بمجرد أن أطلقت وزارة الشباب والثقافة والتواصل ورش إصلاح الإطار القانوني المؤطر لعمل المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، من خلال طرح مشروع قانون رقم 19-25 المتعلق بالمكتب المذكور، حتى تعالت أصوات رافضة لهذا الإصلاح، معتبرةً أنه “تدخّل” في عمل المكتب ومحاولةً لـ”وضع اليدّ على تسييره وتدبيره”؛ هذه الأصوات التي اعتبرها وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد “جيوباً للمقاومة” هي المستفيدة من الوضع الحالي والتي تقوم “بدور سلبي” ضدّ تطور العمل الثقافي.
وبالنظر إلى التطورات الحاصلة في المجال الفني، وصعود جيل جديد من الفنانين في مختلف الأنواع الفنية، والتي أصبحت تتصدر قوائم الأكثر تداولاً وسط المغاربة وخصوصاً من الشباب، يرى العديد أنه قد أصبح من الضروري، تغيير عمل المكتب الذي من دوره الأساسي حماية حقوقهم وتوزيع المداخيل وعائدات أعمالهم الفنية بشكل عادل على من يستحقون عوض أن يستفيد مجموعة قليلة من الفنانين من الجيل السابق والرواد أو مجموعة من النقابيين في المجال الفني من هذه المداخيل.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”الأول” أن المكتب ظلّ منذ سنوات يشتغل خارج رقابة الوزارة والدولة، وسط دائرة ضيقة من المستفيدين، الذين يحاولون اليوم الحفاظ على مصالحهم، عبر الوقوف في وجه الإصلاحات التي تروم إلى تغيير وجه المكتب ليصبح أكثر شفافية ووضوح ويضمن لمن يستحق من الفنانين الشباب حقوقهم .
ذات المصادر أوضحت أن مداخيل المكتب تصل سنوياً إلى 190 مليون درهم سنوياً، تتوزع بين مبالغ مالية تؤديها الإذاعات الخاصة والعمومية والتلفزيون وغيرها من الوسائط التي تذيع الإبداعات الفنية، وأيضاً عائدات أخرى تأتي من بيع المنتجات التي يمكن من خلالها تزوير المواد الإبداعية التي تباع في السوق.
وتابعت المصادر، كل هذه العائدات، يتمّ صرفها خارج أي مراقبة، سواءً على تسيير المكتب والعاملين به، أو توزيع العائدات على الفنانين، فبالرجوع إلى لائحة الفنانين الذين يستفدون سنوياً من هذه العائدات نجد أسماء من الرواد الذين لم يعد هناك إقبال على إنتاجاتهم الفنية مثل السابق مثل عبد الوهاب الدكالي، سي مهدي، دون بيغ، نعمان الحلو، وغيرهم من الأسماء التي تتردد لسنوات، من دون الإفصاح عن المعايير التي يتم بها توزيع هذه المداخيل، سوى أنهم ينتمون إلى نقابات مهنية وقريبون من مديرة المكتب، دلال المحمدي العلوي، وبعض المسؤولين.
وكشفت المصادر أن هناك بين هؤلاء الفنانين الذين يستفيدون من مبلغ يتراوح بين 40و30 مليون سنتيم سنوياً، فيما هناك فنانون أخرون شباب وتحتل إصداراتهم الفنية القوائم العربية والدولية، كما انها تجد إقبالاً كبيراً من طرف أغلب المغاربة، لكنهم غير موجودين في لائحة المستفيدين بالنسبة للمكتب، وهو ما يطرح سؤالاً عريضاً، إلى متى سيستمر هذا التسيب في غياب تدخل السلطات الوصية لتصحيح المسار؟.
وأوضحت مصادرنا أن مشروع القانون موضوع الجدل الحاصل، والمتعلق بإصلاح المكتب المغربي لحماية حقوق المؤلف، يتضمن مجموعة من الإجراءات التي من شأنها إرجاع الأمور إلى نصابها، من بينها إحداث مجلس إدارة مكون من مهنيين وخبراء وممثلين للفنانين، وأيضاً مجلس للتتبع والتوجيه هدفه مراقبة المجلس الأول، ووضع مجموعة من المعايير الواضحة من أجل الاستفادة من المداخيل بما يضمن المساواة والشفافية والحكامة، بالإضافة إلى تطوير عمل المجلس من خلال الرقمنة، وإحداث منصب محاسب عام من أجل تتبع صرف ميزانية المكتب.
ويجري صراع حاد بين الحرس القديم الذي يستحوذ على مداخيل المكتب من “المحظوظين” الذين لا يرغبون في إفلات تدبير وتسيير المكتب من بين أيديهم لطالما الطريق الحالية تضمن لهم عائدات مالية مهمة، وبين جيل جديد من الفنانين الشباب الذين وجدوا أنفسهم أكثر عطاءً على المستوى الإبداعي وحضوراً على المنصات الرقمية والإذاعية في السنوات الأخيرة لكنهم مستبعدين تماماً من الإستفادة من عائدات المكتب.
وبالنسبة للوزير المهدي بنسعيد الذي يقود عملية إصلاح المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في شقه القانوني، لم يخفي إستيائه من “جيوب المقاومة” الذين يقفون في وجهه، حيث وصف سلوكهم هذا، أمام البرلمان أمس الإثنين، بكونه ناتج عن “حسابات سياسوية”، ولم يخف أن هناك “بعض الجمعيات والنقابات تلعب دوراً سلبياً ضد العمل الثقافي في بلادنا”.
بنسعيد قدم خلال حضوره لجلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب أمس، في ردوده على أسئلة البرلمانين مجموعة من التوضيحات التي تخص أسباب تقديم القانون 25.19 الذي يهدف لإدخال إصلاحات جذرية على المكتب المغربي لحقوق المؤلف وكذا بعض التوضيحات حول ما يقع من محاولات لإفشال تقدمه، إن “استمرار نفس الإطار القانوني للمكتب المغربي لحقوق المؤلف يمنعه من مسايرة التطورات التي يرغب فيها كل الفاعليين الثقافيين ولا يرقى لحجم إنتظارات الحكومة التي تعمل على ترسيخ مفهوم التصنيع الثقافي المبني على الشفافية والحكامة والمساواة التامة والاستحقاق في توزيع المداخيل على الفنانين وهو الأمر الذي يغيب اليوم وذلك ما تمّ ذكره في تقارير المحلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية”.
وأضاف بنسعيد، إن “طريقة تدبير المكتب لمهامه والإطار القانوني الحالي يجعل عددا من المؤسسات ترفض أداء المبالغ المستحقة للفنانين لأنها تخشى ألاّ تذهب هذه الأموال لمن يستحقها ولهذا أعادت الوزارة مشروع قانون رقم 25.19 ويتعلق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف ويهدف إلى إدخال إصلاحات جذرية على تسيير وتدبير المكتب بصفته هيئة للتدبير الجماعي وتطبيق مبدأ الحكامة الجيدة والشفافية”.
ملف “إيسكوبار الصحراء”.. النيابة العامة تردّ على طلبات الدفاع بخصوص استدعاء أحمد أحمد ومسؤولين في البرلمان
في أول ردّ لها على طلبات دفاع المتهمين في ملف مابات يعرف بأسكوبار الصحراء، المعتقل على خلف…