فجّر قرار بنك المغرب، للمرة الثالثة منذ شتنبر الماضي رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 3%، في ظل ترقب ارتفاع التضخم إلى 5.5%، في العام الحالي، نقاشاً كبيراً حول جدوى السياسة النقدية التي يعتمدها، خصوصاً مع الاضطراب الذي حصل في عملية الإعلان مما جعل العديدين يرون أنّ هناك تصادم بينه وبين الحكومة وسياساتها.
ويعد سعر الفائدة الرئيسي المحدد من طرف بنك المغرب السعر الذي تقترض به البنوك التجارية من البنك المركزي، ويؤدي رفعه عمليا إلى التأثير على فوائد القروض الموجهة للأشخاص كما المقاولات، فيما يظل الهدف من رفعه من الناحية النظرية هو التقليل من الطلب لتخفيف الاستهلاك، وبالتالي الحدّ من التضخم.
وبالرغم من أنّ والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري الذي ألغى ندوته التي كان مقررا عقدها لـ”أسباب شخصية”، حسب مصادر من المؤسسة المالية لـ”الأول”، (بالرغم) من أنه قرر رفع سعر الفائدة الرئيسية 50 نقطة ليرتفع سعر الفائدة من 2.50%، إلى 3% من أجل تفادي حدوث ترسخ معدلات التضخم، ولتعزيز تثبيت توقعات التضخم بغية تيسير عودته إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار، إلاّ أن هناك رأي أخر يرى أنه اعتراف بعدم جدى السياسة النقدية التي يعتمدها في مواجهة أزمة التضخم.
وفي هذا السياق أكدّ الخبير الاقتصادي، المعارض، نجيب أقصبي في اتصال مع “الأول” على أنه “من الواضح أنّ الطريقة التي تم بها الإعلان عن القرار من طرف بنك المغرب وسحب البيان وإعادة نشره مرة أخرى، بالإضافة إلى عدم عقد الندوة الصحفية التي اعتاد دائما والي بنك المغرب على عقدها، يكشف أن هناك مشكل في الكواليس” .
وتابع أقصبي: “لكن هناك أمور أعمق تختفي وراء هذين الحدثين (يقصد إزالة بيان بنك المغرب وإعادة نشره في الموقع الرسمي وإلغاء الندوة الصحفية)، أهمها أنّ بنك المغرب إعترف في بيانه بعدم جدوى سياسته النقدية، في ظلّ المرة الثالثة التي يقدم على الزيادة في سعر الفائدة، والأمور لا تزال تتجه للأسوء”.
رفع نسبة سعر الفائدة للمرة الثالثة من دون تقييم ونحن نعيش حالة نادرة تسمى” التضخم المصاحِب للركود”
وأضاف الخبير الاقتصادي، “أيضاً الخطير في الأمر أن بنك المغرب أقدم على عملية الرفع الثالثة، من دون القيام بتقييم للمرتين السابقتين، لكي يخبر الرأي العام لماذا اختار الرفع من نسبة سعر الفائدة، وهو أمر غير معقول، وسبق لوالي بنك المغرب أن صرّح جواباً على هذا الموضوع أنهم يقومون بدراسات من أجل التقييم لكن لم يتم الإعلان عن النتائج”.
وأشار أقصبي إلى أنّ ” التوقعات التي سبق وأعلن عنها بنك المغرب كانت خاطئةً، حيث أنه قال إنّ الارتفاع في نسب التضخم سيعرف انخفاضاً في 2023 بـ 2 في المائة وهو نفس التوقع الموجود في قانون المالية.. لقد كانوا يعتقدون أن الأمر سينتهي في شهرين أو ثلاثة أشهر”.
وأوضح أقصبي، ” لو كنا في حالة أن هناك تضخم بسبب اختلال بين العرض والطلب، أي أن هذا الأخير يكون مرتفعاً، أنذاك ممكن أن يتم التوجه نحو التقليل من الانفاق عبر مجموعة من الاجراءات من أجل خفضه، لكن كيف يعقل أن نعتبر أن الطلب مرتفع في حالة الوضع الاقتصادي الحالي وما يسمونه مستوى النمو لا يتجاوز 1.3 في المائة”.
وتابع الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، ” يقولون أن نسبة النمو سترتفع إلى 2.6 هذا ليس نمو بل ركود، بكل المعايير، مانعيشه ليس تضخم وفقط، بل تضخم مصاحب للركود وهي حالة نادرة يمكن الرجوع إلى السبعينات من أجل معرفتها.. ولا يمكن بسعر الفائدة الحالي أن نضع حدّ لهذا النوع من التضخم المصاحب للركود، وإلاّ نكون مثل الطبيب الذي لا يعطي دواءً من أجل علاج المريض بل من أجل قتله”.
وقال أقصبي، “بنك المغرب متعنت بطريقة غير مقبولة وغير معقولة، هو يتبع مجموعة من المؤسسات النقدية في عواصم عالمية ويتبعهم في إجراءاتهم من دون تفكير في العواقب”.
هناك تناقض بين الحكومة وبنك المغرب وهذا بسبب ما يسمى بـ”الاستقلالية”.. والحكومة هي المسؤولة عن جميع السياسات العمومية لأنها منتخبة.
وبخصوص التناقض بين الحكومة وبنك المغرب الذي تحدث عنه البعض، قال أقصبي: ” الطريف في الحكاية أنّ هذه المرة وبعد أن كان بنك المغرب والحكومة في تناغم دائم، وقع التناقض بينهما، وهذا بسبب ما يسمى باستقلالية بنك المغرب.. وهادشي ماعندو لا ساس لا راس.. لأن الحكومة هي المسؤولة عن السياسات العمومية بما فيها السياسة النقدية، بحكم أنه قد أفرزتها الانتخابات بالرغم من إختلافي كمعارض مع سياستها، ومايمكن أن نسجله من ملاحظات حول هذه الانتخابات “.
أما بنك المغرب، يقول أقصبي، “فإنه عبارة عن مجموعة من التقنوقراط، لا يشكك أحد في كفاءتهم التقنية، لكن الحكومة هي التي عليها أن تتحمل مسؤولية اختياراتها وسياساتها في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وأضاف أقصبي، ” لقد ظهر هذا التناقض، بين الحكومة التي تقول إنها تعمل على تشجيع الاستثمار، ووضعت ميثاقاً له، بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع مثل أوراش وفرصة وغيرها، في حين يأتي بنك المغرب بمثل هذه القرارات المناقضة لما يبدو عليه على الأقل التوجه الحكومي”.
انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات
أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …