دعا المشاركون في منتدى مراكش الاقتصادي البرلماني للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، إلى تعزيز مرونة وصمود الاستراتيجيات المستقبلية لاقتصادات دول المنطقة الأورومتوسطية والخليجية، وذلك بالنظر إلى وتيرة الأزمات الدولية التي غي رت العلاقات التجارية.
وأكد هؤلاء المشاركون خلال جلسة نقاش نظمت اليوم الخميس في إطار أشغال المنتدى الذي ينظمه مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط، تحت رعاية ملكية، على ضرورة تجميع اقتصادات هاتين المنطقتين وتوحيد الجهود بين دولها، لاسيما في ظل تغير التوازنات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.
وفي كلمة له خلال هذه الجلسة التي تمحورت حول “آفاق الاقتصاد الكلي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج”، أشار المدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، جيسكو هنتش ل، إلى تأثيرات الأزمات التي عرفها العالم، مسجلا تباطؤ النمو في عدة بلدان في العالم “حتى الصين التي يعتبر اقتصادها محركا للاقتصاد العالمي” شهدت تقلصا للنمو.
واعتبر المدير الإقليمي أن للحروب تأثيرات ملحوظة على مختلف الأنشطة التجارية الدولية التي يرتكز عليها اقتصاد الدول(الطاقة، الأغذية..)، مبرزا على سبيل المثال تضرر الدول التي تعتمد على الاستيراد، إلى جانب تفاقم مشكلة الهجرة.
من جهته، أبرز نائب مديرة الخزينة والمالية الخارجية المكلف بالقطب الماكرو-اقتصادي بوزارة الاقتصاد والمالية، عبد العالي الدباغ، تجربة المغرب في مواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي، في سياق موجات الجفاف غير المسبوقة التي شهدها، والندرة المائية التي أث رت بشكل مباشر على القطاع الفلاحي والزراعي.
وبالرغم من ذلك، يوضح الدباغ، أبان الاقتصاد المغربي على مستوى عال من المرونة في مواجهة هذه الأزمات، معتبرا أنها “نتيجة لعملية متواصلة لأكثر من عشر سنوات من الاستراتيجيات الاستباقية تحت قيادة صاحب الجلالة محمد السادس “، التي تم الاعتراف بها من قبل مختلف الشركاء.
وقال إنه ليس من الهين مواجهة الأزمات في غياب سياسة مالية ضريبية متينة، مسجلا أن المغرب نجح في دعم القطاعات التي تضررت وواجهت صعوبات بسبب أزمات الجفاف والتضخم، ووضع ضمن أولوياته المستقبلية إصلاحات هامة تهم الاستثمار في القطاع الخاص، من خلال بلورة الميثاق الجديد للاستثمار وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار.
من جانبه، اعتبر رئيس الشراكات والتواصل مع البرلمانات والمنظمات الحكومية الدولية بمنظمة التجارة العالمية، سعيد الهاشمي، أن الاقتصاد العالمي لم يشهد انشطارا إلى قطبين ولم يعرف انقساما اقتصاديا كبيرا، داعيا إلى إعادة النظر في العولمة عوض الحديث عن “الانشطار”.
وأورد الهاشمي أن عددا من الدول استطاعت تطوير صناعات أكثر استراتيجية توفر اليوم قيمة مضافة عالية سواء في صناعة الطيران أو السيارات أو الشرائح الالكترونية أو غيرها، لافتا على سبيل المثال إلى المغرب والفيتنام، وداعيا إلى التفكير في أسواق جديدة بدل التركيز على الأسواق الرئيسية.
من جهة أخرى، أشاد الهاشمي بالعمل الذي تقوم به منظمة التجارة العالمية، مسجلا أنه على مستوى تقليص فجوة الفقر، ما بين 400 و450 مليون من الأشخاص خرجوا من وطأة الفقر وذلك بفضل تدخلات هذه المنظمة الدولية.
وفي مداخلة أخرى، شدد رئيس الشؤون الاستراتيجية والتعاون والتنمية التجارية بمجموعة “IntesaSanpaolo”، تياني جيانلوكا، على دور المؤسسات المالية في تعزيز التنمية المالية، ودورها المحوري في التنمية المستدامة والاندماج الاقتصادي في المنطقة الأورومتوسطية والخليج.
ومن المنظور اللوجستيكي، اعتبر جيانولكا، أنه كان للتجارة على مستوى دول هذه المنطقة تأثير كبير في رسم الخريطة الاقتصادية التي تربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا.
وقال إن حوض البحر الأبيض المتوسط يخلق تريليونات الدولارات من العمليات التجارية في ظل الكثافة السكانية، مسجلا أن 20 في المائة من حركة المرور تتم في هذه المنطقة، وداعيا إلى خلق برامج تنموية تمكن من الوصول إلى استثمارات وخلق شراكات بين القطاعين العام والخاص.
جدير بالذكر أن المنتدى البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، الذي احتضنت مراكش دورته التأسيسية قبل نحو سنتين، ي شكل فرصة قي مة للبرلمانيين والشركاء المؤسسيين لبرلمان البحر الأبيض المتوسط “للتفاعل مع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين من القطاعين العام والخاص، وكذلك مع الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني”.
وتركز النسخة الثانية من المنتدى على موضوعين رئيسيين، وهما: “التحول إلى الطاقة الخضراء”، و”دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في هذه العملية”.
وسيتداول المشاركون في سبل وآليات مجابهة التحديات الراهنة المرتبطة بإنتاج والوصول إلى طاقة منخفضة التكلفة ومستدامة ونظيفة في منطقتي المتوسط والخليج العربي، مع التركيز على حلول إقليمية مصممة خصيصا لدعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة والنمو الاقتصادي.