تقدم مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية والمنتدى المدني الديمقراطي المغربي للانتخابات، بتقرير مفصل يخص ملاحظاتهما حول إنتخابات 8 شتنبر.
وتطرق التقرير الذي تم تقديمه خلال ندوة صحفية أمس الخميس بالرباط، للعديد من الزوايا، المتعلقة بمسار الانتخابات، سواء، فلسفة ومنهجية وإجراءات أعمال الملاحظة الانتخابية،
خلاصات التقارير السابقة للمركز، والسياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي لانتخابات 2021، ثم السياق الدولي: الانتخابات في ظل جائحة كورونا، طريقة اعداد لانتخابات 2021، من حيث المنظومة القانونية، والإطار التشريعي للملاحظة، والجوانب المالية، الترحال السياسي، وأي تدبير لمشاركة مغاربة العالم لاستحقاقات 2021، وملاحظات ما قبل الحملة، ويوم التصويت.
واكد التقرير على أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي يستدعى فيها المغاربة للتصويت في اليوم نفسه من أجل اختيار مجالس الجماعات الترابية والجهوية وأعضاء مجلس النواب.
مشيراً إلى أن هذا الأمر يستوجب تغير الطريقة السابقة الى نمط جديد في أسلوب الاقتراع إذ سيصوت الناخبون بواسطة ورقتين اثنتين في صندوقين اثنين كذلك. لكن يبدو ان الناخبين استوعبوا على كل حال وبسرعة هذه العملية اثناء التصويت.
وحول خروقات يوم الاقتراع، سجل التقرير استمرار الحملة الانتخابية من طرف بعض وكلاء اللوائح، وحالات عدم مطابقة ارقام التسجيل المتوفرة لدى الناخبين مع الأرقام الموجودة في المحاضر المتوفرة لدى أعضاء مكاتب التصويت مما خلق نوعا من الارتباك والانسحاب أحيانا دون التصويت، بالإضافة إلى حالات عدم تطابق عدد المسجلين الناخبين مع أوراق التصويت، وحالات عدم جهر رئيس المكتب باسم الناخب، حالات دخول أكثر من شخص الى المعزل الواحد، حالات استعمال الهاتف النقال اثناء التصويت داخل المعزل وكذا من طرف ممثلي وكلاء اللوائح داخل المكاتب، وحالات التعامل غير اللائق مع الناخبين من طرف بعض رؤساء المكاتب وبعض أعوان السلطة المتواجدين بالقرب أو داخل مكاتب التصويت.
وتابع التقرير سرد حالات الخروقات، حيث تم تسجيل حالات تواجد أنصار وكلاء اللوائح بشكل لافت بجوار مكاتب التصويت بدون تدخل للسلطة، وتصويت الناخبين دون علامة المداد في حالات متكررة، وغياب الولوجيات بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة في الكثير من مكاتب التصويت، وحالات تدخل أعوان السلطة في اختصاصات رؤساء المكاتب، وحالات دخول بعض أعضاء مكاتب التصويت مع الناخبات والناخبين الى المعزل،
حالات الشروع في عملية الفرز دون احترام المسطرة المعمول بها، وحالات تواجد بعض المرشحين ووكلاء اللوائح داخل وقرب مكاتب التصويت.
كذلك، احتفاظ رؤساء بعض المكاتب بمفتاحي الصندوق،
حالات عدم تشميع أظرفة محاضر المكاتب قبل تسليمها الى مراكز الفرز، وحالات عدم تسليم محاضر التصويت لممثلي مرشحي الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى حالات معزولة جدا لسرقة صناديق الاقتراع.
ولم يقتصر التقرير على الخروقات فقط، بل سجل المؤشرات الإيجابية ليوم الاقتراع، وتتمثل في طبيعة الانتخابات كانت مفتوحة على جميع الاحتمالات، واستعمال تطبيقات لإخبار الناخبين بأرقامهم ومكاتب التصويت ووضعها رهن إشارتهم،
تواجد أكبر لمكاتب إرشاد الناخبين، وتيسير وتسهيل العملية الانتخابية من الناحية اللوجستيكية والتواصلية وترسيخ استعمال التكنولوجيا الحديثة لإيصال المعلومة، وتطور نوعي على مستوى التواصل السمعي البصري والرقمي والافتراضي،
انتعاش النقاش العمومي.
وقال التقرير إن الانتخابات شهدت التزام الدولة العلني بضمان نزاهة الاقتراع، وعدم اللجوء الى تمديد توقيت الاقتراع قانونيا وتنظيميا، وتسجيل نسبة مشاركة مهمة وإقبال لافت للشباب على التصويت، وتطبيق مقبول جدا على العموم للاحتياطات الصحية إثر جائحة كورونا.
وأوضح التقرير بعض الخلاصات لملاحظة الانتخابات 08 شتنبر 2021.
حيث جاء في التقرير بهذا الصدد، “ماذا تعني انتخابات 2021؟ هل تبين من خلالها أن السمات الديمقراطية للنظام السياسي المغربي قد تعززت أم استقرت أم تراجعت؟ كيف يمكن تقييم الاستحقاقات الأخيرة من زاوية التقدم أو التراجع الديمقراطي؟
يمكن الإجابة عبر سلسلتين من الاعتبارات: الأولى تركز على الإيجابيات والثانية تركز على السلبيات”.
مضيفاً، في الايجابيات يمكن ذكر عدة جوانب، حيث يمكن “اعتبار أن انجاز الانتخابات في المواعيد المحددة مؤسساتيا، عامل أساسي ديمقراطيا. فكون الاستحقاقات الانتخابية تنظم بشكل منتظم وفق الشروط المرسومة، وذلك مهما تعقدت الظروف في الوضع الحالي.. فرغم ضغوطات القضية الوطنية، واشكالات الجوار المباشر جنوبا وشرقا وشمالا، ورغم بروز احتكاكات وخلافات مع الاتحاد الأوروبي، ورغم ظروف الوباء وتعقيداته الاقتصادية والاجتماعية فقد تم احترام الموعد الانتخابي، ويمكن اعتبار هذه الانتظامية تراكم ديمقراطي حاسم”.
وافاد التقرير أنه قد أظهرت أعداد ونوعية وبنية الترشيحات، نوع من الاقبال على، بل من الافتتان بالتمثيل الجماعي والجهوي والتشريعي: 175000 مرشح بالنسبة ل 31000 مقعد جماعي، 15 مرشح بالنسبة لكل مقعد، حيث على 12 جهة يتنافس على 678 مقعد. أما فيما يتعلق بمجلس النواب ت وصلنا إلى معدل17 مرشح لكل مقعد.
وتشكل هذه الانتظامية، حسب ذات التقرير، وهذه الأعداد الكبيرة الوافدة للتنافس حول التمثيلية بمستوياتها المختلفة قاعدة صلبة من التجارب والممارسات الانتخابية تشجع على تشكل إداريين ومديرين محترفين في مجالات الانتخابات. ولقد أصبح المغرب يتوفر على إطارات قانونية وتنظيمية واجرائية وعلى فاعلين دوي خبرة في عالم الاستشارات الشعبية الكبرى وعلى مهن سياسية خاصة بها. ويعني ذلك بدون شك رافعة للتنمية الديمقراطية وانتشار ثقافة ديمقراطية عريقة. لقد برزت كفاءات متجددة في المجال التشريعي والاجرائي من تنظيم أفضل للانتخابات ونشأ عنها نوع من الروتين الانتخابي الذي أصبح يشكل نواة محددة للثقافة الديمقراطية.
وسجل التقرير انخفاض التدخلات البدائية للدولة والإدارة وتراجع التزوير السافر بالطرق والكم المعهودين سابقا، وتم تجاوز الأساليب الخشنة والمفضوحة التي كانت سائدة في الماضي.. لقد تحققت على مستوى التوجه العام شبه قفزة نوعية حيث تراجعت تلك الممارسات (التغيير التعسفي للنتائج، ملء الصناديق، تجنيد ممثلي السلطة، إلخ…) وأصبحت اليوم تنتمي إلى خانة ما يسمى بالأحداث المتنوعة العرضية أو الاستثنائية.
وبخصوص السلبيات، أشار التقرير إلى أنه على رأس اللائحة يأتي دور المال في تبخيس المسار الديمقراطي: جل الفاعلين السياسيين، وكذا عدد من المواطنين، ينددون باستخدام المال خارج القوانين المعمول بها في إفساد العملية الديمقراطية. وعلى الرغم من صعوبة إثبات ذلك بحجج مقنعة، يمكن اعتبار مجرد الحديث في حد ذاته بشكل متواتر وباستمرار واقعا مؤثرا على مصداقية الطابع الديمقراطي لهذه الانتخابات. وقد يتم ذلك في سياق الانتخابات او خارج زمن الانتخابات.
وتابع التقرير، “شكل النقاش العمومي حول النموذج التنموي عنصرا أساسيا وضاغطا حد ويحد من الطابع التنافسي للبرامج المقدمة من طرف الهيئات السياسية المتنافسة. ولقد انعكس ذلك سلبا على جاذبية البرامج على الاقناع وعلى امكانياتها الإبداعية ويعني ذلك تقلص مهام التنظيمات السياسية وفقدان جزء مهم من أدوارها المرتبطة بصناعة مستقبل البلاد،
كل العناصر المشار إليها أعلاه من شأنها أن تفاقم تراجع ومكانة وأدوار الأحزاب السياسية، بدون أن يظهر بديلا عنها”.
ولاحظ التقرير “نمو دور التكنقراط بشكل متصاعد في ظل واقع مطبوع بإكراهات تدبير الوضع الصحي والاقتصادي والاجتماعي، وهو مصحوب بنزعة ملموسة نحو ترادع وأحيانا اختفاء الطابع السياسي في تدبير ملفات عمومية عديدة … مما قد يضعف حيوية المجتمع المغربي، ويحد من قدراته على رفع التحديات التي تواجهه”.
وفي الاخير أوضح التقرير أنه في ظل هذه المعطيات التي أبرزتها انتخابات 2021 (مرحلة التهيئ، مرحلة الحملة، يوم الاقتراع)، يبدو أن بعض عوامل التعثر الديمقراطي صعبة التجاوز.