يحل الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق المرأة، هذه السنة بالمغرب، وسط دوامة نقاشات يطبعها الشد والجذب وتخالف الرؤى بشأن تعديل مدونة الأسرة، وحقوق المرأة في قضايا الإرث والملكية، وإصلاح القانون الجنائي.
8 مارس في كل سنة، يشكل محطة مهمة في مسار المرأة المغربية، حيث تقف الهيئات والمنظمات الحقوقية النسائية، على الوعود الذي تقدمت بها الحكومة من خلالها برنامجها الحكومي، وأيضا على ماذا تحقق خلال سنة لتحسين وضعية المرأة.
فهل تمكنت المرأة المغربية من انتزاع حقوقها وسط المجتمع “الذكوري” الذي نعيشه؟ وهل تحسنت وضعيتها في حكومة عزيز أخنوش؟ وهل وفت الحكومة بوعودها الانتخابية للمرأة؟
سعاد بوسيف رئيسة المنظمة النسائية للعدالة والتنمية، ترى أن “النقاش القائم حول مدونة الأسرة وقضايا الإرث وغيرها يجب أن يكون مؤطرا بالمرجعية الإسلامية، لأنها مرجعية الدولة والمجتمع، وفي احترام تام للثوابت الدستورية الجامعة والخطب الملكية التي تؤكد على احترام النصوص القطعية والثوابت الشرعية والانفتاح على الاجتهاد الخلاق لمعالجة الاختلالات ومراجعة بعض البنود التي انحرفت عن مقاصدها وذلك في إطار مقاصد الشريعة، وخصوصيات المجتمع المغربي مع إشراك جميع الفعاليات والمؤسسات المعنية”.
وقالت بوسيف في تصريح خصت به “الأول”، إن “المنظمة النسائية للعدالة والتنمية تتصدى لكل الدعوات التي تستهدف الأدوار الحضارية للمرأة، والتي ترمي إلى تمزيق النسيج العلائقي للمجتمع من خلال الحديث عن المساواة في الإرث، وهو المؤطر بنص قرآني قطعي ولايمكن أن يكون محط تعديل أو مراجعة”.
من جهة أخرى أعربت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات حنان رحاب، عن انفتاحها على كل الأليات التي يمكن أن تسمح بنقاش هادئ وصحي وعلمي، والأليات التي لا تفضي إلى انقسامات مجتمعية على أساس قراءات مغلوطة لسؤال الهوية، والتي تم الحسم فيها دستوريا، والآليات التي تستوعب الجميع، وتمنع تجييش الشارع.
وشددت رحاب في تصريحها لـ”الأول”، على أن “الفترة الحالية تحتاج للتلاحم وتجسيد مفردات الوحدة الوطنية، لذلك إذا جنحت كل القوى السياسية لصوت العقل، وكان النقاش هادئا عبر حوار وطني تشرف عليه مؤسسة وطنية سواء منتخبة أو يتم وضع مشروع قانون من طرف الحكومة، ويتم التصويت عليه برلمانيا، فلا اعتراض لنا، وإذا لم يتم التوافق، فسيكون الحل هو لجنة ملكية كما وقع في 2003، وحتى خيار اللجنة الملكية منذ البداية، قد يكون خيارا مختصرا للوقت ومانعا من التوترات التي يحاول البعض الدفع في اتجاهها”.
وضعية المرأة في الحكومة الحالية
وضعية المرأة المغربية لم تتحسن في حكومة أخنوش، تضيف سعاد بوسيف، وهذا الأمر يعكسه منسوب التذمر في وسائل التواصل الاجتماعي وتؤكده المندوبية السامية للتخطيط، ضمن مذكرة لها حيث إن معدل الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال الـ 12 شهرا السابقة، في الفصل الثالث من سنة 2022، بلغ 81,5 في المائة”.
وأضافت المتحدثه نفسها أن “معظم الأسر تعيلها نساء حسب نفس المذكرة، كما أن 99,1 في المائة من الأسر صرحت بأن أسعار المواد الغذائية قد عرفت ارتفاعا خلال الـ 12 شهرا الأخيرة. أما بخصوص تطور أسعار المواد الغذائية خلال الـ 12 شهرا المقبلة، فتتوقع 76,4 في المائة من الأسر استمرارها في الارتفاع؛ ثم إن الحكومة لم تقدم أي سياسة أو إجراءات جديدة موجهة للمرأة”.
حنان رحاب ترى أن “قضية المرأة والأسرة والطفل لا تقل أهمية عن القضايا الأخرى، بل أكثر من ذلك. فواقع الغلاء يمكن تجاوزه إذا قامت الحكومة وباقي المتدخلين بمسؤولياتهم، لأن النصوص المرجعية المؤطرة لمحاربة الاحتكار والمضاربة موجودة، تحتاج لتفعيلها فقط، كما أن الحكومة لها خيارات متعددة للتدخل وحماية القدرة الشرائية، بخلاف قضية المدونة لأن المشكل موجود في النص ذاته، وبالتالي تضيع مجموعة من الحقوق لأن القضاة ملزمون بتطبيق ما يوجد في النص”.
وأبرزت رحاب أن “الأزمات الاقتصادية لها انعكاس على النساء بسبب الكثير من القيود القانونية التي تحرمهن من الاستفادة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية”.
وأضافت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات أنها “لا ترى أي تعارض بين الأمرين، وستترافع عن إصلاح المدونة، وفي الوقت نفسه ستناضل من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين، لا تفاضل بين الأمرين، والنضال من أجل الأولى ليس عائقا للنضال من أجل الثانية”.
الوعود الحكومية
وأكدت بوسيف أن “مرحلة الحكومة الحالية عنوانها هو غياب سياسة منصفة للمرأة وللأسرة وللفئات الهشة، حيث بقيت عدة وعود مجرد حبر على ورق، من بينها رفع نسبة النشاط في سوق الشغل لدى النساء من 20 الى 30٪ حيث يبقى هذا الهدف بعيد المنال وغير واقعي أصلا إذا ما نظرنا لعدد فرص الشغل المحدثة”.
واستطردت رئيسة المنظمة النسائية على أن “الحكومة التي يترأسها عزيز أخنوش لم تف لحد الآن بوعدها بخصوص تعهدها بإحداث منحة عن الولادة لفائدة الأسر المعوزة قدرها 2000 درهم عند ولادة الطفل الاول و1000 درهم عند الطفل الثاني”.
وخلصت سعاد بوسيف رئيسة المنظمة النسائية للعدالة والتنمية، إلى أن “الحكومة قامت بانتقائية عشوائية وغير مفهومة بالتكفل ب 4 مليون أسرة فقط، من ضمن 7،72 مليون أسرة التي كانت تستفيد في السابق من نظام المساعدة الطبية “راميد”، وحولتها إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو ما يعني أن أكثر من 3 مليون أسرة واغلبهم من النساء بقيت خارج نظام التغطية الصحية وفي منزلة غير واضحة وهو ما يطرح إشكالا حقيقيا وسؤالا كبيرا بخصوص صحة المرأة”.
من جهتها عبرت رحاب عن قلقها من تردي القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين بفعل تنامي موجة الغلاء، معبرة عن أسفها من ردود فعل الحكومة الحالية، المتسمة بالتفرج على معاناة المواطنات والمواطنين، وإنتاج خطابات تبريرية غير مقنعة، محذرة من تبعات استمرار سياسات التجاهل على الأمن الاجتماعي.
وشددت رحاب على أن “الحكومة الحالية مازلت عاجزة على تطبيق التزاماتها الاجتماعية والقانونية تجاه النساء المغربيات، الأمر الذي يظهر جليا من عجز التحالف الحكومي على الجلوس إلى النقاش حول موضوع أصبح اليوم خاضعا لسلطة النقاش العمومي كمدونة الأسرة ناهيك عن التصريحات المتناقضة بين حزبي الأحرار والأصالة والمعاصرة في هذا الباب
في سياق متصل قالت بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن “دستور 2011 جاء متقدما على الواقع الحالي للمغربيات، وعلى الرغم من اقتحام المرأة لمجالات كانت حكرا على الرجل فقط، فإن المرأة المغربية ما زالت تعاني من الإقصاء والتهميش خاصة المرأة القروية”.
وأكدت رئيسة الجمعية أن “الحكومة الحالية قد فشلت إلى حد ما في الوفاء بإلتزاماتها وعدم قدرتها على تسطير برامج و بدائل جديدة تقطع سوء التدبير والسياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تخص المرأة بالذات”.
وتحتفل المرأة المغربية، كغيرها من نساء العالم باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس من كل سنة، ففي مثل اليوم 8 مارس 1857 خرجت آلاف العاملات بقطاع النسيج والخياطة ونظمن مظاهرة حاشدة بمدينة نيويورك الأمريكية للمطالبة بتحسين الأجور زيادة على المطالبة بتحسين ظروف العمل لدى النساء والرجال.
إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية
استفاد أزيد من 500 شخص من خدمات قافلة طبية، نُظمت السبت بالجماعة الترابية أنكال بإقليم الح…