأغلبية الثانية، فهي متواطئة مع الأقلية الحاكمة، و العالمية بأمور الدولة و التشريعات،و تُلخص في مجتمع كالمجتمع المغربي، في الشيوخ و المقدمين و حتى القياد و الشرطة و الجهاز القضائي، فهؤلاء، جزء اقترب من الأقلية و لكنه ليس بأقلية، بل هيئة مساعدة و تحرص على تطبيق القانون، الذي يلخص عادة في أداء الضرائب لا غير، مع بعض المكتسبات، كمجانية التعليم و التطبيب، و قضاء الشؤون الإدارية. السر في الأغلبية إذن، هو انعدام الوعي بالواقع و إمكاناته. إذ لا تتداخل المواقع في فئة الأغلبية بين الطرفين، فإما منفذ لقوانين الأقلية أو رعية مائة بالمائة. فإن كانت العلاقة تعاقدية في المجتمعات الغربية بين المجتمع و الدولة، أي بين الأغلبية و الأقلية، ففي المجتمعات العربية، لا وجود لتعاقد، و إنما هيئة، تحكم باسم قانون إلاهي، ممزوج بقوانين وضعية، تشكيلة القرون الوسطى في تدبير شؤون الناس في حلة حديثة، أو في لباس جديد، و قد أطلق على هذا النظام في الأدبيات السياسية، بدولة الحق الإلاهي. إلا أن المسألة أكثر تعقيدا، فالحاكم أو الملك، قديم و حديث، لهذا فالأغلبية تقبل بكل تشريع، و لا علاقة لها بتشريعات الأقلية الحاكمة ،بشكل عرضي غير لازم، أي المؤسسات السياسية أو الحكومات. إذ متى اشتبكت الحلول بين فئة الأغلبية فيما بينها أو بين الأقليات السياسية أو الاجتماعية، دائما هناك رأي مخالف يُنقذ الموقف من عل، و هو الملك. الأقلية إذن، تنقسم إلى قسمين: أقلية بيدها السلطة المطلقة، و أقلية نخبوية تحكم بتوكيل. هذه الأقلية الثانية عالمة بأمور الدولة، و حققت مستوى من الوعي ما يجعلها تنأى و تقترب من الأقلية الأولى، و غاياتها المعرفية و العلمية وُظفت لهذه الغاية، و هي التقرب ما أمكن من السلطة الأولى، على حساب الأغلبية المنسية، و المتناحرة فيما بينها.و قد تشتبك العلاقة كذلك بين الأغلبية و الأقلية المستفيدة، إلا أن المشكل يجد دائما حله في السلطة الأولى، أي الملك. هذا التحليل يدل، على أن المؤسسات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، هي مجرد واجهات، عرضية، صُنعت لأجل الأغلبية، كي لا تبقى العلاقة مباشرة بين حاكم و أغلبية. كما أنه لا وجود لدولة بدون مؤسسات ترعى المصالح بشكل مباشر، و تحدد الواجبات و الحقوق، لهذا فالمطلب الأول الذي يجب أن تركز عليه الأغلبية هو ضبط المؤسسات بقوانين، تتحول إلى طرف أول، و مباشر، لا يعلو بالمطالب إلى مستوى آخر غير مؤسسات التعاقد، التي لا يمكن أن تنفصل عن قوانين و قيم المجتمع المعاصر، ببرلماناته و مؤسساته التشريعية و التنفيذية. و لكي نستطيع حقا أن نتحدث عن أغلبية واضحة و أقلية واضحة. إن تفكيك هذه البنيات القروسطوية، و ضمها للعصر، يتطلب شجاعة كبيرة، و تضحيات جسيمة بالمكتسبات التي حققتها الأقليات السياسية، فإن استطاعت أن تتخلى هذه الأقليات عن “فانطازمات” بورجوازية بدوية، فبإمكانها، أن ترقى بالأغلبية إلى مستوى آخر، يفتح عصر التعاقدات …( يُتبع)
* باحث في علم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة
قرعة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات (المغرب 2024).. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى إلى جانب كل من الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا
أسفرت قرعة كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2024)، التي جرت اليوم الجمعة بمركب محمد السادس …