عندما تزوجت كرة القدم بأموال المخدرات

النقاش السائد هذا الأسبوع حول تورط رئيس أحد أكبر الأندية المغربية تاريخا وألقابا، في القضية التي باتت تعرف بـ”إسكوبار الصحراء”، يمكننا من الحديث عن تداخل عمل رجال المافيا وكرة القدم.

هذا النوع من العلاقات بين رجال المافيا وكرة القدم، تحيط به العديد من علامات الاستفهام على مر التاريخ، رغم أن الإرث العالمي الطويل لهذه العلاقات يظهر أنها كثيرا ما تبدأ بالربح وتنتهي بخسائر باهظة، إلا أنها علاقات متكررة ومتجددة.

بابلو إسكوبار مثالا

لا يوجد اسم زعيم عصابة معروف في التاريخ الحديث أكثر من الكولومبي بابلو إسكوبار، كونه مهندس صناعة الكوكايين في أمريكا اللاتينية وقاتلاً بلا رحمة لرجال الشرطة ولخصومه المنافسين، لاكنه في نفس الوقت كان محباً لعالم كرة القدم وشغوفا بها، وكثير منا يجهل الدور الذي لعبه إسكوبار في بزوغ نجم الكرة الكولمبية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وصولاً إلى الجيل الذهبي الذي خاض مونديال 1994، فكيف بدأت القصة؟

بابلو إسكوبار تفطن بعد تغوله في تجارة وترويج المخدرات، لحاجته إلى منفذ لفرض سطوته على كولومبيا والحفاظ على مصالحه، لذا قرر الدخول إلى عالم كرة القدم “أفيون الشعوب” لكسب شعبية واسعة والحصول على دعم شعبي أقوى.

استغل جانبا من أمواله، لوضعها في اللعبة، حيث أنشأ ملاعبا داخل أحياء بلدته الفقيرة، ومنح الفرص للمواهب الصغيرة حتى تمارس رياضتها المفضلة، تلك المواهب التي أصبحت بعد ذلك عمود منتخب كولومبيا في جيله الذهبي.

وكانت المبالغ التي أنفقها أسكوبار على الكرة تهدف لغسيل أموال تجارة المخدرات، إلى أنها ساهمت بشكل كبير في تحويلها من طابع الهواة لشكل احترافي باستقدام لاعبين وأسماء كبيرة، مما أدى في النهاية بالفريق الذي كان يرئسه بابلو، أتلتيكو ناسيونال للظفر  عام 1989 بكأس ليبرتادوريس، ويصبح أول ناد كولومبي يحقق هذا الإنجاز.

وهوة ما أثر إيجابا على المنتخب الكولومبي، حيث لم يخسر إلا لقاءا واحدا من أصل 34 في تلك الفترة، ونجح في التأهل لنهائيات كأس العالم، البطولة التي لم يشاهدها بابلو بعد مقتله من طرف الشرطة الكولومبية في دجنبر 1993.

وجاءت وفاة إسكوبار لتشكل بداية إنهيار فريق أتليتيكو ناسيونال والكرة الكولومبية، فالمنتخب ودع كأس العالم من الدور الأول وسط أجواء من الرعب بعد الواقعة الشهيرة لمقتل المدافع أندريس إسكوبار على يد تنظيمات أخرى كانت منافسة لبابلو، كما أن باراباس جوميز، لاعب آخر في صفوف المنتخب، تلقى هو وأخوه هيرنان، مساعد المدرب، تهديدات بالقتل، الأمر الذي جعل اللاعبين يفضلون الابتعاد عن صفوف المنتخب الكولومبي.

الصعود الصاروخي تلاه نزول يشبهه…