أعلنت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، في تقرير أصدرته بشأن وضعية الأمازيغية بعد مرور 11 سنة على دسترتها لغة رسمية للدولة عن مجموعة من الملاحظات التي اعتبرتها ضرورية من أجل النهوض بالمسئلة الأمازيغية في ظلّ التعثرات التي تواجهها.

ومن أهمّ الملاحظات التي سجلتها الفدرالية في تقريرها الذي إطلع عليه “الأول” أن “إحقاق الحقوق يمرّ، من جهة عبر التفاعل الجيد والإيجابي غير السياسوي مع القوانين المؤطرة للأمازيغية، ومن جهة ثانية عبر الانطلاق من مبادئ المساواة بين جميع المغاربة في الحقوق والواجبات واستفادة الجميع من المكتسبات المعرفية بفرص متساوية، واعتبار الدولة أول من عليه القيام بواجب احترام الحقوق قبل المطالبة بالواجبات والنظر إلى أن الحد الأدنى المقرر لحماية اللغة الأمازيغية يستدعي تمييزا إيجابيا يضمن حمايتها والنهوض بها دون أية رؤية عنصرية”.

وجددت الفدرالية في تقريرها الدعوة للحكومة، بـ”احترام قواعد الحكامة والديمقراطية التشاركية، ونحثها على أن تتعامل مع جميع المغاربة بشكل متساو في الحقوق والواجبات؛ وهذا ما يحتم على سياساتها العمومية عدم تكريس التمييز بين اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، من حيث بناء الاستراتيجيات اللازمة لحمايتهما والنهوض بهما”.

كما ذكرت، “أصحاب القرار السياسي والتشريعي، بأن من الحقوق الأساسية للمواطن المغربي الاستفادة من حقوقهم التاريخية في الأرض ، والمجال، كما والإستفادة ايضا من المعارف العلمية والروحية والأدبية والفنية والفلسفية بالأمازيغية ومحاربة الأمية بها، وهذا يتطلب مأسسة وتأهيل الأمازيغية وتوفير الوسائل الحديثة للإعلام والتواصل من أجل تمكين الإنسان المغربي من التمتع بها؛ وأن من واجب الدولة قبل مطالبة المواطن المغربي بالقيام بواجباته أن توفر له الظروف اللازمة لموضعة كفاءاته بالأمازيغية للاشتغال بها وتطويرها وجعلها أحد المعابر الأساسية لقيامه بواجباته”.

وجددت المطالبة بـ”إدراج اللغة الأمازيغية الرسمية في مختلف قطاعات الحياة العامة نظرة شمولية تراعي تعديل كل التشريعات المكرسة للميز، سواء في التعليم أو الإعلام أو الإدارة، أو منظومة العدالة أو غيرها من المجالات، واعتبار الأمازيغية غير منفصلة عن منظومة قيمها الثقافية المرسخة للعدل والمساواة والكرامة، والتي تعدّ رافعة أساسية لإنجاح الانتقال نحو الديمقراطية في بلادنا، مما يجعلها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام ولا تنفصل عنه.

 

وجاء في التقرير أنه: “بتاريخ 1/7/2022 ، ستكون مرت 11 سنة على الإقرار الدستوري بكون اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة بدستور 2011، واعتبارها «رصيدا مشتركا لجميع المغاربة» دون استثناء”.

في هذا السياق، حسب التقرير، ” وتقييما لوضع الأمازيغية بالمغرب، ترى الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، انه رغم الإقرار الدستوري المذكور، فانه فرض على الأمازيغية انتظار ولايتين حكوميتين لتمرير القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وانتظار مدة ثمانية اشهر من الولاية الحكومية الحالية، لفتح الأوراش التنفيدية ذات الصلة برسمية اللغة الأمازيغية، وتلك الخاصة بالقانونين التنظيميين المذكورين”.

وأوضح التقرير أنه “ورغم هذه الرحلة التشريعية الشاقة داخل دواليب الدولة، والمسار النضالي الطويل للمجتمع المدني الأمازيغي ، فإن راصد واقع الوضع اللغوي والثقافي للأمازيغية بالمغرب يلاحظ بالكثير من القلق تواتر تدهور وضع مأسسة الأمازيغية في السياسات العمومية والعامة للدولة المغربية. بل ويمكن القول بوجود مسلسل يتنامى بإضطراد لقرارات، فردية أو شخصية أو شبه مؤسساتية، تتجه نحو تعزيز واقع الهشاشة التي تعيشها اللغة والثقافة الأمازيغيتان، اما بالمزيد من التهميش او باعتماد قرارات سياسية وتشريعية تفتقد للجودة والحكامة والمسؤولية، ويتضح ذلك على سبيل المثال مما يلي، استمرار التأخير في هيكلة المدلس الوطني للغات والثقافة المغربية، بالرغم من صدور ونشر قانونه التنظيمي بالجريدة الرسمية منذ 30/3/2020″.

وعلى مستوى وضع الأمازيغية بمنظومة التربية والتكوين، سجل التقرير أن استمرار مسلسل التمطيط في تعميم تدريس الأمازيغية بالتعليم الأولي وادماجها بالتعليم الإعدادي ووضع مخطط ادماجها بالتعليم الثانوي، ونحن على بعد سنتين فقط على انتهاء الأجل المقرر لتفعيل المادة 4 من القانون التنظيمي للأمازيغية، ومواصلة الحكومة لمنهجية تلكؤ الوزارة الوصية في اعتماد مرجعيات قانونية وادارية واضحة، تمكن من القطع مع التعسفات التي تطال وضعية مدرس اللغة الأمازيغية، رغم وعدها، فلا زالت الوزارة الوصية تواصل صمتها ازاء خلق خلية تدريس الأمازيغية بالوزارة تكون مهمتها اقتراح وتتبع ومرافقة ملف تدريس الأمازيغية، وتراجع الوزارة الوصية، على اعتبار اللغة الأمازيغية لغة حية، تستلزم مقاربة علمية بيداغوجية وديداكتيكية، ومحاولة تهريبها إلى سجن التواصل الشفوي اللهجي، وذلك من خلال الفعل الاستشاري للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي”.

وأضاف التقرير في نفس السياق، “نهج سياسة التمييز ضد مدرسي الأمازيغية، وتجميد التكوينات الديداكتيكية وتكليفات مدرسيها، وتعميم تدريسها (الذي كان يفترض أن يتم في 2012!)، مما يدل على وجود تهديد فعلي لمنطوق الدستور ومكتسباته، وترويج الحكومة لأرقام وهمية غير واقعية وغير موجودة، في عدد التلاميذ الذين يدرسون الأمازيغية، (سبق للحكومتين السابقتين الترويج لها)، واستمرار استئصال تدريس الأمازيغية للمغاربة المقيمين بالخارج”.

أما على مستوى وضع الأمازيغية بالإعلام العمومي، فانه “إذا كانت الإذاعة الأمازيغية قد حققت تعميم البث بالأمازيغية على مدى 24 ساعة، فإنها بالمقابل ما زالت تتحرك بمنطق إذاعة اللهجات. حيث تتجنب الانخراط في سيرورة التقعيد والتحاق اللغة الأمازيغية بالمعرفة العلمية وتطوير التعابير الأدبية والفنية ومحاربة الأمية والتحسيس بقضايا الوطن واشتغال مرافقه ومؤسساته باللغة الأمازيغية. ونفس المنحى تنحوه التلفزة وبالأخص القناة الثامنة التي من جهة تم تعطيل تنفيذ مقررات دفتر التحملات القاضي بإضافة ساعتين كل سنة لفترة البث، مند 2012 ، ومن جهة ثانية يلاحظ ان هذه الأخيرة لم تنخرط إلا في المقاربة التلهيجية والفلكلورية، والبحث عن ما يشبه المجانية في الإنتاج والتعابير الفنية، بواسطة الدبلجة والترجمة حيث لا يتمتع الانتاج التلفزي الأمازيغي إلا بإمكانيات بشرية ومادية ضئيلة مقارنة بالإنتاج العربي”.

وعلى مستوى الإدارات العمومية، يقول التقرير، “فانه بالرغم مما جاء بالتصريح الحكومي للحكومة الأخيرة ، من اعتماد مليار درهم خلال الخمس سنوات المقبلة لدعم الأمازيغية بالادارة العمومية، ومأسسة الجهاز المكلف بتتبع هذه الميزانية وتنفيدها وتقييمها، فانه يلاحظ ان الحكومة تجاهلت التزامها بمأسسة هذا الجهاز ببنية وطنية وجهوية، ولم تتحفنا في هدا الموضوع الا ببعض الروتوشات بالهوية البصرية لبعض المؤسسات العمومية، كما هو الشأن بقرار وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة(16/4/2022) الموجهً إلى الوزراء والمندوبين السامين لدمج اللغة الأمازيغية في الإدارات العامة ! ، وهو قرار لم يرى النور بعد على ارض ، وفي هدا السياق يلاحظ ان الوزارة المهنية لا زالت لم تفكر بعد في الاستفادة من أطر الحركة الأمازيغية وخبرائها قصد تسهيل قضاء حاجيات المرتفقين بأقل المتاعب وأيسر السبل وتحول. إذ لم تدشن بعد حملات وطنية من أجل التكوين والتكوين المستمر لهذه الأطر. حيث ما زال الناطق(ة) بالأمازيغية يشعر بغرابة الإدارة عن لسانه ووضعيته الثقافية”.

وأضاف التقرير إلى أنه “‘باستثناء ما دأبت عليه وزارة الثقافة من اهتمام نسبي بالموروث المادي (تحت طلب المؤسسات العلمية الأجنبية)، ورغم المحاولات الخجولة والمتمثلة في إدراج الأمازيغية في بعض الجوائز الوطنية، فما زال التخطيط الممنهج للنهوض بالأمازيغية بعيدا عن نظر وزارة الثقافة”.

التعليقات على تقرير حول وضعية الأمازيغية بعد مرور 11 سنة على دسترتها.. “حماية اللغة الأمازيغية تستدعي تمييزاً إيجابياً يضمن النهوض بها دون أية رؤية عنصرية” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

تطورات مثيرة في قضية الناصيري وبعيوي.. إضافة تهمة “الاتجار بعملات أجنبية” إلى باقي التهم

في تطورات مثيرة تخصّ ملف سعيد الناصيري الرئيس السابق لفريق الوداد البيضاوي، وعبد النبي بعي…