رحاب حنان
خلال كلمة ألقاها ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة (يا حسرتاه) خلال اللقاء التشاوري الذي نظمه حزبا العدالة والتنمية والحركة الشعبية حول «الأوضاع السياسية العامة بالبلاد والآفاق المستقبلية» بالمقر المركزي لحزب المصباح مساء أول أمس الخميس، وجه أقدح النعوت إلى خصومه الذين يفترض أن يحترمهم كما تقتضي الأخلاق السياسية ذلك، ولكن لأنه يضرب كل الأخلاق التي يتغنى بها عرض الحائط فإنه وصفهم بأحزاب «الكارتون»، بل وبـ«الشمايت».
ابن كيران لا يقول الحقيقة للمغاربة، حيث ادعى أن «أولئك الزعماء (أو زعماء الكارتون كما سماهم) اختفوا في 2011، وأن حزبه من الأحزاب السياسية المغربية القوية التي وقفت ضد المخاطر التي كانت تهدد المغرب»، لكنه نسي أن حزبه وقف ضد الحراك الذي قاده شباب 20 فبراير ولم يخرج إلى الشارع للمطالبة بوقف الفساد والاستبداد باستثناء وزير العدل الرميد الذي حمل حينها (في صورة شهيرة) مطلب الملكية البرلمانية التي لا يؤمن بها ابن كيران نفسه، ورغم ذلك لم يتردد في السطو على مطالب الشباب لحمل نفس الشعار في الانتخابات بعد أن هدأت الأمور ونال حزبه المرتبة الأولى وقاد الحكومة الهجينة في تركيبتها والفاشلة في منجزاتها باستثناء الزيادات التي مست القدرة الشرائية للبسطاء من أبناء الشعب المغربي.
ابن كيران أصبح يوزع صكوك الغفران من الآن وحتى قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وبدأ في شيطنة معارضيه وقال «إن حزبه لا يسعى إلى الهيمنة»، وأنه « «حتى إذا لم نأت في المرتبة الأولى لا مشكلة لدينا أن نأتي في المراتب الأخيرة لكن بشرط نجيو ورا أحزاب حقيقة وليس أحزاب الشمايت».
حين يتهم ابن كيران خصومه بتلك الأوصاف ويمسها في مصداقية، فإنه لا يسعى من خلال ذلك سوى أن يلصق بنفسه وبحزبه صفة «الملاك الطاهر» ويظهر حزبه بأنه «الوحيد الذي يجمع الأنبياء والثقاة»، ناسيا أن أعضاءه بشر كغيرهم يخطئون ويصيبون بل ويختلفون فيما بينهم، لذلك لا غرابة إن كان بينهم الصالح والطالح أيضا، ولأن ذلك واقع لا يرتفع فإن حزبه اضطر لطرد من لم يمتثلوا لأوامر «الزعيم ابن كيران»! الذي يبحث عن الخلود في منصب الأمانة العامة وكأن لا أحد غيره قادر على قيادة سفينة العدالة والتنمية.
ابن كيران فرض القيود تلو القيود على البرلماني أفتاتي لأنه تزعجه صراحته، وكمم أفواه كثير من قيادات المصباح بمن فيهم سعد الدين العثماني الذي غدر به وهو خارج التراب الوطني في مهمة رسمية، وحرمه من منصب الوزير في صفقة سياسية مشبوهة ليرضي من كان يسبهم بالأمس وينعتهم بأقدح الأوصاف.. ولله في خلقه شؤون. بل إن الجينرال ابن كيران كما ينعثه بعض من أعضاء حزبه في السر تدخل لفرض موالين له على رأس حركة التوحيد والإصلاح ليستمر في التحكم فيها رغم أن قيادتها غير راضية على سياسة النفاق التي ينتهجها. تماما كما فرض صديقه الراحل عبد الله باها على رأس فريق حزبه بالبرلمان ضدا على اختيار وزير العدل الحالي مصطفى الرميد غير المرغوب فيه حينها.
ابن كيران يُحل لنفسه ما يحرمه على غيره، وصفته كسياسي وكرئيس للحكومة تفرض عليه احترام خصومه قبل مؤيديه.. لكن يبدو أن الاستقرار الذي يتغنى بكون حكومته هي التي منّت به على المغرب، جعله يتعامى وينسى أن عدم احترامه دولة المؤسسات بما فيها الأحزاب السياسية، يقوض أسس الدولة. من العاقل في حزب العدالة والتنمية الذي قد يذكر أمينه العام أن الدستور في فصله السابع ينص على أن «تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية»، وأن «نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع». فهل يريد ابن كيران أن يلعب لوحده في الملعب السياسي وبالقوانين والأخلاق التي يضعها بنفسه فقط!!؟؟؟
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…