وضعت الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، من بين أولوياتها القطاعات الاجتماعية، وأيضاً تطوير الاقتصاد وتجاوز العقبات التي تحول دون تحقيق التنمية المستدامة عن طريق دعم المقاولات وتشجيع الاستثمار وكذلك فتح أوراش في مجال التشغيل، وبرامج اجتماعية كبرى، رافعةً شعار الدولة الاجتماعية والمخطط الاجتماعي والحوار الاجتماعي؛ لكن هل استطاعت بعد مرور سنة على انطلاق عملها أن تحقق شيئاً مما تعهدت به مع المغاربة؟ أم أن الوضع العالمي المتسم بتداعيات جائحة كورونا والتقلبات الاقتصادية والمالية وأزمة الطاقة في العالم، كان لها رأي أخر وصعبت من مأموريتها.
فيما يخصّ موضوع التشغيل، قالت الحكومة إنها ستعمل خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2026، على إحداث ما لا يقل عن 250 ألف فرصة شغل مباشرة من خلال برنامج أوراش عامة كبرى وصغرى، كما أطلقت برنامج لدعم المبادرات الفردية وتمويل المشاريع الصغرى، مع منح نفس جديد لبرنامج “انطلاقة” وضمان استمراريته، وأيضاً، برنامجين هامين في مجال الشغل وإحداث المقاولات، من أجل التصدي للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن جائحة (كوفيد-19) من خلال خلق فرص الشغل لفائدة آلاف المواطنين.
من جهة أخرى شكلت التقلّبات الاقتصادية والمالية والطاقية، وإشكال نذرة المياه أهم ما اصطدمت به الحكومة مما جعلها تبحث عن بدائل للتخفيف من الأزمة الاجتماعية التي كانت لها انعكاسات على حياة جزء واسع من المغاربة، ومن بين ما قامت به الحكومة الإعلان عن سلسلة من حملات الدعم المالي لمجموعة من القطاعات والفئات من بينها قطاع النقل والقطاع الخاص وقطاع السياحة من الفنادق وغيرها.
فقير: لا يمكن أن نحكم على حكومة عملت في ظلّ حالة استثناء اقتصادي واجتماعي
قال المهدي فقير، الخبير الاقتصادي والمالي: “أولاً لايمكن أن نحكم على عمل الحكومة خلال هذه السنة بالذات، لأنها كانت سنة استثنائية، حيث عاشت الحكومة غموضاً حول إنجلاء جائحة كورونا وما ترتب عن ذلك من وضعية اقتصادية واجتماعية استثنائية، لكن بالرغم من ذلك قامت الحكومة بمجهودات تحسب لها من خلال مواجهة هذه التحديات عبر فتح العديد من الأوراش الكبرى وتشجيع للاستثمار ودعم المؤسسات الاقتصادية وكذلك إطلاق برامج للتشغيل مثل “أوراش” و”فرصة” بالرغم من أن هذه الأخيرة تبقى محدودة ولا تحلّ المشكل وإنما تسعى إلى التخفيف من الأزمة”.
وأضاف فقير، “يمكن القول أننا عشنا حالة استثناء اقتصادي يالنظر إلى الظرف الاقتصادي العالمي، وبالتالي فإن حكومة عزيز أخنوش ينتظرها عمل كبير وتحديات كبيرة، وهي ما بدأت عملياً في القيام به عبر إصلاح التعاقد وصندوق المقاصة وإطلاق الحوار الاجتماعي، وورش التغطية الصحية والحماية الاجتماعية”.
وتابع الفقير، “مؤخراً استطاعت الحكومة استرجاع هامش اقتصادي مهم وهو قطاع السياحة من خلال استقبال مغاربة العالم لكن الجفاف وإشكالية المياه بعثرت أوراق الحكومة من جديد، وبالتالي على الحكومة أن تعمل على استرجاع الهوامش الاقتصادية الممكنة وبعث رسائل وإشارات قوية من أجل تشجيع الاستثمار”.
بوخلفة: عن أي أوراش يتحدثون نعيش أسوء مرحلة.. إنه القهر الاجتماعي
أما بوشتى بوخلفة نائب الأمين العام لنقابة الكونفدرالية للشغل، فكان له رأي أخر، حيث اعتبر أن “ما نعيشه من وضع اقتصادي واجتماعي خصوصاً، تداعياته على الطبقة العاملة صعب جداً، وأسطر على جداً، في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية التي أصبحت لا توازي الأجور، وهذا ما يمكن وصفه بالقهر الاجتماعي، فالعامل لم يعد باستطاعته مسايرة هذا الوضع المأزوم، اقتصادياً واجتماعياً”.
وقال بوخلفة: “هناك تدمر كبير في أوساط العمال، وغياب الأمن الاجتماعي، بحيث لم يعد العامل يستطيع تأمين العيش الكريم له ولأسرته وعائلته المسؤول عنها”.
مضيفاً، “لا يمكن الحديث عن مشاريع مثل أوراش أو فرصة كأنها مشاريع باستطاعتها حلّ أزمة التشغيل لكونها غير دائمة وغير مستقرة، والهدف منها بالنسبة للحكومة فقط عرض الأرقام، كيف يمكننا أن أن نصف أوراش عمر العمل فيها 6 أشهر أو أقل بأنها عمل.. أين هي الاستمرارية والاستدامة؟”.
وتابع ذات المتحدث، “يمكنني أن أقول وأتحمل مسؤوليتي أن هناك لوبي يتحكم حتى في هذه المقاولات الصغرى، في المقابل هناك إجهاز على حقوق العمال من خلال تسريح الألاف منهم وتشريدهم وطردهم من العمل، وفي القطاع الخاص، هناك أمثلة عديدة على ذلك، بالإضافة إلى عدم التصريح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي من طرف بعض أرباب العمل.. إن كل هذه المشاكل صرحنا بها لرئيس الحكومة ووزير التشغيل خلال جولات الحوار الاجتماعي وتلقينا وعوداً كثيرة لكن من دون تطبيقها على أرض الواقع”.
وختم بوشتى بوخلفة تصريحه قائلاً: “ما وصلنا إليها من مستوى اجتماعي واقتصادي ينذر بالأزمة الحقيقية، بالفعل إننا نعيش أسوء مرحلة، وهذه ليست نظرة سوداوية بل الحقيقة”.
ضرضور: “أوراش” كان برنامجاً في غير محله وأرقام الحكومة لا تعكس حقيقة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية
من جهته أوضح، يونس ضرضور ناشط مدني، عضو حركة الشباب الجهوية لجمعيات الأحياء، التي تشتغل في مجال الاقتصاد التضامني الاجتماعي وتشجيع تشغيل الشباب وتتبع وتقييم السياسات العمومية الخاصة بالتشغيل: “بشكل عام الأرقام التي يتم التصريح بها رسميا في ما يتعلق بخلق فرص الشغل لا تعكس حقيقة الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للشباب. فيما يخص بعض البرامج التي أطلقتها الحكومة لإنعاش التشغيل بالنسبة للشباب على سبيل المثال برنامج “فرصة” والذي يتضح أن عدد المستفيدين منه (10000) قليل جدا مقارنة مع عدد الطلبات المقدمة بالإضافة إلى ضعف التمويل المالي الذي ينحصر في 100000 درهم كقرض شرف للمستفيدين”.
وقال ضرضور، “بالإضافة إلى غياب التواصل حول عملية المواكبة التقنية التي يتلقاها المستفيدون بعد مرحلة الإنتقاء، مثل ما تم الترويج له عند انطلاق البرنامج”.
وأفاد ذات المتحدث، “أما الحديث عن برنامج أوراش الذي أطلق بشراكة مع الجمعيات المحلية فنعتبره دون محله سواء من حيث الحاملين أي المجالس المنتخبة التي تفتقر لرؤية واضحة للأولويات التنموية التي يحتاجها المجال والتي يمكن أن تندرج فيها الاوراش او المشاريع المقترحة بالإضافة لغياب أليات المتابعة لهذه المشاريع، وكذلك إلباس الجمعيات لأدوار بعيدة عنها كل البعد كتكليفها بمهمة متابعة الأوراش، تشغيل العمال، المواكبة التقنية واللوجيستيكية لهم في غياب تكوين وتأهيل لهذه الأدوار فلم نسمع من قبل جمعيات تتبع مشاريع كالبستنة أو الترميم أو خدمات الصيانة، النظافة وغيرها…..، زيادة على ضعف التمكين المالي واللوجيستيكي لهذه الجمعيات وقصر مدة إنجاز المشروع (4 أشهر تقريبا) لهذا لايمكن التكهن بأن هذه المشاريع سوف تجيب عن حاجة الشباب للتشغيل ولا تحقيق مستوى متقدم من التنمية المجالية، مما يستدعي متابعة تنزيل هذه المشاريع بمؤشرات قياس الإنجاز وأثرها على الساكنة والمجال أولا ثم الجمعيات الحاملة والعمال المستفيدين منها”.
ملف “إيسكوبار الصحراء”.. النيابة العامة تردّ على طلبات الدفاع بخصوص استدعاء أحمد أحمد ومسؤولين في البرلمان
في أول ردّ لها على طلبات دفاع المتهمين في ملف مابات يعرف بأسكوبار الصحراء، المعتقل على خلف…