بعد مرور أيام من خروج الممثل هاشم البسطاوي بتصريحاته الخطيرة في فيديو، والتي “كفّر” من خلالها بعض اساتذة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، معلناً إعتزاله التمثيل؛ خرج مسعود بوحسين نقيب المسرحيين بتدوينة ردّاً على هذه الاتهامات قائلاً: “مجموعة من الفقهاء والعلماء المشهود لهم بسعة العلم مارسوا التمثيل أو أثنو عليه، ومنهم من درسوا في “ليزاداك” التي وصفت اليوم ،كمؤسسة تابعة للدولة، على أنها تدرس الإلحاد”.

وقال بوحسين في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي عبر “فايسبوك”: “على إثر ما راج مؤخرا من كلام وصل إلى حد تكفير واتهام مؤسسة عمومية بالكفر والإلحاد، بل واعتباره منهجا بيداغوجيا تفسد به عقيدة بنات وأبناء المغاربة، وبغض النظر عن التبعات القانونية التي يمكن أن تترتب عن هذا الهراء والتسيب واستغلال حالات الضعف البشري.. وبعيدا عن مسار قد تحول بيننا وبينه ذكرى محمد بسطاوي رحمه الله، وحيثيات أخرى نعرفها حق المعرفة يمكن بواسطتها أن يحول الجرم من على عاتق مستغل (بفتح الباء) إلى مستغل بكسرها”.

مضيفاً: “بعيدا عن كل هذا، لنتأمل بعجالة مسار بعض الشخصيات الدينية المتزنة ولنعد، للتاريخ لنكتشف أن التدين المغربي المتسم بالوسطية والاعتدال هو الذي دافع عن الفن وفن التمثيل على الخصوص، قبل أن تخترقنا الوهابية وتفعل في عقولنا الأفاعيل…رحماك يارب!.. لقد شهد التاريخ أن ثلة من الفقهاء والعلماء المشهود لهم بسعة العلم مارسوا التمثيل أو أثنو عليه، ومنهم من درسوا في “ليزاداك” التي وصفت اليوم ،كمؤسسة تابعة للدولة، على أنها تدرس الإلحاد”.

وتابع ذات المتحدث، “ولمن مازال يحلم بالعودة إلى قرون خلت أن يتأمل عمل بعض ممن دافعوا عن شرعية فن التمثيل في زمن كان لازال فيه فنا دخيلا، وممن درسه بعد ذلك في نفس المؤسسة التي توصف اليوم بتدريس الإلحاد، وممن تولى في فترة ما أمره:1-الفقيه العلامة والعضو البارز في الحركة الوطنية محمد القري رحمه الله، المشهور بلقب “دفين الصحراء” والذي كتب المسرح ومثل فيه ولم يمت تائبا عنه”.

وأضاف، “2- العلامة والسياسي علال الفاسي، الذي احتفى بدخول المسرح إلى المغرب في بدايات القرن وهو لايزال شابا وقصيدته الشهيرة التي يقول مطلعها : كل شيء على الشباب يهون ….هكذا همة الرجال تكون… كانت بمناسبة تقديم اول عرض مسرحي مغربي لقدماء تلاميذ ثانوية مولاي ادريس بفاس ومعه كان في نفس الحفل العالم العلامة المختار السوسي رحمه الله…لقد كانت هذه المناسبة لقاء بين تيارين: تيار حداثي تمثله النخبة المتكونة بالمناهج الحديثة والتي رأت في فن التمثيل فنا راقيا، ونخبة مكونة تكوينا عتيقا بجامع القرويين…لم يعب أحد على أحد . ولكن وجدوا في فن التمثيل أداة فنية حاملة لقيم ..ولذلك كان الاحتفال وقيل الشعر في مدح فن التمثيل”.

وجاء في تدويمة مسعود بوحسين، “3- الفقيه والعلامة محمد المكي الناصري…تقلد منصبا حكوميا يجمع ما بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والثقافة في حقيبة واحدة…”ياعجبا!” قد يقول قائل. نجيبه: لا عجب في ذلك وعلى رسلك لاتتعجل ففي الأمر حكمة رآها الأولون تقول الا تناقض بين الدين والفن. كلاهما يبغيان الجمال والحق والخير وهذا أمر يصعب فهمه ويحتاج مجالا طويلا للشرح من باب العقل لا من باب النقل، أو من باب الحس السليم فقط..ومثلما يزيغ التدين عن مقصده قد يزيغ الفن عن مراميه …ومثلما قد يشيع الغلو في التدين،قد يسود الغلو في الرداءة. ..رداءة الفن والتدين سيان، والفن والدين من الرداءة براء ووقاهما الله شرها الفتاك،  و4- الشيخ المقرئ عبد الحميد حساين رحمه مارس التمثيل ودرس التجويد ب “ليزاداك” ولم يكن ليفعل ذلك لو كان يعلم أنه “ماخور” و”وكر للإلحاد” …”.

وقال بوحسين، “كل هذه الشخصيات. وغيرها كثير ، لم تكثرت بصاحب “إقامة الدليل على حرمة التمثيل” والذي تلقفه الفكر الديني المغالي في الشرق أكثر من الغرب، ولم يلق طرحه في بلاد المغرب الأقصى صدى كبيرا…لأن من الفقهاء من دافع عن الفن، ومارسه أو أثنى عليه أو تولى امره…طبعا هنا يصبح التمثيل شأنه شأن بقية المهن. قد يطالها طائل أو تخترقها شبهة…لكن هذا لا يبرر أن يكون مستهدفا من خلال استهداف مؤسسات الدولة المعنية..، وبما أننا لا نحاكم النوايا، فإنه بمقدورنا أن نشك وأن نقيم عليها الحجة بفن وكياسة..بكل بساطة لأننا لا نلعب كما يبدوا لمن يستصغر الفن، ويرمي إلى استغلال ضعف بشري لترويج خطاب مبطن: أن الدولة تنظم الإلحاد من خلال مؤسساتها وأنها تطبع مع الفساد من خلال تبنيها للفن دستوريا ومؤسساتيا وقانونيا…هل هذا ما ينبغي فهمه؟ ..لسنا أغبياء يا سادة نحن ايضا أساتذة ودكاترة في مجالنا…ولن تنطلي علينا استعمال المقولة المشهورة “وشهد شاهد من اهلها” لتمرير خطاب مسموم ومبطن وتكفيري ومتطرف تحوم حوله شبهات أخطر من التكفير في حد ذاته، بممارسة سلوك التقية من أهل الحل والعقد…لن يمكنكم أن تفعلوا ذلك على ظهورنا وبتوظيف من ضعف بيننا…لحمنا مر أكثر مما قد تعقدون…وكما يقول المغاربة: ” عيبنا خايب” لا مجال فيه للحجاج والملاججة لأن شروط العقلانية والحس السليم غائبة…وفوق هذا وذاك هناك قانون ومؤسسات ودولة على رأسها امير المؤمنين ونحمد الله على ذلك وفي ذلك أيضا حكمة ومنة من الله سبحانه”.

وتابع، “ملحوظة لابد من الإشارة إليها: مبنى “ليزاداك” مجاور لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات…ونعم الجوار. ومن أدراك أن يكون هناك تفاعل وتكامل؟ وفي ليزاداك أيضا مسجد لمن يريد أداء الصلاة في وقتها..، ورغم ذلك : لا يمكن إزالة صامويل بيكيت من تاريخ المسرح, كما لا يمكن إزالة جون بول سارتر من تاريخ الفلسفة…والله اعلم بدات الصدور وهو القادر على هداية خلقه. ونسأل الله حسن الخاتمة والسلام”.

التعليقات على رداً على هاشم البسطاوي.. مسعود بوحسين: فقهاء وعلماء درسوا في “ليزاداك” التي وصفت اليوم بأنها تدرس “الإلحاد” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

لقجع وبوريطة يؤكدان “التزام” وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية

أبرز ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين في الخارج، وف…