المصطفى روض
قررت محكمة إسلامية في السودان إعدام شابة تبلغ 19 سنة من العمر بعد إدانتها بقتل زوجها الذي قام باغتصابها بالقوة في حضور أفراد من عائلته الذين ساعدوه على ارتكاب فعل الاغتصاب ضدا على إرادة الطفلة.
الشابة نور حسين حمد التي عاين مراسل وكالة “رويترز” حالتها، أخبرها والدها بمشروع زواجها من ابن عمها عبد الرحمان حمد عندما كانت طفلة في سن 16 سنة، لكنها رفضته و لجأت إلى منزل إحدى الأقارب لتعيش فيه مدة ثلاث سنوات هروبا من نوايا والدها، غير أن هذا الأخير اتصل بها ليطمئنها بإلغاء الزواج و بإمكانها العودة إلى بيت عائلتها، لكن الطفلة نور، و بمجرد وصولها، تفاجأت بالمقلب الذي نصبه لها والدها، إذ وجدته قد هيأ كل ترتيبات الزواج مع نفس الشخص ضدا على إرادتها، و مع ذلك، رفضت الدخول معه في علاقة جنسية، غير أنه قام باغتصابها ضد رغبتها بمساعدة اثنين من أشقائه اللذان قاما بإحكام قبضتهما على الطفلة لكي لا تتحرك.
و في اليوم الموالي عاد الزوج حمد ليغتصبها من جديد، لكنها قاومته في محاولة منها لردعه عن فعلته، و عند مواصلة إصراره، دافعت عن نفسها حيث طعنته ليسقط قتيلا.
الطفلة السودانية نور وجدت نفسها متابعة من قبل المحكمة بتهمة قتل الزوج حسب مقتضيات الشريعة الإسلامية دون أي اعتبار لحقوقها كطفلة و لظروف تعرضها للاغتصاب التي أجبرتها على الدفاع المشروع حماية لها، لتجد نفسها مدانة بقرار إعدامها شنقا على فعل لم تكن لديها أدنى نية في ارتكابه و الذي يعتبر فعلا غير مجرم في منطوق قوانين الدول المتحضرة بقدر ما هو دفاع مشروع عن النفس.
و الغريب في الأمر أن تسوية أجراها مع المحكمة الإسلامية كل من دفاعي الطفلة و عائلة الزوج المقتول تفضي إلى تعويض مادي لفائدة عائلة هذا الأخير على أساس تمتيع الطفلة بالسراح، لكن المحكمة، و تشبثا بمقتضيات الشريعة، عضت على حكمها القاسي بكل النواجذ.
و من جانبها، انتقدت منظمة العفو الدولية، يوم أول أمس الخميس، حكم الإعدام الصادر في حق الشابة نور، إذ اعتبر مديرها الإقليمي “سيف ماغانغو” بأنه حكم جد قاس، و لا إنساني و مهين، موجها انتقاداته الحادة للسلطات السودانية.
و أكد لوكالة “رويترز” ممثل حركة الشباب الإفريقية، المدافعة عن حقوق الإنسان بدر الدين صلاح، الذي حضر جلسات المحاكمة، أن دفاع الطفلة نور سيستأنف قرار الحكم، و بأنه ثمة حاجة ماسة لدعم و تضامن من المجتمع الدولي و خاصة الاتحاد الأوروبي و منظمة الاتحاد الإفريقي و هيأة الأمم المتحدة.
و من المعلوم أن السودان سبق أن صنفته هيأة الأمم المتحدة في المرتبة 165 ضمن 188 بلدا في مؤشر اللامساواة بين الجنسين، مؤكدة على أن العنف الموجه ضد النساء و الفتيات الصغيرات منتشر في السودان و هو البلد الذي لم يوقع لحد الآن على الاتفاقية الدولية من أجل القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء.