محمد سعد بويفري (و م ع)
عندما أضاءت الألعاب النارية بألوانها الجذابة كبد السماء في ليلة 31 دجنبر 2019، في تناغم تام مع الفرحة الغامرة التي غمرت ملايين الناس في مختلف بقاع العالم للاحتفال بحلول سنة 2020، لا أحد كان يتخيل السيناريو الفوضوي الذي كانت تواريه السنة المنتهية.
فقد ظهر في ووهان فيروس جديد سرعان ما تحول إلى جائحة فتاكة أجبرت سكان المعمور على تغيير أنماط عيشهم بشكل جذري وإحداث ثورة في عاداتهم على أمل كبح جماح هذه الآفة.
ثم وقع ما لم يكن في الحسبان، وتجمد العالم حرفيا طيلة عدة أشهر، واضطر أزيد من ملياري نسمة للزوم بيوتهم مخافة من انتقال العدوى.
وتستمر تداعيات هذا الحجر الصحي حتى اليوم في شكل تباعد اجتماعي وحظر للتجوال، بينما يواصل الفيروس الفتك بالأرواح.
وفي هذا السياق غير المسبوق، أقيمت احتفالات نهاية السنة، في تناقض صارخ مع الفرحة الغامرة وأجواء الاحتفالات التي كانت تسم عادة العد التنازلي التقليدي حتى منتصف الليل.
وبحلول سنة 2021، امتنعت ساكنة المعمور عن زيارة شواطئ خليج سيدني، وميدان “تايم سكوير”، وحدائق “تروكاديرو” خوفا من التهديد المستمر بحدوث ذروة جديدة للوباء.
ولا يشكل المغرب استثناء في هذا الصدد، إذ قررت الحكومة بناء على توصيات اللجنة العلمية والتقنية اتخاذ إجراءات احترازية، اعتبارا من 23 دجنبر الماضي، لمدة ثلاثة أسابيع.
وهكذا، استقبل المغاربة سنة 2021 على وقع إغلاق المطاعم أبوابها على الساعة الثامنة مساء، وحظر التجوال الذي يمتد من الساعة التاسعة مساء حتى السادسة صباحا، مما أجبر الغالبية العظمى منهم على المكوث في المنزل.
“إنه أفضل وقت في السنة لفرض حظر التجول”، تقول سارة ساخرة خلال بث مباشر على مجموعة على (فيسبوك) قرر أعضاؤها التحلي بروح المسؤولية والاحتفال عن بعد بحلول السنة الجديدة.
إن التناقض مع السنة الفارطة واضح للعيان، فحتى عندما سمح البعض لأنفسهم بالاحتفال، فإن ذلك تم في حضن العائلات، وغالبا بشكل منفصل، أو بأعداد محدودة.
وعلاوة على ذلك، يبدو واضحا أن القنوات التلفزية الوطنية حرصت بدورها على إبقاء المغاربة أمام شاشاتهم من خلال عرضها ثلة من الفنانين إبان ليلة الاحتفال بهذه المناسبة.
وفي عالم “تويتر” المغربي، كانت الأمسية مفعمة بالحيوية، ولم تخل كعادتها من “شذرات فلسفية”، وذلك على غرار ما علق به أحدهم قائلا “فرحتنا بالعد العكسي حتى منتصف الليل احتفال بانقضاء سنة 2020 وليس بحلول السنة الجديدة”.
فحتى بعد طي صفحة “السنة المروعة” التي كانت لها تداعيات مأساوية على فئات واسعة من المجتمع، لن نتمكن من محو آثارها المأساوية. وفي انتظار الخلاص الذي يلوح في الأفق في شكل لقاح منقذ للأرواح، لا مناص من مواصلة التحلي بالحيطة والحذر.