أظهرت وثيقة مسربة نشرت محتواها صحيفة “تيليغراف” البريطانية، أن الحكومة الإثيوبية حاولت إسكات المئات من مواطنيها العالقين في مراكز الاحتجاز “الجهنمية” في المملكة العربية السعودية والتستر على مزاعم الانتهاكات الجسيمة.
وحسب ذات المصدر، حذرت الوثيقة الرسمية، التي تحمل ختم القنصلية الإثيوبية في مدينة جدة، الإثيوبيين من “التداعيات القانونية” إذا استمروا في نشر الصور ومقاطع الفيديو من مراكز الاحتجاز عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وحذر البيان، المهاجرين، وطالبهم بعدم الإفصاح عن حكاياتهم حول الظروف المروعة، لأنها تسبب “محنة للعائلات والمجتمع الإثيوبي الكبير”.
ويأتي هذا بعدما كشف تحقيق صادم، أجرته صحيفة “صنداي تلغراف”، والذي تتهم فيه المملكة العربية السعودية باحتجاز مئات إن لم يكن الآلاف من المهاجرين الأفارقة في مراكز الاحتجاز، تغمرها مياه الصرف الصحي، تم تخصيصها كجزء من حملة لمحاربة انتشار فيروس “كورونا”.
وقالت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية، إن شجبا دوليا انهال على السعودية بعد التحقيق الذي كشفت فيه شقيقتها صحيفة “صندي تلغراف” عن معاملتها للمهاجرين الأفارقة، خاصة القادمين من القرن الأفريقي.
وقالت الصحيفة إن الرياض وافقت على إجراء تحقيق بعدما نشرت “صندي تلغراف” الأحد، تحقيقا، نشره “الأول”، كشف عن احتجاز آلاف المهاجرين القادمين من إثيوبيا في ظروف “جهنمية” وبدون توفير أدنى شروط العناية الصحية أو المرافق الصحية، فيما تم وضع المئات في غرف مكتظة. وهي ظروف دفعت ببعضهم للانتحار. ونشرت الصحيفة صورا للوضع المزري للمهاجرين قارنها البعض بمعسكرات العبودية.
ونشرت “ديلي تلغراف” تحقيقا به لقطات فيديو من داخل واحد من مراكز الاحتجاز وكشفت فيها عن تسرب المياه العادمة من الحمامات على أرضية منطقة ينام فيها المحتجزون ويأكلون. وقال واحد من الذين ظهروا في الفيديو: “نرجوكم، ساعدونا”، مضيفا: “شاهدوا هذا وافعلوا شيئا”.
وتعلق الصحيفة على أن التحقيق الذي نشرته يوم الأحد قاد لحملة شجب وانتقاد من منظمات حقوق الإنسان وساسة وناشطين في حركة “حياة السود مهمة”. وقالت الحكومة البريطانية إنها “قلقة جدا” فيما طالبت المعارضة بتحرك ضد السعودية.
وقالت الصحيفة إن التحقيق أثار عاصفة من النقد على طريقة معاملة المهاجرين في مراكز الاحتجاز في السعودية وتناولته وسائل الإعلام في أفريقيا والدول العربية خاصة قناة الجزيرة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش في تعليق لصحيفة “ديلي تلغراف” إن المنظمة الدولية تقوم بالتحقيق. فيما علق المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف أن المسؤولين فيها “يشعرون بقلق عميق على الصور الصادمة للمهاجرين الإثيوبيين الذين تم احتجازهم في مراكز اعتقال بالسعودية وفي ظروف غير إنسانية على ما يبدو”. وأضاف المتحدث باسم المنظمة أن مراكز الاحتجاز المكتظة وعدم توفر النظام تثير قلقا على حقوق الإنسان وربما تحولت إلى بؤر لانتشار الأمراض القاتلة.
وحددت الصحيفة الموقع الجغرافي للمراكز المهينة التي احتجز فيها المهاجرون الإثيوبيون في مجمع الشميسي على الطريق بين جدة ومكة وفي جازان. وأظهرت الصور التي أرسلها المهاجرون إلى الصحيفة أشخاصا أصابهم الهزال بسبب قلة الطعام والشراب ومستلقين نصف عراة في غرفة صغيرة بدون تهوية كافية وغير قادرين على الحركة بسبب الحر الشديد. ولم يسمح للكثير من المحتجزين بالخروج من هذه المراكز الخانقة منذ خمسة أشهر، وذلك بعد اعتقال السلطات السعودية لهم في إبريل الماضي.
ومن الصور الصادمة التي لم تنشرها الصحيفة صورة أظهرت شابا شنق نفسه من حلقة النافذة. وقرر الشاب قتل نفسه بعد يأسه من الحياة. وفي صور أخرى ظهرت الكدمات والبشرة المشوهة بسبب انتشار الأمراض الجلدية على أجسادهم ووجوههم. وقالوا إنهم يتعرضون للضرب والانتهاك المنتظم على يد حراس السجن.
وفي بيان للصحيفة، قالت السعودية وهي عضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: “الصور بالطبع، صادمة وغير مقبولة لنا كبلد”. وأضافت أنها “ستنظر في وضع المنشآت الحكومية في ضوء الاتهامات”.
وأرسلت السفارة السعودية في لندن البيان للصحيفة وجاء فيه أيضا: “لو ظهر أن المنشآت تفتقد ما تحتاجه فسيتم معالجة الوضع”.
وحاولت السعودية رمي جزء من اللوم على إثيوبيا، التي جاء منها معظم المهاجرين، وقالت السفارة: “نعتقد أن هناك حوالي 20.000 مهاجر إثيوبي عبروا الحدود إلى السعودية من اليمن ويتم التفاوض على ترحيلهم مع حكومة إثيوبيا. وللأسف، رفضت السلطات الإثيوبية دخولهم بزعم أنها لا تتوفر على مراكز الحجز الصحي عند وصولهم”.
ونفت وزيرة بارزة في الحكومة الإثيوبية أي علم للحكومة بالظروف الرهيبة التي اعتقل فيها المهاجرون. وقالت تسيون تيكلو، وزيرة الدبلوماسية الاقتصادية وشؤون المهاجرين إنهم لم يتلقوا أي تقارير عن الانتهاكات في المراكز وأنهم علموا بالوضع من خلال تقرير “ديلي تلغراف”.
وتجنبت الوزيرة إصدار بيان رسمي حول الوضع ولكنها قالت إن الحكومة الإثيوبية ستطرح الموضوع مع السلطات السعودية. ولم يرد الاتحاد الأفريقي على طلب للتعليق على ما ورد في التحقيق.
لكن الوثيقة المسربة، تثبت حسب ما أكدته الصحيفة البريطانية، أن الحكومة الإثيوبية، كانت على علم بالأوضاع داخل المراكز قبل أشهر.
فالوثيقة مؤرخة في 24 يونيو 2020 ، مما يعني أن وزارة الخارجية الإثيوبية كانت على علم بالظروف قبل شهرين على الأقل من نشر تحقيق “تلغراف”.
ويُعتقد أن وزارة الخارجية الإثيوبية تقوم بالتستر لتجنب تداعيات دبلوماسية كبيرة مع المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط ، والتي تعد مصدرًا رئيسيًا للنقد الأجنبي والاستثمار في الدولة المتواجدة في القرن الأفريقي.
حماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بتعطيل اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الرهائن
اتهمت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) إسرائيل الأربعاء بـ”وضع قضايا وشروطا جديدة تتع…