قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن نجاعة الاستثمارات العمومية وأثرها السوسيو-اقتصادي تظل أقل مما هو منتظر مقارنة مع بلدان أخرى.

وأوضح العثماني، في معرض رده على سؤال محوري حول موضوع “استراتيجية الحكومة في تدبير الاستثمار العمومي في أفق تحسين نجاعته” خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، أن مسألة ضعف مردودية الاستثمارات العمومية بالمغرب لا تخص الحكومة الحالية فقط، بل إن الأمر يتعلق بإكراه بنيوي تعاملت معه الحكومات المتعاقبة، مضيفا أن الحكومة تعمل من أجل إيجاد أجوبة مناسبة له.

وأشار في هذا السياق، إلى النقاش العمومي الدائر منذ سنوات، لاسيما داخل المؤسسات الاقتصادية الوطنية والدولية، حول ضرورة العمل على تمكين انعكاس نسب الاستثمار العالية المسجلة بقدر أكبر على مستوى معدلات النمو مقارنة مع مجموعة من الدول الصاعدة التي تسجل نسب استثمار مماثلة، مؤكدا أن المملكة مازالت في حاجة لتحقيق معدلات نمو عالية ومطردة، تساهم بشكل نوعي في توفير فرص شغل كافية للشباب والرفع من مستوى عيش السكان وإدماج الفئات الفقيرة والهشة.

واعتبر رئيس الحكومة أن هذا النقاش يتسم بالراهنية، في ظل الارتفاع المطرد لحاجيات التمويل الضرورية لتسريع مسار اللحاق الاقتصادي بركب الدول الصاعدة، لاسيما وأن ديمومة تمويل البنيات التحتية من الميزانية العامة أضحت تطرح إشكالية حقيقية، إلى جانب ضرورة الاحتراز من ارتفاع نسبة المديونية العمومية، وذلك رغم بداية الانخفاض الذي شهدته هذه النسبة سنة 2018.

وتوقف العثماني عند الدور الحيوي والهام الذي يضطلع به الاستثمار العمومي، باعتباره رافعة أساسية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني ودعم الاستثمار الخاص، وأداة للتأهيل الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وفك العزلة عن المناطق صعبة الولوج، من خلال الأوراش الكبرى للبنيات اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ والاستراتيجيات القطاعية وبرامج التنمية الحضرية والقروية المندمجة.

وشدد على أن الحكومة، ووعيا منها بأهمية الاستثمارات العمومية، التزمت بوضع نظام مندمج لتدبيرها وتقييمها، والرفع من جودة اختيار المشاريع الاستثمارية وسبل تنفيذها، بما يعود بالنفع على حياة المواطنات والمواطنين ويسهم في إنتاج الثروة وإحداث فرص الشغل، مشيرا إلى أن الاستثمار العمومي مكن من رفع القدرات الإنتاجية للاقتصاد المغربي وتحسين شروط الإنتاج والتصدير والتسويق من جهة، وإدماج فئات عريضة من المواطنين في الدينامية التنموية من جهة ثانية.

ولم يفت العثماني التأكيد على أن المغرب بذل خلال السنوات الأخيرة جهودا كبيرة في مجال الاستثمار العمومي، إذ ارتفع المبلغ الإجمالي للاستثمارات العمومية بنسبة 16,5 في المائة ما بين 2011 و2019، ليبلغ 30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مسجلا أن ارتفاع نسبة الاستثمارات العمومية، التي تشمل ميزانيات استثمارات الميزانية العامة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، “جعل المغرب يتبوأ مكانة رفيعة بين البلدان ذات أعلى معدلات الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

وأشار إلى أن الجهود الاستثمارية للقطاع العمومي تضاعفت خلال العقد الماضي، إذ ارتفعت من 90 مليار درهم في سنة 2007، إلى 195 مليار درهم في سنة 2019، كما عرف معدل ترحيل الاعتمادات تحسنا ملحوظا، حيث انتقل من 84 بالمائة سنة 2013 إلى 36 بالمائة سنة 2017، مسجلا بذلك انخفاضا سنويا متوسطا قدره 19 بالمائة خلال السنوات الأربع الأخيرة.

من جهة أخرى، أكد العثماني أن تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص “اختيار إرادي ومدخل أساسي لتعزيز الاستثمار العمومي وضمان ديمومته، وتحسين حكامته والرفع من فعاليته، بتوفير خدمة عمومية ذات جودة، وتخفيف العبء على ميزانية الدولة”، مستبعدا في هذا الصدد أن يشكل تشجيع هذه الشراكة تراجعا للدولة أو انسحابها من مسؤوليتها في مجال الاستثمار العمومي.

وأبرز أن هذه الشراكة من شأنها أن تسهم في تعزيز البنيات التحتية الضرورية وتقديم خدمة عمومية ذات جودة وتنافسية عالية، خصوصا أن عددا من الدراسات أظهرت أن المغرب مرشح للاستفادة من استخدام الشراكات بين القطاع العام والخاص لجذب تمويلات إضافية لإحداث البنيات التحتية وتعزيزها ولتحقيق مشاريع تنموية مختلفة، وهذا من شأنه، يوضح رئيس الحكومة، أن “يقلل من قيود الميزانية العامة، ويحسن من مردودية الاستثمار العمومي”.

وأضاف أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تكون، في حال تنفيذها وفق استراتيجية مدروسة، “أداة فعالة لتحقيق أهداف إنتاج الثروة وإحداث فرص الشغل، وتحسين المالية العمومية”، مسجلا أن استخدام هذه الآلية، سيمكن الحكومة من توزيع موارد الميزانية العامة وتوجيهها بشكل استراتيجي، مما سيسمح بتوفير موارد إضافية لرفع الاستثمار العام في القطاعات الاجتماعية.

ومن أجل تحسين الإطار القانوني لهذه الشراكة، ذكر السيد العثماني بأن الحكومة صادقت على مشروع القانون 46.18 القاضي بتعديل القانون رقم 86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص بتاريخ 25 أبريل 2019، وهو مشروع القانون الذي سيحال على البرلمان خلال الأسابيع المقبلة.

وأوضح أن هذا المشروع يروم معالجة بعض الإشكالات المتعلقة ببطء تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يجعلها أكثر مرونة وجاذبية للمستثمرين الخواص، وتوفير خدمات وبنيات تحتية إدارية واجتماعية واقتصادية من شأنها إعطاء نفس جديد لدينامية التنمية وتحسين ظروف عيش المواطن، كما سيمكن من وضع استراتيجية مجالية في مجال الشراكة، تراعي خصوصيات الشأن الجهوي والمحلي.

التعليقات على وأخيرا قال الحقيقة.. العثماني: أثر الاستثمارات العمومية السوسيو-اقتصادي أقل مما هو منتظر مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

فاس.. قتل شخص وإضرام النار في جسده لإخفاء معالم الجريمة

تمكنت عناصر الشرطة بولاية أمن فاس بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ا…