خالد الجامعي
“سيدنا معرفناش باش ماتت البطلة ديانا.
كنطلب أسيدنا تحقق فهذا، هذه بنتنا وبنتك حاملة راية المغرب.
حتى أحد ما هضر عليها أسيدنا.
علاش هاد البنت بقات مليوحة في المطار مغبونة. فين هما المسؤولين فينا هي وزارة الشبيبة والرياضة… فينا هي حقوق الإنسان ديال المغاربة أسيدنا فين حضروا على هذه البطلة…
هذه السيدة اللي ضاعت أمها مريضة وهي التي كانت هازا والديها أسيدنا…
هي مليوحة في المطار… أمها أرملة وخوها مريض ما كاينش اللي واقف معهم أسيدنا. حتى أحد ما لقينا غير الجيران الله يخلف عليهم هما لهازينهم أسيدنا أين هم المسؤولين علاش أسيدنا كتبينوا لينا في التلفازة واحد جاي من سطار أكاديمي وعلاش هذه السيدة مغبونة هي التي هزت راية المغرب. ما غنات ما شطحات أسيدنا… فينك أسيدنا شوف بلادك شوف شعبك كيف ضايع أسيدنا”.
بهذه العبارات خاطبت مواطنة من الدار البيضاء الملك محمد السادس عبر موقع “فبراير.كوم” يوم 26 غشت2016، على إثر وفاة البطلة المغربية سهام العرايشي التي توفيت، حسب عائلتها، في ظروف غامضة بإيطاليا. وفاة لم توليها الجهات المختصة أي اهتمام.
إن الذي يثير الانتباه في هذا الخطاب (الصرخة) هي الصراحة والجرأة التي يتميز بها.
خطاب سلس ومحترم.
إنه خطاب مواطنة وليس فردا من الرعية. مواطنة تمارس حقها في مسائلة المسؤول الأول في البلاد، وهذا حق يضمنه الدستور في مادته 42، التي تنص على أن الملك يسهر على ضمان حقوق وحريات المواطنين” إضافة إلى هذا فإن هذا الدستور يربط المسؤولية بالمحاسبة ولا يستثني الملك من هذا المساءلة. إن خطاب هذه المواطنة خال من كل مداهنة وتملق واستعطاف، ولا يوجد فيه عبارة تملق كالأعتاب الشريفة والسدة العالية بالله وإلى ما ذلك من عبارات التبجيل والتمجيد.
إن هذه الصراحة والشجاعة قل نظيرها ولم نجدها يوما عند أي مسؤول أكان رئيس الحكومة أو مستشارا ملكيا أو وزيرا أو رئيس حزب يميني كان أو يساري.
إن السنوات الأخيرة تميزت بشجاعة كبرى أبانت عنها المرأة المغربية، وهي تقول جهرا ما يخفيه معظم الرجال، في ما يخص التسلط وتجاوزات وانتهاكات المخزن.
لنذكر في هذا السياق فاجعة “مي فتيحة” المرأة، التي أضرمت النار في جسدها احتجاجا على الحكرة التي مارسها عليها المخزن، لنتذكر أن جارتها هي التي فضحت بالصورة والصوت تعسف القائد وظلم أفراد من القوات المساعدة. ولولا شجاعة هذه المواطنة، لما اضطرت العدالة إلى متابعة المتهمين في هذه المأساة.
لنتذكر كذلك الدور الطلائعي الذي لعبته المرأة في حركة 20 فبراير.
لنتذكر كذلك نضال نساء دوار بكارة بالعرائش في 2005 ومحاكمتهم الشهيرة بعد مواجهتهم القوات العمومية وذلك دفاعا عن أرضهم التي أراد أحد المستثمرين استغلالها بدون حق.
أضف إلى ذلك الانتفاضات التي قادتها المواطنات ضد غلاء المعيشة، وضد نقص الماء، ومن أجل حقهن في الأرض والقرى المغربية.
وهذا غيضٌ فيض.
إن هذا الخطاب يبرهن مرة أخرى على أن المواطنين والمواطنات وصلوا إلى قناعة أن المسؤولين الحكوميين و”ممثلي” الشعب في البرلمان ومجلس المستشارين (ما فيدهومش)، وأنهم لا يهتمون بمشاكل الشعب في غالب الأحيان ولا ينصتون إلى صيحاتهم ضد القهر والتهميش والظلم الذي هم ضحاياه.
لقد فهم المواطنات والمواطنون جيدا أن المسؤولين وصلوا إلى مناصب في الحكومة ولم يصلوا إلى الحكم، وأن الحاكم الحقيقي هو الملك ولذا يتوجهون إليه رأسا.
إن شجاعة وصراحة هذه المواطنة تذكرنا بجدل خولة بنت ثعلبة حين اشتكت زوجها إلى رسول الله (ص) وهي تقول: يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع له ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك. قالت عائشة رضي الله عنها: فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها.
كما تذكرنا بأسماء بنت يزيد، التي كانت تسأل النبي عن أحكام دينها، وكثيرا ما كانت أخواتها النساء يستعن بها لاستفسار النبي عن دقائق أمورهن الخاصة فتستجيب لذلك وتذهب إليه فتسأله، وكذلك عرفت بأنها خطيبة النساء لأنها تدافع عنهم وتسأل عن حقوقهن.
كما تذكرنا بخطاب زينب بنت علي بن أبي طالب أمام يزيد بن معاوية: “…فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، والله لا تمحو ذكرنا. ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد…”.
لما أخبرت صديقي الحكيم خريشف بأمر هذه المغربية، ذكرني زعيم الجبهة الإسلامية للانقاذ. فعقب انقلاب العسكر على نتائج الانتخابات التشريعية التي فاز بها الحزب الاسلامي في 1992، خرجت اليسارية لويزة حنّون، لوحدها، تطالب الجيش باحترام إرادة الشعب، فقال الزعيم الإسلامي عباسي مدني: “لويزة حنّون الرجل الوحيد في الجزائر”.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…