حكمت المحكمة أمس الأربعاء، بتأييد القرار الابتدائي، القاضي بخمس سنوات سجناً نافداً في حق الصحافي سليمان الريسوني، في جلسة امتدت لحوالي تسع ساعات، قدم فيها الدفاع كل حججه وبراهينه على براءة الصحفي من التهم الموجهة إليه، كما أن الريسوني ألقى كلمة عبارة عن “مرافعة قانونية” أمام المحكمة كان قد دوّنها على أوراق حملها معه خلال الجلسة.
جميع أطراف القضية أكدوا على أن هيئة الحكم تعاملت معهم على قدم المساواة، بل حتى دفاع الريسوني الذي لطالما اشتكى في المرحلة الابتدائية مما وصفه بـ”تغييبه”، شكر الهيئة على “سعة صدرها” واستماعها لجميع المرافعات والحفاظ على الحقّ في الدفاع.
وتوالت المرافعات فبعد أن انتهى المحامي محمد المسعودي من تقديم أدلته على براءة موكله، أعقبته مرافعة المحامي أحمد داسي، وخصصها للجانب التقني من الملف، وقال “في البداية بعد أن وضع أوراقاً ووثائق على الطاولة أمامه، سيدي القاضي هذه هي الوثائق التي بنيت عليها هذه القضية والإدانة، عند انتهائي من المرافعة سترون كيف ستختفي نهائياً وسأدحَضها جميعها، وأبين للمحكمة أن متابعة هذا الرجل (مشيراً إلى الريسوني) لم تتم استناداً إلى القانون”.
وكشف المحامي، أن وثيقتين وصفهما بالمهمتين، ومفتاح براءة موكله غير موجودتين في الملف، في حين أن أثرهما موجود ولكن عندما يرغب الدفاع في الاطلاع عليهما لا يجدهما؛ الوثيقة الأولى، حسب داسي، نتيجة انتداب موجه لشركة اتصالات “إنوي” بشأن رقمين يستعملهما المطالب بالحق المدني، والثانية نتيجة خبرة تقنية على هاتف المشتكي”.
وأكد داسي في مرافعته على أن هيئة الدفاع طالبت بالاطلاع على الوثيقتين لكن هذا الطلب لم يتحقق”.
وقال المحامي، إن “في الملف توجد وثيقتين مماثلتين تخصّ هاتف ورقم هاتف سليمان الريسوني، لكن لا نجد نهائياً مثلهما بالنسبة للطرف المدني مما يحيلنا على “الهاتف اللغز”، الذي لم نجده إلى حدود هذه اللحظة، فتارةً يقول المطالب بالحق المدني عند قاضي التحقيق أنه سلمه للشرطة لإجراء الخبرة عليه، ومرةً أخرى يقول أمام المحكمة لحظة الاستماع إليه، إنه سلمه هدية لصديق له”، متسائلاً، “أليست المحادثات والمكالمات وحتتى التسجيل الصوتي، وكلها يقال أنها وسائل اثبات مزعومة صادرة من هذا الهاتف فأين هو هذا الهاتف وكيف لم تتم مصادرته والاحتفاظ به على غرار هاتف الريسوني وأين هي نتائج الخبرة التي أجريت على هذا الهاتف، كل هذه الأسئلة يجب الاجابة عليها وفي نظري يجب أن يخرج الريسوني اليوم من السجن لأنه لا أساس قانوني لاعتقاله”.
داسي لم يتوقف عند هذا الحد، بل اعتبر أن التسجيل الصوتي الذي قدمه المطالب بالحق المدني كدليل على تورط الريسوني في التهم المنسوبة إليه، ” ليس بدليل قانوني ولا يمكن اعتماده، لأنه لا توجد خبرة تقنية على الهاتف المذكور لتأكيده أو نفيه.. هذا التسجيل لا يحتوي على التاريخ والساعة التي سجل فيها كما هو معهود في جميع التسجيلات الهاتفية”.
كما فصّل في وثيقة الخبرة التقنية التي أثبتت أنه لا يوجد أي أثر رقمي بين رقم هاتف سليمان ورقم هاتف المطالب بالحق المدني، وبالتالي، لا يوجد أي دليل يدينه، وفي أخر المرافعة التمس البراءة للريسوني.
لكن المفاجأة، هي أن المحامي داسي، تقدم للمحكمة بـ”وثائق تتضمن محادثات عبارة عن رسائل مكتوبة وصوتية، تم تبادلها بين المطالب بالحق المدني وزوجة الريسوني بعد “الواقعة” ولمدة شهر تقريباً يطلب منها مساعدته في طلب الحصول على اللجوء خارج البلاد بسبب أنه مثلي”، حسب دفاع الريسوني.
بعد انتهاء المحامي داسي من مرافعته التي كان سليمان الريسوني يهزّ رأسه متفقاً مع محاميه بخصوص ملاحظاته التي أثارها أمام المحكمة، تقدم دفاع المطالب بالحق المدني، أمام هيئة الحكم من أجل التعقيب على مرافعات دفاع الريسوني، حيث طالب دفاع المطالب بالحق المدني بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق سليمان الريسوني، مع رفع التعويضات لصالح “أدم” المشتكي.
لكن المحامي محمد الطاوسي عضو دفاع الشاب “أدم” احتجّ على ماقام به دفاع الريسوني بتقديمهم لتفريغ محادثات بين موكله وزوجة الريسوني، معتبراً أنه تدخل في إطار المعطيات الخاصة وأن موكله سيحتفظ بحقه في اتخاذ الاجراءات اللازمة في وقتها.
من جهته نفى المحامي عبد الفتاح زهراش، عضو دفاع “أدم” المطالب بالحق المدني، أن يكون قد طالب برفع العقوبة في حق الريسوني، وأن لا علاقة له بالدعوى العمومية ومن طالب برفع العقوبة في حق الريسوني هي النيابة العامة وليس دفاع المطالب بالحق المدني.
ورفض زهراش وصف متابعة الريسوني بسبب “الرأي”، قائلاً لوكان متابعاً لأجل حقه في التعبير لما كنت هنا”، مطالباً بحذف جزء من مرافعة قدمها دفاع سليمان الريسوني تقول أنه متابع “بسبب افتتاحياته ومقالاته وأرائه التي كان ينتقد من خلالها مجموعة من الجهات…”. مؤكداً (زهراش) على أنه “لا يمكن أن يقبل بمتابعة صحفي مصراً على أنه “يحترم الريسوني كشخص وكصحفي.. وليست لديه خصومة معه”.
واتفق زهراش مع دفاع الريسوني في ما يتعلق بـ”التشهير”، حيث قال “نحن نرفض التشهير لأي شخص سواء للريسوني أو لغيره، ولن نقبل به أبداً”.
وبمجرد أن انتهى زهراش ومعه دفاع المطالب بالحق المدني من تقديم تعقيباته على مرافعات دفاع الريسوني، تقدم هذا الأخير نحو هيئة الحكم وهو يحمل أوراقاً دون عليها مرافعته، في البداية توجه له القاضي ليطلب منه أن يكون مركزاً وأن لا يعيد ما جاء على لسان دفاعه، وهو ما أكده له الريسوني، “قائلاً: “إذا عاودت شي حاجة ولا حسيتي في كلامي بالإطناب وقفني”، وبعد أخذ ورد بين المحكمة والدفاع، تمكن الريسوني من إلقاء كلمته الأخيرة التي كانت مطوّلة ومفصلة، ضمن فيها أجزاء من محاضر الشرطة وجلسات قاضي التحقيق وما راج أمام المحكمة، وقد وجه اتهامات مباشرة للمطالب بالحق المدني بإطلاق “الادعاءات الكاذبة”، بل قال إنه “نسب له تصريحات ووقائع وتمّ تضمينها في محاضر قضائية بدون أي دليل”.
الريسوني بدى متحمساً في كلمته، وتحدث بطلاقة أمام المحكمة عن ملفه، عن التصريحات والتناقضات والخبرة الصوتية، والتسجيل الصوتي والعيوب التي شابته سواءً شكلاً أو مضموناً. حسب رأيه.
وبعد جلسة ماراطونية امتدت لساعات طويلة، قرر القاضي رئيس الجلسة رفعها للمداولة، قبل أن يعود بعد ساعتين تقريباً ليعلن تأييد الحكم الابتدائي، وإدانة سليمان الريسوني بخمس سنوات نافدة و100 ألف درهم تعويضاً للمطالب بالحق المدني.
بنشعبون من “باريس انفرا ويك”: البنية التحتية المستدامة مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا
أكد المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، محمد بنشعبون، اليوم الاثنين بباريس، أن مجال…