نظم مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، اليوم الخميس 15 يوليوز، لقاءا صحفيا لتقديم التقرير الاستراتيجي المغربي 2019-2021، أطره كل من عبد الله ساعف مدير المركز، واعبد الرحيم المصلوحي أستاذ باحث في جامعة محمد الخامس بالرباط، والأستاذ محمد بنهلال، والأستاذ محمد بلعربي.
وأصدر مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، منتصف الشهر الماضي (يونيو)، التقرير الاستراتيجي المغربي الثاني عشر، وهو يغطي سنوات 2019 – 2021.
ويستوعب التقرير ما يقرب من 50 ورقة (في حدود 700 صفحة). وهو مُقَسَّم إلى محورين كبيرين، المغرب في العلاقات الدولية، والمغرب في تحوُّلاته، يشمل الأول أوراقاً تُغَطِّي أهم علاقات المغرب الدولية، علاقته بالقِوَى الكبرى، الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، ثم المغرب وأوروبا. ويتوقف التقرير أيضاً، أمام علاقة المغرب بالدول العربية، وعلاقته بأفريقيا وآسيا وأميركا اللاَّتينية.
أما المحور الثاني فينصبّ على بحث الأوضاع والتحوّلات الجارية في المغرب، ويركِّب مباحث فرعية في المؤسسات وفي الفاعلين، ليقترب من السياسات العمومية، ويتوقف أمام قطاعات منها.
ويصعب اختزال تفاصيل الأوراق وكيفيات رصدها للتحولات الجارية، في علاقتها بمستويات الصراع السياسي والاجتماعي، الناشئ والمتطوِّر داخل المجتمع ومؤسساته، إلّا أنّ المشرف على إعداده أنجز، في مقدمته العامة، قراءة تركيبية لأهم محاوره وأوراقه، وتوقَّف أمام أهم التحولات التي عرفتها بنية النظام السياسي، وبنية التشكيلة السياسية والاجتماعية المتحرّكة والفاعلة، خلال السنوات التي عمل على رصد جوانب من أبعادها.
ويتوقَّف التقرير أمام مُحَصِّلَة السنوات الثلاث الأخيرة، ويترك التفاصيل، ويرسم المعالم الكبرى للتحوُّلات الحاصلة في الديناميات السياسية المتفاعلة، في قلب المجتمع ومؤسّساته ونُخَبِه، إنّه يركِّب التفاصيل في مجموعة من القضايا، ولا يتردَّد في وصف ما يجري أمامه من وقائع وأحداث بالهجانة، إلّا أنّ هذا الوصف في نظره ليس ثابتاً أو نهائياً، ففي الأوضاع الهجينة في الدولة والمجتمع، يحصل كثير من الْمَدّ والجَزْر.
ووضع المشرف على التقرير يده على ما سَمَّاه نهاية دورة سياسية، مشيراً إلى أنّ العهد الجديد أكمل عقدين، تحققت فيهما تحوّلات مَسَّت النظام السياسي وآليات عمله، كما مَسَّت مختلف الفاعلين من مؤسساتٍ وأحزابٍ ونُخَبٍ. وأنه واجه التحوُّلات الناتجة عن هبوب رياح الربيع العربي، وترتَّب عن ذلك دستور 2011 وجملة من الإصلاحات التي لاَمَسَت كثيراً من أوجُه العطب في المجتمع، إلّا أنّ ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية اليوم يشير إلى أنّنا في نهاية دورة سياسية.
وقد اعتبر أنّ دعوة الملك محمد السادس، أخيراً، المرتبطة بالتفكير في نموذج تنموي جديد، تفيد بأنّ النموذج القائم استنفد كلّ إمكاناته، فنحن اليوم نعيش نهاية دورة سياسية، ليس في الاقتصاد وحده، بل في السياسة والمجتمع أيضاً. تحاول السطور التالية التوقُّف أمام بعض خلاصات التقرير ونتائجه، كما تجلت في المشهد السياسي وفي الحركة الاجتماعية، لتبرز في النهاية الدلالات العامة لنهاية دورة سياسية.
ويتوقف في البداية، أمام خريطة الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، فنجد أنفسنا أمام معارضةٍ جديدة، تواجه قضايا سياسية وأخرى دينية، وثالثة اقتصادية وثقافية، معارضة تنتقد المؤسسات والممارسات داخل السلطة، وتدافع عن ضرورة الإعلاء من قيمة المرأة ودورها في المجتمع، كما تدافع عن الحقوق الفردية، وتدعو إلى جملةٍ من التدابير الاقتصادية والثقافية واللغوية.
ويتناول التقرير عمليات استقطاب جارية وسط النخب، من أجل بناء مجموعات جديدة، حيث يوضح التقديم خريطة الأحزاب السياسية، ويبرز مآلات اليسار المغربي وشبكاته الجديدة، وكذا أجنحته ذات الصلة بأحزاب اليسار المؤسساتي، وحركة 20 فبراير وامتداداتها. ثم يشير إلى أنوية اليسار الرقمي، والأنوية المنخرطة في بعض منظمات المجتمع المدني. لينتقل إلى الإسلام السياسي، فيعدِّد أسماء أبرز تياراته، “العدل والإحسان” و”العدالة والتنمية” وحركة التوحيد والإصلاح، والبديل الحضاري، والتيارات السلفية. ولا يغفل الأحزاب الليبرالية والمحافظة وأحزاب الإدارة.
وضمن هذا المشهد الحزبي المتعدِّد، يشير إلى جماعات سياسية أخرى، ترتبط بالجالية المغربية في الخارج، وتضم نشطاء حقوق الإنسان، ومناضلي الحقوق اللغوية والثقافية، ثم نشطاء الشبكات الرقمية .. وعلى الرغم مما يبدو من تشتت وتنوُّع وعدم تجانس في مكوِّنات هذا المشهد، إلا أن النقاشات التي تستوعبها منصّاته المتحرّكة والمتطوِّرة، في قضايا المجتمع والثقافة وبنيات السلطة، تُؤشّر إلى بدايات حصول تحوّلات هامة في الوعي السياسي العام.
ولا يكتفي الرصد في التقرير بتشخيص مظاهر التحوّل السياسي، بل يشير أيضاً إلى عمليات استقطاب جارية وسط النخب، من أجل بناء مجموعات جديدة. وهو يقيم تقابلاً بين أحزاب الإسلام السياسي واليسار المغربي وتنظيماتهما، ليوضح أنّ بعض قوة الإسلاميين المفترضة لا يمكن أن تُفهم إلّا في سياق تشرذم اليسار المغربي وتراجعه. وبالطريقة نفسها، يوضح أدوار منظمات المجتمع المدني، فيشير إلى أنّ مختلف المزايا التي منح دستور 2011 لهذه المؤسسات، والمتمثلة في التداول والتشارك، لا نجد لها أيّ أثرٍ في الواقع.
وينتقل التقرير ليفكر في قضايا التشغيل والفوارق الاجتماعية المتزايدة، باعتبارها مسألة مركزية في الراهن المغربي، ويتعلق الأمر بقدرات النظام على إعادة توزيع الثروة. وتزداد أهمية هذه المسألة، في ضوء تراكم مظاهر الغضب والاحتجاج، وظهور أجيال جديدة من الحركات والتعبيرات الاحتجاجية، من قَبِيل مجموعات العاطلين من العمل، والمنظمات التي تناضل ضد غلاء المعيشة، الحركات الاحتجاجية المناطقية، النضالات الطلابية، حركات الأساتذة المتعاقدين… إلخ. لكنّ نتائج الأفعال والاحتجاجات المذكورة، كما يوضح التقرير، وإنْ كانت تُراكم شعارات واحتقانات فإن نتائجها محدودة.
ويرى التقرير أنّ هناك من يُراهن على إمكانية حدوث انفجاراتٍ مجتمعيةٍ وحركات تَمَرُّد، إلّا أنّ الطابع الانقسامي، المُشَتَّت والمُتقطِّع والمُتَقَلٍّب للفاعلين الجُدُد، يجعل إمكانية حصول ذلك قليلة الاحتمال. أما مشروع النموذج التنموي الذي أعدّته لجنة خاصة، فمن السابق لأوانه الخوض في محتواه، وذلك على الرغم من أنّ نهوض المغرب اقتصادياً، وتحسّن وضعه المؤسساتي وانتقاله الديمقراطي صار أحد الآفاق الأكثر غموضاً. ويبدو أنّ خيارات النظام الكبرى وآليات عمله ستبلغ نهايتها قريباً. ومن هنا، تأتي الحاجة إلى مشروع وطني جديد، فنحن اليوم كما يرى التقرير أمام نهايةِ دورةٍ استمرت عشرين عاماً، ومن المرجّح أنّها تهيئ لمرحلة مقبلة ملامحها في طور التشكّل.
ويذكر ان التقرير الأول صدر سنة 1995، وخلال ربع قرن، واصل المركز إصداره بصِيغ مُتعِّددة، مُحاولاً مواكبة مجمل التحولات السياسية والاجتماعية التي عرفها المغرب.
وتزامن انتظامه في الصدور مع بدايات العهد الجديد، نهاية القرن الماضي. يرأس المركز ويديره أستاذ العلوم السياسية في جامعة “محمد الخامس” بالرباط، عبد الله ساعف. ويضم باحثين يحقّقون، بأنشطتهم المُتعدِّدة ومنجزاتهم في التقرير، ما يُعَزِّز بعض دوائر البحث الاجتماعي والسياسي في المغرب.
نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي
أعلنت النيابة العامة في سانتياغو الاثنين أن نجم كرة القدم التشيلية أرتورو فيدال إلى جانب ل…