نوفل البعمري
لا شك أن الأحكام التي أصدرتها استئنافية الدار البيضاء في ملف معتقلي الحسيمة كانت قاسية و صادمة لأسر المعتقلين و ذويهم، شخصيا لا أستطيع الحكم على طبيعة الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف المحكمة هل كانت محترمة لكافة شروط المحاكمة العادلة في انتظار أن تصدر المنظمات و الإطارات تقريرها حول المحاكمة خاصة منها التي تؤطرها رؤية محايدة عن كل أطراف الملف و هي التقارير التي يمكن الوثوق بها، كما أنه يجب انتظار تحرير الحكن و الإطلاع عليه لمعرفة الأسباب القانونية التي أدت بالمحكمة لإصدار هذه الأحكام….و اذا كان المسار القضائي مآله معروف من الناحية المسطرية من حيث استئناف الحكم و انتظار الجلسات الاستئنافية فإن جزء من الملف يمكن أن يعالج خارج المحكمة.
شخصيا أتصور أن الملف ذو بعدين الأول قضائي و قانوني و هو منطلق لن يتوقف الآن، لكن هناك مسار موازي له لم يتم بلورته في المرحلة الإبتدائية من الملف قد يكون لغياب أطر تكون محل ثقة بين المعتقلين و الدولة تنتهي بطي الملف و ايحاد صيغة مؤسساتية و سياسية تنهي التوتر في المنطقة بشكل كلي و تفضي بعودة المعتقلين لأسرهم و إطلاق سراحهم و بغض النظر عن الصيغة و أيهما أنسب للجميع هل طلب العفو أم صدوره بشكل تلقائي دون طلبه و في اعتقادي الخاص لا يهم الطريقة بقدر ما تهم النتيجة.
الأمر الآن يحتاج للكثير من التبصر و الوعي بأهمية طي الملف من طرف جل الأطراف تفضي لنزع فتيله و فتيل أية جهة تريد حشر الجميع في الزاوية، تفضي إلى أفق مغربي واسع.
الملف يحتاج لمبادرة سياسية من رجالات و نساء يكونوا محط ثقة الجميع، قادرين على العمل في صمت و هدوء لإنتاج الظروف والشروط لحوار حقيقي بين الدولة و المعتقلين ينتهي بطيه و بحل رابح/رابح يحافظ للدولة على صورتها و يحفظ كرامة المعتقلين.
من الممكن أن أصيغ رأيا و موقفا راديكاليا أحصد به الآلاف من رسائل الاعجاب بلغة نتقنها جيدا.
و من الممكن أن نصعد من الخطاب و المطالبة بإسقاط كل شيء.
و من الممكن أن نطالب بالاعتصام في الشارع إلى أجل غير مسمى.
كل هذه المواقف في تقديري قد أكون مصيبا كما قد أكون مخطئا أنها لن تصل بنا إلى الحل، و لن تؤدي بالوصول لمخرج سياسي و مؤسساتي الذي يظل هو المسلك الوحيد، لقد جرب الجميع في المرحلة الأولى التصعيد و كانت هذه هي النتيجة، و لم نجرب إطلاق مبادرة سياسية و قانونية…الآن هناك فرصة لذلك أتمنى استغلالها.