قام المجلس الأعلى للحسابات بتدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية، وكذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم السنوي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها وكذا مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، وذلك برسم السنة المالية 2020.
ولاحظ المجلس في تقريره حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي لسنة 2020، أنه من أصل أربعة وثلاثين (34) حزبا، أودع ثلاثون (30) حزبا حساباتهم السنوية لدى المجلس، مقابل إثنين وثلاثين (32) حزبا خلال سنة 2019 وواحد وثلاثين (31) حزبا خلال سنة 2018، وتخلف عن القيام بذلك كل من الحزب المغربي الحر وحزب العهد الديمقراطي وحزب القوات المواطنة وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
وفي المقابل، أوضح المجلس أن النفقات المصرح بصرفها من طرف الأحزاب السياسية، بلغت ما مجموعه 122,07 مليون درهم، وتتوزع بين تكاليف التسيير (72,23%)، واقتناء الأصول الثابتة (17,95,%) ومصاريف تنظيم المؤتمرات الوطنية العادية (%9,82).
كما كشف المجلس أن بعض الأحزاب لم تقدم التبريرات الكافية بخصوص الملاحظات التي وجهها إلى مسؤوليها، والتي تخص بالأساس إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة ومحتوى الحسابات السنوية المدلى بها وتقارير الخبراء المحاسبين ومدى احترام القواعد المحاسبية ومشروعية موارد ونفقات الأحزاب.
وقامت عدة أحزاب سياسية، حسب التقرير، بإرجاع جزء من الدعم الممنوح لها إلى الخزينة خلال سنتي 2020 و2021 بما مجموعه على التوالي 7,09 مليون درهم و7,34 مليون درهم، وفي المقابل سجل المجلس أن بعض الأحزاب لم تقم بإرجاع مبالغ دعم إلى الخزينة بما مجموعه 7,76 مليون درهم، تتعلق بالدعم الممنوح لها برسم استحقاقات انتخابية سابقة (اقتراع 25 نوفمبر 2011 واقتراع 4 سبتمبر 2015 واقتراع 2 أكتوبر 2015 واقتراع 7 أكتوبر 2016، وكذا برسم الدعم السنوي عن سنتي 2017 و2020). وتتوزع هذه المبالغ بين الدعم غير المستحق (1,32 مليون درهم)، والدعم غير المستعمل أو المستعمل لغير الغايات التي منح من أجلها (1,37 مليون درهم)، وأخيرا الدعم الذي لم يتم إثبات صرفه بوثائق الإثبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة (5,07 مليون درهم).
وأسفرت عملية التدقيق عن تسجيل عدة ملاحظات تتعلق بالوثائق المكونة للحسابات السنوية المقدمة من طرف الأحزاب السياسية. في هذا الصدد، لم تقدم أربعة (04) أحزاب كل الجداول المكونة لقائمة المعلومات التكميلية، المنصوص عليها في القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية رقم 1078.09 المتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، ويتعلق الأمر بكل من حزب الإصلاح والتنمية وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية والحزب الديمقراطي الوطني وحزب النهج الديمقراطي.
كما لم تقدم أربعة (04) أحزاب كل الكشوفات المتعلقة بحساباتها البنكية، ويتعلق الأمر بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية (أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2020) وحزب الخضر المغربي (الفترة الممتدة بين 8 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2020) وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية (أشهر يناير ونوفمبر وديسمبر 2020) والحزب الديمقراطي الوطني. فيما لم يقدم كل من الحزب الديمقراطي الوطني وحزب النهج الديمقراطي جردا بمستندات الإثبات المنصوص عليه في المادة 44 من القانون التنظيمي رقم 29.11 سالف الذكر.
وعلى صعيد آخر، بالرغم من كون حزب العدالة والتنمية قد قدم دعما ماليا بمبلغ 200 ألف درهم لأحد مترشحيه بمناسبة الانتخابات التشريعية الجزئية، إلا أن الجدول رقم 4 المقدم من طرفه تضمن عبارة “لاشئ” بخصوص ” الدعم الممنوح من طرف الحزب للمترشحين بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية “.
في نفس السياق، قدم حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية ضمن الوثائق المكونة لقائمة المعلومات التكميلية جدول الدائنيات دون تضمينه أي مبلغ، في حين أنه على مستوى الموازنة، يبرز الحساب رقم 346: “منخرطون وحسابات مرتبطة – مدينون” رصيدا قدره 500 ألف درهم. كما قدم جدول الديون بمبلغ إجمالي قدره 1.234.121,28 درهم، مكتفيا بملء الخانة التي تخص المبالغ في مجملها، دون توزيع مبالغ الديون حسب طبيعتها وكذا تاريخ استحقاقها.
كما أبرز التقرير أنه من أصل ثلاثين (30) حزبا الذين أدلوا بحساباتهم السنوية، سجل المجلس أن سبعة وعشرين (27) حزبا قدموا حسابات مشهود بصحتها من طرف خبير محاسب مقيد في هيئة الخبراء المحاسبين، منها خمسة وعشرون (25) حزبا أدلوا بحسابات مشهود بصحتها بدون تحفظ، وحزبان (02) قدما حسابين مشهود بصحتهما بتحفظ، ويتعلق الأمر بحزب الاستقلال وحزب الإصلاح والتنمية. كما قدم حزب واحد (01) تقرير خبير محاسب لم يراع في وضعه صيغة الإشهاد الواردة ضمن المعيار 5700 من دليل معايير التدقيق القانوني والتعاقدي والمحدد من طرف المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين بالمغرب، حيث اكتفى الخبير من خلال التقرير المقدم بالإشهاد بأن القوائم التركيبية ” تعطي صورة أمينة للوضعية المالية للحزب” عوض الإشهاد ” بأنها تكون صورة أمينة لأصول الحزب وخصومه ولوضعيته المالية وفائضه أوخصاصه “، ويتعلق الأمر بحزب الحرية والعدالة الاجتماعية. فيما قدم حزبين (02) حسابيهما السنويين دون تقديم تقرير الخبير المحاسب، ويتعلق الأمر بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية وحزب جبهة القوى الديمقراطية.
وسجل المجلس أن أحد عشر (11) حزبا، لم يقوموا بإدراج مبالغ الدعم الواجب إرجاعها إلى الخزينة على مستوى الموازنة – الخصوم بالحساب رقم 445: “الدولة – دائنة”، ويتعلق الأمر بحزب الحركة الشعبية وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية وحزب جبهة القوى الديمقراطية وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الانصاف وحزب الخضر المغربي وحزب الوحدة والديمقراطية وحزب الحرية والعدالة الاجتماعية وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية والحزب الديمقراطي الوطني.
وقام حزب الاستقلال باحتساب مبالغ مقدمة من طرف مطبعة تابعة له كهبات على مستوى محاسبته، وهو ما يخالف مبدأ الوضوح المنصوص عليه في الدليل العام للمعايير المحاسبية والمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، الذي يلزم بتقييد جميع العمليات المحاسبية في الحسابات المناسبة.
فيما قام حزبان بإدراج إعانات تخص المساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا والدعم المقدم للجريدة التابعة للحزب، على مستوى الجدول المخصص للإعانات الممنوحة للجمعيات والمؤسسات، ويتعلق الأمر على التوالي بحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.
ولم يضع حزبان (02) الجداول المكونة لقائمة المعلومات التكميلية، وفق النماذج الواردة بالقانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية والمشار إليها بالملحق رقم 2 للقرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية رقم 1078.09 سالف الذكر، ويتعلق الأمر بكل من حزب الديمقراطيين الجدد وحزب العمل.
ولم تتضمن السجلات المحاسبية لحزب الإصلاح والتنمية، حساب “الصندوق” رغم أنه قام بأداء عدة نفقات نقدا، وهو ما يخالف قاعدة الشمولية؛ فيما اكتفى حزب الوسط الاجتماعي على مستوى حساب “التمويل العمومي”، باحتساب حاصل الفرق بين مبلغ الدعم الممنوح له والمبلغ الذي قام بإرجاعه إلى الخزينة، وهو ما يخالف مبدأ الوضوح الذي يمنع أي عملية مقاصة بين المبالغ؛ كما قدم حساب “الصندوق” الذي يبرز أحيانا أرصدة دائنة.
ومن جهته قام حزب المؤتمر الوطني الاتحادي بإرجاع مبلغ دعم إلى الخزينة قدره 285.695,52 درهم بواسطة تحويل بنكي دون أن يعمد إلى تقييد أي عملية محاسبية مرتبطة بهذا الإرجاع على مستوى محاسبة الحزب مخالفا بذلك قاعدة الشمولية، كما قام بإدراج مبلغ “واجبات الانخراط ومساهمات” بجدول التمويل العمومي.
ولم يقم حزب العدالة والتنمية، خلال وضع موازنة سنة 2020، بترحيل نفس أرصدة حسابات الموازنة الختامية لسنة 2019، وهو ما يخالف قاعدة “عدم المساس بالموازنة”.
وكشف المجلس أنه لم تتم إثارة أي ملاحظة بشأن موارد الأحزاب السياسية باستثناء حزب الحركة الشعبية، إذ تضمنت موارده فوائد بنكية عن وديعة لأجل، رغم أن هذا الصنف من المداخيل لا يندرج ضمن موارد الأحزاب المحددة في المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية.
وبلغت النفقات المصرح بصرفها من طرف الأحزاب السياسية برسم سنة 2020 ما مجموعه 122,07 مليون درهم، وقد سجل المجلس ملاحظات بخصوص تنفيذ نفقات بمبلغ إجمالي قدره 1,33 مليون درهم، أي بنسبة 1,09% من مجموع النفقات المصرح بصرفها، مقابل 2,34 مليون درهم سنة 2019 و3,17 مليون درهم سنة 2018، وهو ما يعكس المجهود المستمر الذي تبذله الأحزاب السياسية بخصوص إثبات صرف النفقات.
ودعا المجلس وزارة الداخلية إلى مواصلة الجهود الرامية إلى حمل الأحزاب السياسية على إرجاع، إلى الخزينة، المبالغ غير المستحقة وغير المستعملة وتلك التي لم يتم الإدلاء بشأن صرفها بوثائق الإثبات المطلوبة برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية، وكذا المبالغ غير المستعملة برسم مساهمة الدولة في تغطية مصاريف التدبير، وعند الاقتضاء اتخاذ التدابير اللازمة في حق الأحزاب التي لم تقم بتسوية وضعيتها تجاه الخزينة.
أما فيما يخص الأحزاب السياسية المعنية فقد دعاها المجلس العمل على الإرجاع إلى الخزينة، مبالغ الدعم غير المستحقة وغير المستعملة وتلك التي لم يتم الإدلاء بشأن صرفها بوثائق الإثبات المطلوبة برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية، وكذا المبالغ غير المستعملة برسم مساهمة الدولة في تغطية مصاريف التدبير.
كما دعاها إلى الحرص على تقديم كل الوثائق المكونة للحسابات السنوية في الآجال المقررة في القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية وعلى الإشهاد بصحة الحسابات المدلى بها وفق مقتضيات القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية رقم 1078.09 المتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية ووفق المعيار 5700 من “دليل معايير التدقيق القانوني والتعاقدي” للهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين بالمغرب وذلك بهدف تحقيق مزيد من الشفافية في الحسابات المالية.