وسط حالة من التقرب، ينتظر أن تعلن المحكمة الابتدائية بالرباط، اليوم الإثنين، حكمها في قضية الصحافية هاجر الريسوني ومن معها من المعتقلين المتهمين بـ”الفساد والإجهاض والمشاركة”، بعد جلسات ماراطونية قاربت الشهر من عمر المحاكمة التي فجرت نقاشاً حقوقياً ومجتمعياً حول جدوى القوانين “المكبلة” للحريات الفردية.

الصدمة.. اعتقال صحفية وخطيبها وتنديد واسع بانتهاك حياتها الخاصة

انتشر، مساء يوم الاثنين 02 شتنبر الماضي، خبر اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، التي تبلغ من العمر 28 سنة وتشتغل في مؤسسة “أخبار اليوم” لمؤسسها توفيق بوعشرين، والذي بدوره سبق أن تمت إدانته ابتدائياً بـ12 سنة سجناً في قضية “مثيرة للجدل” تتعلق ب”الإتجار بالبشر والاعتداء الجنسي على النساء”، وخطيبها السوداني رفعت الأمين، (انتشر الخبر) كالنار في الهشيم، عن اعتقالها يوم السبت 31 غشت، مخلفاً حالة من الفضول لدى الرأي العام حول سبب الاعتقال، إلا أن بعض المنابر الإعلامية لم تتوان في الكشف عن السبب المتمثل في اتهام الريسوني والأمين بـ”الإجهاض والمشاركة” في عيادة طبيب، مع تسريب صور للحظة الاعتقال ومعطيات طبية خاصة بهاجر مما خلف موجة من الإستياء لدى نشطاء ومتتبعين، والمواطنين عموماً وشبه اجماع حول حرمة “التشهير” والمس بالحياة الخاصة.

التقارير الإعلامية التي تناقلت خبر الاعتقال ربطت بين هاجر وعمها أحمد الريسوني الإسلامي المعروف ورئيس الاتحاد العالمي للمسلمين، بالإضافة إلى أنه أحد مؤسسي حركة الإصلاح والتوحيد الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لتصفية الحسابات السياسية ضد الفصيل الإسلامي، على ظهر هاجر الريسوني.

وانطلقت حملات التضامن بشكل واسع، وتوالت البيانات والبلاغات الداعية إلى إطلاق سراحها، من منظمات حقوقية ونسائية وطنية ودولية، أهمها “أمنيستي” و”هيومن راتس وتش”، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى العصبة مغربية لحقوق الإنسان وفدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لم يتردد في إصدار بلاغ عبر فيه عن أمله لإطلاق سراح هاجر ومن معها، معتبراً أن المعركة هي معركة تغيير قوانين.

بلاغ النيابة العامة: هاجر اعتقلت بسبب “الإجهاض”

شكل بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، الذي أصدره بخصوص قضية الصحافية هاجر الريسوني، نقطة تحول في مجرى القضية على المستوى الإعلامي بعد أيام من التسريبات جاء موقف النيابة العامة مفصلاً، بالرغم من أن كانت هناك أصوات حقوقية اعتبرت ذلك “انتهاكاً لخصوصية” المتابعين في الملف.

و”أعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط بخصوص متابعة إحدى الصحافيات رفقة أشخاص آخرين، من بينهم طبيب أمام القضاء من أجل أفعال تتعلق بالإجهاض”، هكذا استهل وكيل الملك بلاغه؛ مضيفاً أن “بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي تناولت هذا الخبر، قد نشرت مجموعة من الوقائع غير الصحيحة وغيرت بعض الحقائق التي انتهى إليها البحث الذي قامت به الشرطة القضائية، من قبيل استهداف الصحافية المذكورة بسبب اشتغالها بمؤسسة صحفية معينة واعتقالها بالشارع العام ونفي الخبرة الطبية لوقوع أي عملية إجهاض”.

وتابع البلاغ “إن النيابة العامة إذ تأسف لاضطرارها لنشر هذا التوضيح في قضية تعتبر عادية وبالنسبة لوقائع محددة، كان الأجدر مناقشتها وإثباتها أو نفيها أمام المحكمة، فإنها تجد نفسها مضطرة لتقديم هذا التوضيح إيمانا منها بالحق الدستوري للمواطن في الوصول إلى المعلومة المتحصلة لحد الآن، بناء على الوثائق والمحاضر المتوفرة في ملف القضية، والتي تكتسي من الناحية القانونية قوة ثبوتية يمكن دحضها بإثبات ما يخالفها، والتي تم رفع السرية عنها بعد عرض القضية على أنظار المحكمة بشكل علني”.

وإن “اعتقال الصحافية المعنية بالأمر ليس له أي علاقة بمهنتها وأنه حدث بمحض الصدفة نتيجة لارتيادها لعيادة طبية، كانت أساسا محل مراقبة بناء على معلومات كانت قد توصلت بها الشرطة القضائية حول الممارسة الاعتيادية لعمليات الإجهاض بالعيادة المعنية، حسب البلاغ.

كما نفى أن تكون متابعة هاجر الريسوني لها “أي علاقة بمهنة الصحافة، بل تتعلق بأفعال تعتبر في نظر القانون الجنائي جرائم، وهي ممارسته الإجهاض بشكل اعتيادي وقبول الإجهاض من طرف الغير والمشاركة في ذلك والفساد طبقا للفصول 444 و 450 و 454 و 490 و 129 من القانون الجنائي”.
وسرد بلاغ النيابة العامة مجموعة من التفاصيل حول واقعة الاعتقال وأسابها وكذلك الإجراءات التي قامت بها الشرطة القضائية في إطار البحث التمهيدي، كما أكد على “قرينة البراءة” بالنسبة للمتهمين.

معارك قانونية.. النقيب بنعمرو يتقدم بمرافعة لحسم المحاكمة في بدايتها والمحكمة ترفض

اعتبر دفاع الريسوني ومن معها أن معركة الدفوع الشكلية والطلبات الأولية، حاسمة، حيث كانت لديهم رغبة قوية في حسم المحاكمة لصالح المتابعين من حيث الشكل ومن دون الدخول في الموضوع، وهو ما حاول النقيب عبد الرحمان بنعمرو أن يبينه من خلال مذكرته الكتابية التي تقدم بها إلى المحكمة.

و طالب بنعمرو ب”بطلان محضر المراسلة لأنه مبني على محاضر تعتبر كلها باطلة”.

وأوضح النقيب في مذكرته، تفاصيل مطالبته ببطلان محضر المراسلة، “أولا، بطلان محضر الانتقال والتفتيش والحجز والمعاينة والإيقاف، وهو المحضر المنجز من قبل الضابطة القضائية بتاريح 31/08/2019 على الساعة العاشرة وذلك بسبب مخالفة مقتضيات الفقرة 3 من المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية”.

وقال بنعمرو “حيث إن المتابعين في هذا الملف لم يضبطوا وهم في حالة تلبس، المحددة أنواعها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية بإرتكاب ما نسب إليهما، ولا يوجد أي نص قانوني يسمح للضابطة القضائية عند عدم توفر أحد حالات التلبس، بتفتيش المحلات المهنية سواء بإذن النيابة العامة أو بغير إذنها، والمسموح به في غير حالات التلبس هو فقط تفتيش المنازل شرط موافقة مكتوبة من صاحب المنزل وبخط يده، طبقاً للمادة 79 من قانون المسطرة الجنائية”.

وتابع بنعمرو: “ومع الفرض جدلاً توفر إحدى حالات التلبس، فتطبيقاً للمادة 59، الفقرة 3 من ذات القانون، يتعين إجراء التفتيش في أماكن مادية لاستعمال مهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة وأن يتخذ مسبقاً جميع التدابير لضمان احترام السر المهني”.

وجاء في المذكرة “حيث حسب المحتويات محضر التفتيش، فإنه لم يتم إشعار النيابة العامة المختصة من قبل عميد الشرطة، ‘ع غ” بأنه سيفتش، رفقة مساعديه، ضابط الشرطة “س ا” ، عيادة الطبيب محمد جمال بلقزيز المختص في أمراض النساء والتوليد، الأمر الذي يترتب عليه بطلان التفتيش المذكور”.

ثانياً، يقول شيخ الحقوقيين عبد الرحمان بنعمرو، “بطلان جميع المحاضر والإجراءات المتخذة أثناء التفتيش وبالتالي بطلان الطلبات المبنية والموالية لمحضر التفتيش: حيث نتج عن التفتيش المذكور إنجاز تحرير محاضر وإجراءات وطلبات موالية له والتي من بينها: طلب إجراء خبرة طبية، محضر الانتقال وعرض هاجر الريسوني على خبرة طبية، محضر الاستماع إلى الكاتبة المسماة: مريم أزلماض، محضر الاستماع إلى الطبيب محمد جمال بلقزيز، محضر الإستماع للمواطن السوداني، رفعت الأمين، ومحضر الإستماع إلى محمد بابا المكلف بالتخدير، ومحضر المواجهة”.

ويرى بنعمرو في مذكرته أنه “بحيث أن جميع المحاضر الثمانية المذكورة نتج تحريرها عقب إقامة وإنجاز محضر الانتقال والتفتيش والحجز والمعاينة والإيقاف، وبما أن هذا الأخير باطل فإن ما نتج وترتب عنه من المحاضر الثمانية المذكورة لا يمكن اعتبارها إلا باطلة بما في ذلك المحاضر المنجزة من قبل النيابة العامة”.

بطلان الشهادة الطبية

ثالثاً، حسب المذكرة “بطلان الشهادة الطبية المؤرخة في 31/08/2019 والمنجزة من قبل “البروفيسور” بركاش بالمركز الاستشفائي ابن سينا والمتعلقة بالسيدة هاجر الريسوني لعدة أسباب من بينها: “لأنها محررة بلغة أجنبية (الفرنسية) غير مرسمة دستورياً”.

وأسند بنعمرو ذلك ب”مراجع أحكام قضت ببطلان مستندات لأنها محررة بلغة أجنبية ومراجع منشورات وزارية تحث على استعمال اللغة العربية”، كما أنها “محررة من طبيب غير مسجل في جدول الخبراء القضائيين المحلفين، سواء كخبير في أمراض النساء والولادة أو كخبير في الطب العام”.

وقال بنعمرو في مذكرته “وإذا كان الطبيب أشار في صدر شهادته بأنه أدى اليمين فإنه لم يذكر متى وأين ومتى ولم يشر إلى مراجع المحضر القضائي والمتعلق بأداء اليمين؟”، مضيفا “هذا مع العلم بأنه طبقاً للفقرة الثانية من الفصل 25 من قانون المسطرة الجنائية، فإنه عند عدم وجود خبير مدرج بالجدول، يمكن بصفة استثنائية للقاضي أن يعين خبيرا لهذا النزاع، وفي هذه الحالة يجب على الخبير أن يؤدي اليمين أمام السلطة القضائية التي عيّنها القاضي لذلك، على أن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلال ما لم يعف عنه ذلك اليمين بإيقاف الأطراف”.

بطلان الخبرة الطبية

رابعاً، حسب المذكرة الترافعية التي تقدم بها بنعمرو خلال جلسة الإثنين الماضي، “بطلان تقرير الخبرة الطبية المحررة بعدد 19/6891 من طرف الدكتورة فايزة شبل لأنها، من ناحية محررة بلغة أجنبية (الفرنسية) غير مرسمة دستورياً، ومن ناحية أخرى، الطبيبة غير مسجلة بجدول الخبراء القضائيين المحلفين بالدائرة الاستىنافية بالرباط”.
وبالرغم من كل هذه الدفوعات القانونية التي تقدم بها دفاع الريسوني، إلا ان النيابة اغلعامة طالب ت برفضها متشبثةً بسلامة الإجراءات والمتابعة، ومؤكدةً حالة التلبس الذي بنت على أساسه المتابعة في حالة اعتقال للمتهمين.

وانتصرت المحكمة في الأخير لطلب النيابة العامة بخصوص رفض طلبات دفاع الصحافية هاجر الريسوني ومن معها من معتقلين، حيث أعلن القاضي عن رفضه لكل الدفوعات الشكلية التي تقدم بها الدفاع.

تزايد أعداد المتضامنين مع هاجر.. كلمتها أمام المحكمة 

 

تزاد عدد المتضامنين مع هاجر الريسوني، خصوصاً من التيار الحقوقي ومجموعة من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية ذات التوجهات اللبرالية واليسارية، حيث تجددت حملات التضامن بإطلاق عريضة عنونها أصحابها بـ”خارجة عن القانون”، من أجل تغيير القوانين المكبلة للحريات الفردية والتي توبعت بها هاجر ومن معها؛ ووصل عدد التوقيعات إلى حوالي 8000 توقيع في ظرف أيام قليلة.

كما توالت بلاغات المنظمات الحقوقية وخرجت شخصيات سياسية من اليسار والإسلاميين، تطالب بالإفراج فوراً عن هاجر الريسوني.

والمثير في هذه القضية أن سخونة الضغط الحقوقي والإعلامي لم يكن أكثر من أجواء المحاكمة داخل المحكمة الابتدائية بالرباط التي جعلت من يوم الإثنين تاريخاً أسبوعياً تشهد خلاله محاكمة هاجر الريسوني؛ وهذه المرة تكلمت هاجر لأول مرة أمام المحكمة وفي جلسة علنية عن تفاصيل ما جرى، ولم تكن هاجر بلكان معها باقي المعتقلين في الملف.

وقالت هاجر أمام المحكمة “رفضت نقلي لإجراء الفحص لكنني أرغمت عليه وكان مؤلماً”، مضيفةً أنها” لو علمت بحملها لن تجهض، بل هي ترغب في الإنجاب، وأنها لم تقم بالإجهاض نهائياً”.

هاجر تابعت كشف تفاصيل إعتقالها وظروفه، “لقد أوقفني 12 شرطيا، أنا وزوجي الأمين أمام باب العمارة التي يقع بها مقر العيادة، بعدها تم إرجاعنا إلى العيادة”.

هذا الكلام أكدته كاتبة الطبيب المعتقلة في الملف، والتي قالت إنه “بعد خروج هاجر وخطيبها بعشر دقائق عادوا إلى العيادة ومعهم رجال الشرطة، ليشرعوا في التفتيش من دون أن يأخذوا إذنا وفي غياب الطبيب”.

وأوضحت الريسوني وهي تجيب على أسئلة دفاعها والقاضي،” أنها لم تقم بالإجهاض، وأن الأمين زوجها، ولكنهما لم يستطيعا أن يباشرا مراسيم الزواج بسبب الظرف الذي كانت تعيشه دولة السودان التي ينتمي إليها رفعت الأمين”، نفس التصريحات أعاد تأكيدها الأمين، حيث قال إنه وعكس ما ورد في المحاضر يعتبر هاجر زوجته ولم يقل أنها خليلته أو ما ورد في محاضر الشرطة القضائية”.

هاجر الريسوني كشفت أن أسئلة المحققين تمحورت حول عائلتها وأعمامها، وعن علاقتها بتوفيق بوعشرين، مؤسس يومية “أخبار اليوم” التي تعمل بها”.

ونفت هاجر الريسوني أن تكون قد نقلت يوم الإثنين 2 شتنبر لإجراء فحص طبي أو تحاليل، كما أن المواجهة التي جرت بينها وبين الكاتبة تمحورت حول المبلغ الذي قدمته مقابل عملية شفط تكبد الدم فقط، عكس ما جاء في محضر الشرطة القضائية”.

الريسوني قالت إن أربعة عناصر من الشرطة الذين أوقفوها يوم السبت 31 يوليوز، كان إثنان منهما يقومان بتصويرها بواسطة كامرتين، وأكدت أنها رفضت تصويرها ولم تكن ترغب في ذلك.

من جهته الطبيب بلقزيز، المتهم الرئيسي في القضية، أكد أن العملية التي أجراها والتي دامت 15 دقيقة فقط لم تكن عملية إجهاض، بل شفط تكبد دموي، مؤكداً أن الأمر كان يستدعي ذلك، وأنه منذ 1980 تاريخ بدءه مزاولة الطب لم تسجل ضده ولا شكاية، أو ما شابه”.

الطبيب وجواباً على أسئلة الدفاع أوضح أنه تلقى اتصالا للحضور إلى العيادة بعد أن غادرها بسبب موعد سابق كان لديه، وبعد أن استفاقت هاجر من التخدير، ليتفاجأ بالشرطة في العيادة، حيث طلب منه أحد الضباط الملف الطبي لهاجر لكنه رفض لأن ذلك مخالف للقانون.

الطبيب قال إنه كان “تحث تأثير الضغط النفسي، نظراً للوضع الذي عاشه وهو يرى الشرطة في عيادته”.

مرافعة المحامية مولاي رشيد التي قلبت الموازين في القضية

في ذات الجلسة وبينما تتولى مرافعات الدفاع بعد ان انتهت المحكمة من الاستماع لجميع المتهمين في القضية، جاء الدور على المرافعة الم اقبل الأخيرة والتي أنجزتها، مريم مولاي ارشيد، محامية الطبيب المعتقل في الملف جمال بلقزيز، والتي كانت عبارة عن تحقيق علمي حول واقعت السبت 31 غشت الذي اعتقلت فيها الريسوني ومن معها بعد اتهامهم بالتلبس في “جريمة إجهاض”.

المحامية مريم مولاي رشيد انطلقت في مرافعتها، مما جاء في “الشهادة الطبية” التي أنجزها أحد الأطباء بمستشفى ابن سينا بالرباط بعد أن لجأت إليه الشرطة القضائية لمعاينة الصحافية الريسوني، وتقول المحامية إنه أشار في “شهادته” أو “الخبرة” التي أنجزها إلى أن نسبة الهرمونات “BTHCG” المسجلة في دم هاجر لحظة عرضها عليه هي 13585.9، مؤكدةً أنه منح بذلك لكل من الطبيب وباقي المتهمين دليل براءتهم من حيث لا يدري.

وتابعت المحامية مفجرةً لمفاجأة “مدوية” فعبارة عن وثيقة تضمنت “استشارة” مختبر مختص في المجال أكد أطروحتها.

وقدمت المحامية جواباً لمختبر التحليلات الطبية المتخصص في الإخصاب الأنبوبي وتجميد الحيوانات المنوية والأجنة، (جواباً) على سؤال الدفاع الذي كان كالتالي، “هل يمكن أن تعطينا معلومات حول حالة فيها نسبة هرمونات “BTHCG” بمقدار 13585.9 جزء من المائة في دم امرأة تصل المدة المفترضة لحملها إلى 8 أسابيع من إنقطاع الطمث (العادة الشهرية)؟”.

فكان جواب المختبر كالتالي “فيما يخص الحالة الراهنة يبدو أن نسبة بمقدار 13585.9 جزء من المائة في الدم، هي نسبة جد منخفضة، بالمقارنة مع النسب الاعتيادية التي ينبغي أن تقارب 90 ألف جزء من المائة، ويستدعي ذلك الانتباه إلى إمكانية أن تكون الحالة إما تعرضت إلى إنهاء حمل تلقائي (fausse couche)، أو أنها في طور ذلك”.

لم تتوقف مريم مولاي ارشيد، عند هذا الحد بل إستشهدت بمعطيات من منظمة الصحة العالمية تؤكد أن نسب ارتفاع الهرمونات المذكورة في دم إمرأة حامل في الأسبوع الثامن، كما تقول محاضر الشرطة في واقعة هاجر، تكون في أعلى نسبها من باقي فترات الحمل طيلة التسعة أشهر والعادي هي نسبة 90 ألف، أما الحد الأدنى فهو 30 ألف، بينما المسجل عند هاجر 13585.9 ألف، وبالتالي فإنها لحظة كانت في العيادة لم تكن حاملاً لأن هذه النسبة جد متدنية، ومنه فإن الطبيب لم يقم بالإجهاض.

من جهتها؛ النيابة العامة كان موقفها غير مفهوم حيث أنها بعدما اكتفت بتتبع والإستماع إلى تصريحات المتهمين أمام المحكمة من دون أن تطرح أي سؤال عليهم او تناقشهم، لم ترافع أيضاً رداً على ما جاء في مرافعات الدفاع، بل إنها لم تلتمس لا الإدانة ولا البراءة من المحكمة في النازلة مما فتح نوعاً من الأمل لدى المتضامنين مع الصحافية ومن معها من معتقلين، في انفراج محتمل.

الكلمة الأخيرة.. هاجر للقاضي: حتى لو حكمت ببرائتي كيف سأخرج للناس بعد أن تم التشهير بي وبعائلتي”

كانت لحظة الكلمة الأخيرة للمتهمين هي أكثر لحظات تأثراً، حيندما منحتهم المبحكمة اتلاكلمة قبل أن تعلن عن تاريخ اليوم الإثنين، للنطق بالحكم في القضية، كل الأنظار توجهت إلى هاجر الريسوني التي تمنّت لو أن النيابة العامة أصدرت بياناً يدين حملة التشهير والإساءة التي طالتها، مثلما أصدرت بياناً “يسيء” إليها ويتضمن اسمها وصفتها الكاملتين جرى بثه على قنوات التلفزيون وبقية وسائل الإعلام.

وبعدما أكدت براءتها من التهم الموجهة إليها، قالت الريسوني إن أقسى ما تعرضت إليه هو “حملة التشهير والإساءة”، مشيرةً إلى أنها حتى إذا نالت حكماً بالبراءة، فإنها لا تعرف كيف يمكنها أن تخرج إلى المجتمع من جديد وتواجه الناس بعد التشهير الذي تعرضت له.

ليقرر بعد ذلك القاضي غلق باب المناقشة وعرض الأدلة والحجج والحجج المضادة والتدافع القانوني، ويطلق مسلسل الإنتظار في قضية فجرت نقاشاً حقوقياً وسياسياً، وقانونياً، في جدوى قوانين تحاكم الحياة الشخصية للمواطنين وشريحة من المغاربة أعلنوا أنهم يرفضونها.

التعليقات على قبل ساعات من الحكم في قضية الصحافية هاجر الريسوني.. هل تستطيع مرافعة المحامية التي أسكتت النيابة العامة جلب البراءة للمتهمين؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

سابقة تاريخية.. إسم حزب الاستقلال مكتوب بحرف “التيفيناغ” والبركة للمؤتمرين: “نعتز باللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية”

قال نزار البركة الأمين العام لحزب الاستقلال خلال كلمته الافتتاحية، اليوم الجمعة، بمناسبة ا…