قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، إن النهوض بالرأسمال البشري، وجعله رافعة للعدالة الاجتماعية ليس مجرد شعار ظرفي، وإنما خيار استراتيجي يفرض على السلطات العمومية إعادة ترتيب أولوياتها بالتركيز على بناء الإنسان وتقليص التفاوتات.
وأبرزت بوعياش اليوم الثلاثاء في كلمة افتتاحية لأشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت رعاية الملك محمد السادس، في موضوع “الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية”، أن إعادة ترتيب الأولويات تقتضي رصد اعتمادات مالية ضخمة لأوراش إصلاح وتأهيل قطاعات الاستثمار في الرأسمال البشري، على رأسها التعليم والصحة والحماية الاجتماعية بمكوناتها الأربعة.
وذكّرت في هذا الصدد بأن حفظ كرامة المواطنات والمواطنين تتطلب تعزيز قدراتهم وضمان الولوج إلى حقوقهم الأساسية بشكل عام، لا سيما الحقوق التمكينية المتمثلة في الحق في الصحة والحق في التعليم، مبرزة أن حمايتهما تعتبر “شرطا أساسيا لتعزيز وتقوية الرأسمال البشري الوطني ومعيارا لقياس مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية التي تواجه تحديات كبيرة لترسيخ مبادئها في بلادنا”.
وشددت على أن التعليم يعتبر “مصعدا اجتماعيا يتيح لفئات عريضة من المجتمع فرصة الترقي والتطور الذاتي” وأن “الحق في الصحة، باعتباره حالة من اكتمال السلامة الجسدية والنفسية والاجتماعية، هو شرط قبلي للاستفادة من باقي حقوق، مضيفة أنهما مدخلان أساسيان لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وقالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن أي مقاربة حقوقية لتعزيز دور الرأسمال البشري في مواجهة التفاوتات ينبغي أن تتأسس على وعي عميق بأن التفاوتات الاجتماعية والمجالية تعود في جوانب كثيرة منها إلى اعتماد المقاربة المبنية على الحاجيات في معالجة القضايا التنموية، وضعف استحضار تمفصلات التنمية مع الحقوق والحريات، داعية إلى ضرورة اعتماد المقاربة القائمة على حقوق الإنسان في بناء السياسات العمومية ودعم فعلية الحقوق باعتبارها ضرورة يقتضيها تدبير العقد الاجتماعي الجديد بين المواطن والدولة.
وفي السياق ذاته، أوضحت بوعياش أن “تكريس البعد التعاقدي، بما يحيل عليه من إقرار لفعلية للحقوق والحريات، سيساعد على معالجة التفاوتات والتهميش بمختلف مستوياتها الاجتماعية والمجالية”، مؤكدة أن “استمرار تدني مستوى فعلية الحقوق والحريات يشكل تهديدا حقيقيا للاستقرار والتماسك الاجتماعي”.
وأضافت أن أهم الدروس المستخلصة من تجربة الإصلاح في المغرب، وفي تجارب أخرى مشابهة، هو أن سن القوانين والتشريعات وإحداث مؤسسات هو أمر ضروري، لكنه يبقى غير كاف لتحقيق التغيير والإصلاح المنشودين، معتبرة أن “نظام القيم السائد والمعادي، في جوانب كثيرة منه، لقيم حقوق الإنسان يتميز بقدرة كبيرة على مقاومة الحمولة الإصلاحية للمؤسسات والقوانين”.
وفي هذا المضمار، شددت على ضرورة العمل على إعادة الاعتبار للبعد الثقافي والقيمي في النقاش حول العدالة الاجتماعية، باعتبارها بناء أخلاقيا وسياسيا يروم تحقيق المساواة في الحقوق والتضامن الجماعي بين أفراد المجتمع، عبر التفكير في أنجع السبل لتمكين مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية منها والجديدة من الاضطلاع بدور ناجع في تعزيز البعد المواطن للرأسمال البشري بما يسمح بتكوين مواطن متشبع بثقافة الحقوق والحريات.
وتتميز الدورة السابعة لمنتدى العدالة الاجتماعية، التي تنظم بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بمشاركة واسعة لمسؤولين حكوميين وبرلمانيين وخبراء وأساتذة، وكذا ممثلي الهيئات السياسية والتنظيمات المهنية والنقابية، فضلا عن مختلف المنظمات الدولية.
ويندرج اختيار “الرأسمال البشري” موضوعا لهذه الدورة، التي تتزامن والاحتفاء باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية (20 فبراير)، في سياق التفاعل المؤسساتي المتواصل لمجلس المستشارين مع التوجيهات الملكية السديدة بشأن قضايا العدالة الاجتماعية، وكذا في إطار المواكبة العلمية لمشروع إقامة نموذج تنموي جديد ينتصر لمبادئ وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والتضامن، ويقوم على مرتكزات أساسية تعتبر ضرورية لكسب الرهانات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أجل تعميق النقاش والتفكير الجماعي في مسالك وسبل تعزيز الرأسمال البشري، بما يتيح تحقيق العدالة الاجتماعية ويعزز شروط إنجاح تنزيل النموذج التنموي الجديد للمملكة، ستتوزع أشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية على أربعة محاور تهمّ “تعميم الخدمات الصحية الجيدة والحماية الاجتماعية، و “رهانات تجويد منظومة التربية والتعليم” و”تثمين الموارد البشرية في الأوساط المهنية: رافعة لتعزيز الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للجميع” و “التنوع الثقافي ورهانات بناء مجتمع منفتح ومتماسك”.
وتكريسا للطابع الدولي للمنتدى، يحضر أشغال هذه الدورة وفد هام عن جمهورية الأوروغواي والمدير العام لمنظمة الإيسيسكو، وكذا ممثلي هيئات الأمم المتحدة بالمغرب، إلى جانب مشاركة رئيس الاتحاد البرلماني الدولي عبر تقنية التواصل المرئي.
لقجع وبوريطة يؤكدان “التزام” وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية
أبرز ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين في الخارج، وف…